شرع أمس فوج مشكل من 22 سائحا فرنسيا في تأدية طقوس الحج على الطريقة المسيحية بولاية تمنراست، أحيوا خلالها ذكرى الأب "شارل دوفوكو"، وهو قديس فرنسي عاش سنوات طويلة في الصحراء قبل أن يعدم رميا بالرصاص من طرف مسلحين سنة 1916. ولاية تمنراست تعيش هذه الأيام حركة غير عادية لأفواج السياح الأجانب الذين يقومون برحلات حج منتظمة إلى منطقة "الأسكرام" المكان الذي بنى فيه الأب "فوكو" كنيسة صغيرة تأوي سكان الصحراء في حال داهمهم الخطر، وبقيت أعماله يخلدها عدد كبير من المسيحيين الفرنسيين، خاصة ويقومون سنويا بإحيائها عن طريق "الحج" في رحلة تسمى "على آثار الأب شارل دوفوكو". فمنذ سنتين تقريبا، بدأ رسميا الحج إلى الأسكرام، وهي منطقة معزولة وصخرية تبعد حوالي 80 كلم يقضي فيها الحجاج ليلة كاملة في العراء يتعبدون فيها ويمارسون طقوسهم الدينية، حيث كانت تشرف على تنظيم هذه الرحلات وكالة فرنسية تدعى »طريق الرمال« قبل أن تتوقف هذه السنة عن تنظيم موسم الحج إلى تمنراست، فقد حلت محلها الوكالة الفرنسية "الطريق الإنجيلي" التي نظمت موسم الحج هذه السنة بإيفاد 22 فرنسيا كلهم كبار السن بالتنسيق مع الديوان الوطني للسياحة بولاية تمنراست. الفوج قدم من ليون يوم 10 نوفمبر الجاري إلى الجزائر العاصمة في رحلة سياحة دينية زاروا فيها مواقع أثرية مسيحية ككنيسة السيدة الإفريقية، ثم انتقلوا بعدها إلى بشار، ثم مدينة بني عباس على الحدود الجزائرية المغربية، ثم تيميمون وصولا إلى غرداية، ثم تمنراست على متن طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية. فالطريق الذي إتبعه هؤلاء السياح كان الطريق الذي سلكه الأب فوكو خلال تواجده في الجزائر، ليستقر بعدها في الأسكرام للتعبد ويكرس حياته للكتابة والتعليم، فهو من الأوائل الذين ألفوا معجما للغة الأمازيغية "تاماشق" بالترڤية. وخلال رحلتهم إلى تمنراست إلتقى السياح الفرنسيون بعدد كبير من المسيحيين المقيميين بحي قطع الوادي بتمنراست وهو حي شعبي لازال يقيم فيه "الأب" أنطوان، أحد أكبر المسيحيين بالمنطقة، وهو من يصلي بالسياح ويرافقهم خلال موسم الحج إلى الأسكرام الذي إنطلق أمس، ثم يعود الحجاج إلى تمنراست وبالضبط إلى المكان المسمى "القصر الفوقاني" أين اغتيل الأب "فوكو". ويعتبر موسم الحج إلى الأسكرام حدثا هاما في ولاية تمنراست، يهتم به جميع السكان، خاصة من التوراڤ الذين يعتبرن أنفسهم أصدقاء للأب فوكو، وهو في الأصل كان ضابطا في الجيش الفرنسي، وطرد منه بسبب عدم الإنضباط وعاد إليه مرة أخرى، ثم قدم إستقالته من صفوفه وعمره 24 سنة، وتفرغ للعمل الديني، وتم إعلانه "أب" من طرف الكنيسة، وطلب العيش في الصحراء، وإختار الإقامة في بني عباس قرب المغرب لمدة سنة، ثم توجه إلى الهڤار وإستقر سنة 1905 في مدينة تمنراست و رحل بعدها سنة 1911 وأقام في "كنيسة صغيرة" بناها في منطقة الأسكرام وتعرض إلى عملية إغتيال في جوان 1916. ليلى مصلوب