أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية وقبله وبعده تكثر التحليلات والتنبؤات، لاسيما في مثل هذا الجو المتناقض المشحون في الساحة العربية.. الا ان القليل منا من يرى انعكاس خطواتنا على إسرائيل وأفكارها التي تتمثل في أقوال الصهاينة الكتاب والساسة. اذ نكتشف ان القوم عمليون وغير لاهين عن تطور الاوضاع في جبهتنا، ولعل الكيان الصهيوني هو الجهة الاكثر في العالم تحليلا وبحثا لما يصدر عنا من مواقف أو أفكار.. إنهم في إسرائيل يعطون الصراع أهمية قصوى ولا يغفلون عن شيء في دائرة الصراع.. ولهذا كان لابد من قراءة انعكاسات خطواتنا المضطربة والمتناقضة في حلبة الصراع عليهم.الكاتب الصحفي الإسرائيلي عكيفا الدار كتب أخيرا مقالا في صحيفة هآرتس الصهيونية يرصد من خلاله تعامل الحكومة الاسرائيلية مع مسارات التفاوض مع أطراف الصراع العربية ليكشف عن حقيقة مهمة وهي انه رغم اهتمام إسرائيل بعقد الصفقات الأمنية والسياسية والتجارية مع الدول العربية، الا ان إسرائيل تعتبر ان المسار الفلسطيني الإسرائيلي هو الاخطر لما له من تشابكات: (القدس مقدسة للعرب، بما في ذلك الفلسطينيون، ليس مثلما هي مجدل شمس السورية بالجولان. ان اتفاق سلام مع الفلسطينيين يقترح حلا متفقا عليه للخلاف في موضوع الحرم، من المتوقع أن يحدث تغييرا جوهريا في علاقات إسرائيل مع العالم العربي والاسلامي. من الصعب الافتراض أن يتم مثل هذا التغيير في أعقاب سلام مع سوريا، في الوقت الذي يتواصل فيه النزاع الدموي مع الفلسطينيين والذي تقع في مركزه مسألة القدس ومشكلة اللاجئين).من هنا كان على الحكام العرب ان لا يعتقدوا أنهم يملكون أوراق ضغط على إسرائيل او مغريات لقبول مبادرتهم العتيدة ..إسرائيل لا تخشى من النظام العربي وهي تملك ان ترهقه، كما أن كثيرا من أطراف النظام العربي يسعى لدى الأمريكان نحو علاقات آمنة مع اسرائيل، وقد تبين ان لا أحد يملك أوراق ضغط.. فكل دول الجوار لا تستطيع ان تعطي إسرائيل، رغم اتفاقيات السلام، الإحساس بأن الخطر قد زال.. وستبقى القضية الفلسطينية، الانسان والارض والمقدسات القلق والخطر المعلق على رأس الكيان الصهيوني.ومن هنا أيضا، كان على الفلسطينيين ان لا يتعجلوا أمرهم باتفاقيات كيفما اتفق، لانهم هم حجر الزاوية ولا يستطيع أحد أن يتجاوزهم ولا داعي للقلق، فلا اللاعبين الاقليميين قادرين ولا إسرائيل ان ينهوا القضية .. ان التماسك الفلسطيني على صعيد الوحدة الوطنية وعلى صعيد الموقف السياسي شرط جوهري لتركيع الكيان الصهيوني وإخضاعه للقبول بالمبادرات والقرارات الدولية..ولا شيء بديل عن ذلك..