قال محمد البلتاجي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة إنه لا يمكن أن نعول على مواقف الإدارة الأمريكية لأنها جزء من ترتيبات الإنقلاب العسكري، كما أكد أنه لا يمكن التفاوض على قاعدة التسليم بالأمر الواقع من إنقلاب عسكري، وما ترتب عليه من آثار، ووصف الدعوات لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بأنها "حمقاء" ويجب أن يحاكم ويحاسب كل من دعوا إليها. كيف ترى زيارة عضوا الكونجرس الأمريكي لمصر مؤخراً وتصريحاتهما التي تدل ضمنياً على الإعتراف بانقلاب عسكري؟ نحن في ثلاث حقائق، الأولى بأن السفير والسفارة الأمريكية في مصر كانت جزء من ترتيبات هذا الإنقلاب طوال الوقت، والثانية أن موقف الإدارة الأمريكية منذ إعلان الإنقلاب حتى الآن كان محل سخط الشعب المصري لأنه كان موقفا منحازا للإنقلاب وأيده، وكان جزءا من دعمه طوال الوقت، سواء فيما يتعلق بالإنقلاب على الديمقراطية أو بالانتهاك الواسع لحقوق الإنسان التي حدثت في ميادين التظاهر والثورة السلمية.. الأمر الثالث أن مواقف أعضاء الكونجرس الأمريكي اليوم كانت مغايرة إلى حد كبير لموقف السفارة والإدارة الأمريكية، فاعترفت بأن هذا إنقلاب عسكري وأن الموجودين في السُلطة الآن لا يمثلون أي تجربة ديمقراطية أو إنتخابية أو تمثيل حقيقي لهذا الشعب .
بعد تصريحات عضوا الكونجرس الأمريكي والمغايرة لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي قبلها.. هل يُفهم من ذلك أن هناك تخبط في الموقف الأمريكي تجاه ما حدث ويحدث في مصر؟ موقف وزير الخارجية الأمريكي كان محل إدانة منا بشكل واضح لأنه مس حالة الدعم للإنقلاب والإنقلابيين على تجربة الديمقراطية المصرية.. لا أعلم ماذا سيحدث في الفترة القادمة، وهل ستغير الإدارة الأمريكية مواقفها أم لا، ولكن في كل الأحوال نحن لا نعول ولا ننتظر نصرة من الإدارة الأمريكية لأننا نؤمن أنها كانت جزءا من ترتيبات هذا الإنقلاب، نحن نعول على شعوب العالم الحر في أن الصورة تكون أكثر وضوحاً بعد تصريحات عضوا الكونجرس من أننا أمام إنقلاب عسكري كامل الأركان، وبالتالي تضغط شعوب العالم الحر جميعاً على حكوماتهم من أجل رفض التعامل مع المؤسسات المنبثقة عن هذا الإنقلاب العسكري وننتظر من الجميع أن يضعوا أنفسهم موقف مسؤولية لأن شعوبنا لن ترحم من وقف مع الإنقلاب ومن تآمر على حق هذا الشعب في الحرية والديمقراطية.
هل أحدثت زيارة كاترين آشتون الأخيرة لمصر أثراً إيجابياً على الأزمة الراهنة؟ زيارة آشتون وبقاء مندوبها بعد سفرها وكذلك زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي خلال الأيام الماضية لم يقدم أي جديد، نحن التقينا الجميع لأن هناك محاولة لتصويرنا على أننا في الجانب المتعنت الرافض للحلول السياسة والحوار حول المخارج للأزمة السياسية، وهذا غير صحيح، نحن أصحاب قضية عادلة ندافع عنها بموضوعية ومنفتحون لأي حوار، لكن على قاعدة كيف ينتهي هذا الإنقلاب العسكري، وكيف تعود الشرعية الدستورية مرة ثانية وليس على قاعدة التسليم بالأمر الواقع والإستسلام بالإنقلاب العسكري.
من يقرر من طرفكم عند طرح المبادرات والدخول في مفاوضات بقبولها من عدمه أو التعديل والنقاش فيها؟ هذا يعيدنا إلى محاولات خبيثة كانت خلال الأيام الماضية لتصوير المشهد على أنها معركة مع الإخوان المسلمين، وبالتالي حرص الأطراف الدولية على أن تلتقي مع المرشد العام للإخوان المسلمين أو نائبه المهندس خيرت الشاطر أو الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة وتصور هذا على أنها اتفاقات ومفاوضات بين الإخوان المسلمين وأطراف دولية.. أؤكد أن مرشد الإخوان المسلمين أو نائبه أو رئيس حزب الحرية والعدالة يمكن أن يكونوا أطرافاً في هذه المفاوضات وخاصة في السجن وخارج المشهد السياسي العام، نحن قلنا وبشكل واضح أن صاحب الحق في التفاوض باسم الشعب هو فقط الرئيس مرسي لأنه الذي انتخبه الشعب ليعبر عنه، وبالتالي إذا ما كانوا يريدون حلولاً للأزمة السياسية فلابد من خروج الدكتور مرسي والتحاور والتفاوض معه.. الأمر الثاني وهو أن ما يمثل الحالة الثورية الموجودة في الميادين ليس المرشد العام ولا نوابه ولا رئيس حزب الحرية والعدالة، ولكن التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الإنقلاب بمجموع الأحزاب والقوى الثورية المشاركة فيه، وبالتالي أعلنا موقفنا بشكل واضح أننا كتحالف نرفض أي حوار ينبني على أي قاعدة التسليم بالإنقلاب أو التعامل معه كأمر واقع.
كيف ترى الدعوات لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ولو بالقوة وما عواقب ذلك؟ نحن أمام حالة شعبية ثورية سلمية أبهرت وأربكت الإنقلابيين، الفريق السيسي كان يتحدث منذ فترة قليلة عن طلب تفويض لإنهاء كل هذه الإعتصامات خلال 48 ساعة، ثم أدرك أنه أمام مأزق يمكن أن يجره إلى محكمة الجنايات الدولية، خاصة جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها في أحداث الحرس الجمهوري وأحداث المنصة، وبالتالي أصبح يحاول أن يورط وزير الداخلية في هذا المشهد ووزير الداخلية يخرج ليصرح أنه سيفض الإعتصامات في خلال ساعات.. ثم أدرك الجميع أنهم لا يستطيعون أن يقدموا على هذه الخطوة الحمقاء التي لابد أن يُحاكموا ويُحاسبوا عليها .. وبالتالي أصبح الحديث يدور عن محاصرة ميدان رابعة العدوية ومطالبة المعتصمين بالعودة إلى منازلهم وتوفير المواصلات المجانية لهم وكل هذه المحاولات باءت بالفشل، نحن أمام مشهد ثوري سلمي حقيقي يعرف مطالبه وأهدافه وسيستمر حتى يحقق أهدافه، والتي ليست فقط عودة الشرعية والرئيس والبرلمان المنتخب والدستور المستفتى عليه وعودة الجيش لثكناته وخروجه من المشهد السياسي وعدم تدخله مرة ثانية حتى لا تتكرر هذه الإنقلابات في الحالة السياسية المصرية مرة ثانية، وأهدافه أيضاً إعادة بناء المؤسسات الأمنية والقضائية والإعلامية حتى لا تنجح الثورة المضادة ولا تنجح قوى النظام السابق في إعادة إنتاج نظام مبارك مرة أخرى، وأيضاً محاكمة القتلة وكل من تلطخت أيديهم بدماء الشهداء.
ما هي الإستعدادات في رابعة والنهضة للتصدي لأي محاولات لفض الإعتصام أو اعتداءات من بلطجية؟ لنا الحق في تأمين المكان بشكل سلمي يمنع أي محاولة للاعتداء على المتظاهرين، خاصة من قبل البلطجية بعد تراجع القوات المسلحة وإرتباك الداخلية في التعامل مع المشهد ومحاولة الدفع المتكرر للبلطجية بالإعتداء علينا، أكيد الإستعدادات تُدرس بوسائلها القانونية الدستورية السلمية.. لكن أؤكد أن محاولة فض الإعتصام لن ينهي حالة المقاومة السلمية ضد هذا الإنقلاب بل سيزيدها إشتعالاً ومئات الآلاف الموجودة في الميادين، سيصبح كل منها ميداناً جديداً، وبالتالي سيكون لدينا بدلاً من ميدان رابعة العدوية آلاف ميادين رابعة العدوية والنهضة وستستمر في حالة مقاومة سلمية حتى ينتهي الإنقلاب.
يثار بأن هناك أسلحة في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة مما يجعلهما يشكلان خطراً على الأمن القومي؟ هذه هي طبيعة النظام البوليسي لنظام مبارك وحبيب العادلي طوال عشرات السنين، العالم كله رأى في أول يناير2011 مع تزوير آخر إنتخابات برلمانية في حياة مصر قبل الثورة بركان ينفجر في الحياة المصرية ويهدد الوحدة الوطنية اسمه "تفجير كنيسة القديسين" في الإسكندرية على يد إسلاميين متطرفين في ليلة عيد الميلاد، وفي لحظة الإحتفال به في منتصف الليل، ثم يتبين لنا بعد الثورة أنه لم يكن تفجيراً ولا تهديداً من متشددين إسلاميين، ولكنه كان عملاً مخابراتياً أمنياً صنعته أمن الدولة والمخابرات من أجل التغطية على الواقع السياسي في تزوير الإنتخابات البرلمانية .. عادت الإدارات الأمنية من المخابرات وأمن الدولة لإنتهاجه مرة أخرى، والحديث بدلاً من أن يجيبوا على السؤال من يقتل المصريين في وقائع القتل التي حدثت في ميادين الثورة، بما في ذلك من قتل المصريين أمام الحرس الجمهوري وأمام النصب التذكاري وفي المنصورة وغيرها، ومن حرق المقرات في كل محافظات مصر ومن حرق سميراميس أمام أعين الداخلية وحمايتها .. بدلاً من أن يجيبوا على السؤال يتحدثون عن وجود سلاح في رابعة العدوية أين هذا السلاح؟! نحن دعونا كافة المؤسسات الحقوقية الدولية للتفتيش وهم جاؤوا وزاروا الخيام ودخلوا كل المواقع في رابعة العدوية ولم يجدوا شيئاً، ولكن نحن أمام نكتة واضحة فالذي يتحدث عن الإرهاب والعنف والسلاح هو من يراه العالم كل يوم يرتكب المجازر الدموية والإبادة الجماعية ويقتل المئات وليس العشرات من المعتصمين السلميين.
وماذا عن استخدام الأطفال في اعتصام رابعة كدروع بشرية؟ أيضاً هذا تناقض سخيف من الذين كانوا يفاخرون العالم في 25 يناير بأن هذه ثورة شعب بكل مكوناته بما فيه الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وهم اليوم يقولون للمرأة التي قُتل زوجها في الإعتصام عودي إلى بيتك ولا تشاركي لا في فاعلية سياسية ولا ثورية ولا حتى في الإحتجاج على قتل زوجك وابنك وأخيكِ، يقولون للطفل الذي يشارك في هذه الحالة الثورية إيماناً منه بأنه يحمي مستقبله ضد الدولة العسكرية البوليسية لا تبكي على قتل أبيك وقتل أخيك وأهلك والذين قُتلوا على يد العسكر والشرطة في الأيام الماضية.. هؤلاء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب يشاركون في صناعة تاريخ هذا الوطن وحقه في الدولة المدنية الديمقراطية ورفضه للدولة العسكرية البوليسية.