أكد مربو النحل والجمعيات المشاركة في المعرض الوطني للعسل المنظم ببلدية جسر قسنطينة للشروق اليومي أن السبب الرئيسي وراء تراجع مهنة تربية النحل وانخفاض نسبة إنتاج العسل في الجزائر، يرجع إلى الفراغ القانوني الذي يكتنف شروط تسويق المنتوج وتصديره للخارج، إلى جانب نقص الرقابة على مستوى ميناء الجزائر . المنافسة الأجنبية وراء تراجع نشاط مربي النحل في الجزائر انخفضت نسبة إنتاج العسل في الجزائر هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية من 500 قنطار إلى 200 قنطار حسب ما أكدته مصادر مقربة "للشروق" بسبب الإحتكار المفروض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من قبل المنتوج المستورد من الخارج في ظل غياب الرقابة و القانون الذي يحدد شروط تسويق العسل في الجزائر، وهو ما فتح المجال للإستيراد أطنان من العسل من دول أجنبية، رغم أنه في غالب الأحيان لا يطابق الشروط، لكن هاته المنافسة كانت حكرا على المنتوج الجزائري الذي أكد الخبراء أنه من أجود أنواع العسل خاصة المتواجد في منطقة القبائل. وقد أدت المنافسة إلى عزوف العديد من مربي النحل في الجزائر عن مزاولة نشاطهم . أما مدير تعاونية تربية النحل لولاية الجزائر السيد شاوش حسان فيرى أن المشكل يعود إلى نقص الإعلام بالدرجة الأولى فيما يخص ثقافة تربية النحل في الجزائر ، و أضحى الإهتمام منصبا على كل ما هو سياسي بالدرجة الأولى ، مضيفا أن تربية النحل في الجزائر غير مؤهلة لتغطية السوق الجزائرية نظرا لنقص الإمكانيات. دراسة: 81 بالمائة من العسل المستورد يخالف المقاييس أثبتت دراسة قام بها مخبر البحث عن الصناعات الغذائية بولاية بومرداس مؤخرا أن حوالي 81 بالمائة من العسل المستورد لا يراعي المقاييس العالمية كما أن 61 بالمائة من الجزائريين يفضلون العسل الداكن المعبئ في الأكواب و هي المواصفات التي تلجأ إليها بعض الدول المصدرة للعسل لمغالطة الزبون الجزائري، وأثبتت الدراسة أن العسل المستورد يتوفر على نسبة عالية من الحموضة ويتكون من سكر مصطنع ، ويحتوي على مركب جزئي يدل على قدمه . وتؤكد المعطيات التي قام بها المخبر نفسه من خلال إجراء التحاليل على 16 نوع من العسل المستورد أثبتت أن العسل منزوع من حبوب الطلع وهو ما يصعب عملية تحديد البلد المنتج . وفي هذا الصدد صرح لنا رئيس جمعية مربي النحل لولاية البليدة حمزاوي محمد أن العسل المستورد لا يحدد البلد الذي أنتج فيه ، ومثال ذلك عسل" الشفاء" الذي حجزت منه السلطات كميات معتبرة من السوق، مستورد من السعودية لكن البلد المنتج غير مدون على العلبة، وأضاف أن مشكل غزو العسل المستورد مرجعه أساسا غياب المخابر المتخصصة لإجراء التحاليل الدقيقة له عكس ما هو مطبق في الدول الأوروبية، حيث منع أحد مربيي النحل في الجزائر عرض منتوجه في الصالون الفرنسي للعسل المنظم السنة الماضية كما أن منتوجه لم يتجاوز المطار بعد أن أثبتت التحاليل التي أجرتها مصالح الجمارك عدم موافقتها للقوانين . في سياق متصل أوضح السيد حمزاوي أن شروط الحفظ غير الملائمة قد تساهم في إتلاف منتوج العسل مؤكدا أن درجة الحرارة لحفظه لا يجب أن تتجاوز 42 درجة مئوية ، يحفظ في مكان بعيد عن الرطوبة ، وفي حالة ما إذا تعرض لدرجة حرارة عالية يفقد فوائده، واستبعد المتحدث أن تكون هاته الشروط محترمة خاصة إذ تم استيراد المنتوج عبر البواخر. محترفون يؤكدون أن التغيرات المناخية وراء تدهور المنتوج يرى بعض مربو النحل أن التغيرات المناخية ساهمت هي الأخرى في تراجع نسبة إنتاج العسل هذه السنة ، حيث أدت الثلوج التي عرفتها الجزائر في السنة الماضية إلى إتلاف آلاف خلايا النحل ، بالمقابل لم يتلقو الدعم الحكومي ولم يعوض مربو النحل عن تلك الخلايا المتلفة . وفي هذا الصدد يقول أحد مربيي النحل بتسالة المرجة ببئر توتة الذي انخفضت نسبة منتوجه هو الآخر، أن السبب يعود إلى سقوط كميات معتبر ة من الأمطار خلال شهر افريل في غير موسمها ومع تحسن الأجواء تساقطت الأزهار التي يمتص من رحيقها النحل. في حين أكد مدير تعاونية تربية النحل لولاية الجزائر أن الحرائق أيضا ساهمت في انخفاض نسبة إنتاج العسل بسبب تضرر خلايا النحل ، حيث أتلف حريق بني دوالة بولاية تيزي وزو على سبيل المثال 500خلية ، لم تعوض لصاحبها و لم يؤمن عنها . الدعم الحكومي سلبي أكثر منه إيجابي قال السيد حمزاوي أن الدعم الحكومي اجتماعي أكثر منه تحفيزي حيث كان من المفروض تشجيع المنظمات و التعاونيات التي أعطت دفعا لمهنة تربية النحل وظلوا متمسكين بها رغم الظروف، وليس تدعيم الشباب الذين يجهلون ثقافة تربية النحل . من جهتهم طالب بعض مربو النحل من الحكومة دعمهم بالأدوية الملائمة لأن النحل يحتاج للدواء ثلاث مرات في السنة ونظرا لغلاء الدواء فإنه ليس بمقدور كل مربو النحل اقتنائه. فيما دعا مدير تعاونية النحل للعاصمة تأمين المتضررين وكدا فرض الرقابة على التأمين، إلى جانب إيجاد حلول لفتح باب الحوار بين منتجي النحل و المسؤولين . من جهة اخرى فقج دعا أصحاب تعاونيات تربية النحل في الجزائر إلى العمل على إعداد وتعديل النصوص القانونية الخاصة بتربية النحل اخذين بعين الإعتبار خصوصيات المهنة في الجزائر ، والمشاركة في وضع برنامج تكوين مهني بالتعاون مع السلطات العمومية في هدا المجال. استطلاع: سليمة حمادي