شارك فيلم " مايبقى في الواد غير احجاروا" للمخرج جان بيار ليدو مؤخرا ضمن قائمة 350 فيلم للعرض في مهرجان تورونتو الدولي، من بين اكبر المهرجانات السينمائية عالميا والذي تتواصل فعالياته حاليا في كندا منذ افتتاحه الأسبوع المنصرم. هي أول مشاركة لليدو ضمن هذا الحدث السنوي الذي يعتبر قبلة اكبر الفاعلين في مجال السينما و الصناعة السينمائية من منتجين ، مخرجين و ممثلين.حيث قام باحداث تعديلات في مادة و عنوان الفيلم دون المساس بمضمونه الجوهري ليصبح " الجزائر: حكايات ليست للبوح" . عمل وثائقي يتناول شهادات أربعة شخصيات تتذكر ماضيها و تسترجع ذكرياتها عن فترة الاستعمار سنوات الخمسينيات من خلال التعايش بين مختلف الفئات المسلمة و اليهودية و المسيحية، على غرار تجاوز الجانب الإنساني العلاقة بين المستعمر و المستعمر. الفيلم عرض ثلاث مرات على الجمهور و مرتين على أصحاب الأعمال في سوق السينما . وسبق للعمل أن تم منعه من العرض بموجب قرار من وزارة الثقافة، حيث كان مزمعا خروجه العالمي إلى القاعات شهر جوان الماضي في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007 و أرجعت الوزارة السبب إلى إخلال المخرج بالتزاماته ضمن العقد المبرم بينه و بين هذه الأخيرة و بالأخص في قضية مدة الفيلم التي تجاوزت 58 دقيقة المتفق عليها في العقد . و رغم ذلك يتوجه ليدو إلى الشاشات العالمية حيث الفرصة للترويج لنقاش لازال في بدايته حتى ينطلق إلى ماوراء الحدود ،" منذ هذه الحادثة المؤسفة التي أثبتت أن الدولة تعتبر نفسها المصدر الوحيد للتاريخ ، قررت إحداث بعد التعديلات على الفيلم "، ربما تعتبر ذريعة أو وسيلة للهروب بالفيلم من الحدود الجغرافية لقاعات السينما الجزائرية و حسب المخرج إحدى الشخصيات المشاركة في الفيلم طلبت منه عدم الظهور في الشريط ليحذف الجزء الذي تم تصويره بقسنطينة و المتعلق بماضي السكان اليهود بالمنطقة حيث ركز على قضية اغتيال الشيخ الريمون فنان يهودي الأصل، احد عمالقة فن المالوف، و بالتالي تقلص مدة الفيلم من قرابة الثلاث ساعات الى مدة ساعة و35 دقيقة، كما تم تغيير عنوان الفيلم من "مايبقى في الواد غير احجاروا" الى" الجزائر: حكايات ليست للبوح"، و هو عنوان يحمل أكثر من دلالة للتمعن في مضمونه الذي يتداخل بشكل معقد مع مصداقية المبادرة، سيما في قضية التطرق إلى الجرائم المرتكبة من طرف جيش التحرير الوطني في حق أفراد عزل من المعمرين، و التي جاءت حسب الشهادات تحت أوامر قادة المناطق العسكريين ذكر من بينهم زيغوت يوسف احد رموز الثورة الجزائرية، أو كذا الجرائم التي ارتكبت في وهران يوم الاستقلال و التي زهقت فيها أرواح مدنيين أوروبيين بسطاء ، و دائما تحت لواء أطراف لم ترغب في بقاء الأقدام السوداء في الجزائر بعد الاستقلال، و لقد أعيب على المخرج محاولة توجيه شخصياته للانطواء على هذه الفكرة المركزة حول إظهار الوجه الأسود لحرب الجزائر، جانب التجاوزات و الانتهاكات في حق الغير ، تنم عن رغبة في المراوغة و إحداث الجدل، و كان للإعلام الدور الأهم في إجهاض "خرجة" ليدو. هذا الأخير مازال متمسكا بموقفه الذي يظهر بجلاء كخلفية في الفيلم ، " لكل بلد تاريخ اسود، الجزائر كذلك"، متهما وزارة الثقافة بالرقابة و الإقصاء.و سواء كان الهدف في إثارة الجدال أم بعث النقاش، تجد السينما الجزائرية طريقها في المراوغة ، أمام العجز الفادح في فرض منطق الحوار و النقاش ، و إسدال الستار عن مسلسل طابوهات التاريخ . فيما نجح ليدو في فتح صفحة جديدة في تاريخ السينما الجزائرية، السينما "الحراقة". فاطمة بارودي