يقصد أكثر من ثمانية آلاف سائح أجنبي ولاية تمنراست سنويا، أغلبهم فرنسيون شيوخ يعشقون الصحراء الجزائرية والسياحة الدينية المنتعشة في المنطقة بسبب التبشير المنتشر بقوة في الولاية والمعالم الدينية المسيحية اشهرها "خلوة" الأب دوفوكو وكنيسته، وبيت الأب أنطوان الذي يصلي بالمسيحيين القادمين من أوروبا في الحي الشعبي "قطع الوادي". كما تستهوي السياحة الاستكشافية والمغامراتية عددا كبيرا من السياح الألمان والسويسريين والبلجيكيين وقليل من الأمريكيين يزورون معالم تاريخية وآثار طبيعية نادرة الوجود في العالم انفردت بها صحراء الجزائر في حظيرة الهڤار التي صنفتها اليونيسكو ضمن التراث العالمي المحفوظ. ويعتبر الأهڤار متحفا طبيعيا بهضبتيه تادمايت وتينغرث وسهوله البركانية الاصل الممتدة من تمنراست حتى جانت تشكل كتلا معزولة أهمها انفوغاس في تين زواتين، وتجلب الأنظار خنادق محيطة من انهيارات دائرية الشكل علوها يصل 800 متر، ثم تأتي جبال التاسيلي وهي تشكيلات جيولوجية تعود الى العصر الجليدي الاول وتمثل الحزام الخارجي للأهڤار، أما القيمة التاريخية للحظيرة فتعكسها نقوش وكتابات التيفينغ ولوحات صخرية تعود الى 600 ألف سنة تؤكد وجود حضارات في منطقة الصحراء سبقت حضارة الفراعنة. فولاية تمنراست أغنى منطقة سياحية في الجزائر حتى من الجانب الاجتماعي، فهي تعيش أكثر الطقوس والاحتفالات الشعبية والأعياد المحلية كعيد الربيع أو ما يسمى "التافسيت" والأسيهار، وهو معارض تجارية تفتتح شهري جانفي وفيفري وجملة من الزيارات والوعدات التي تشكل جزءا لا يتجزء من ثقافة ووجود سكان الصحراء. فالمواقع الأثرية والطبيعية لا تعد ولا تحصى، روائع تشد الزائرين خاصة في بعض المناطق الرطبة أين يعيش عدد كبير من أنواع الطيور النادرة والأسماك، ونظرا للإمكانيات الهامة التي تتوفر عليها المنطقة تم تخصيص منطقتين للتوسع السياحي، الاولى بتمنراست على مساحة 25 هكتارا والثانية بمنطقة أيدلس على مساحة 3 هكتارات. رغم وجود كل هذه التحف الطبيعية النادرة في حظيرة الأهقار إلا أن الجانب الاقتصادي للسياحة يعتبره الكثير غير كاف، بل يكاد يكون منعدما، وأن السياحة ببعدها الاقتصادي في ولاية تمنراست هي مجرد أكذوبة، فرقم 8 آلاف سائح سنويا قد يظهر رقما كبيرا بالنسبة لنا، لكنه قليل اذا ما قارناه بدول الجوار كالمغرب وتونس، دولتين يزورهما سنويا بين المليون ونصف المليون سائح سنويا ومداخيل السياحة تفوق مداخيل النفط والصناعات في بعض البلدان. ففي تمنراست تنشط أكثر من 80 وكالة سياحية، 6 فنادق و15 مخيما و13 جمعية وديوان سياحة، فقد حققت الوكالات المعتمدة من طرف وزارة السياحة رقم أعمال بلغ 26 مليار سنتيم في السنة، وهو رقم لا يعكس أية حقيقة اقتصادية للسياحة الصحراوية، كما أن هناك وكالات لم تنشط بسبب بعض العراقيل، مما أدى بسحب الترخيص منها. ويقول بعض التجار في الولاية إن هؤلاء السياح لا ينفقون أموالهم وتقتصر نفقاتهم على استئجار سيارات واقتناء بعض الصناعات التقليدية، كما أنهم يميلون لقضاء لياليهم في المخيمات بدلا من الفنادق ويقتنون الملابس المستعملة ويحضرون معهم البن والحليب المجفف وعلب المصبرات وكل ما يحتاجون إليه خلال جولتهم في المنطقة، وهذه حقيقة صرح لنا بها عدد كبير من تجار المساحات الكبرى. فإذا قارنا بين قيمة المنطقة وجمالها وما تقدمه للسياح من روعة الطبيعة وعالم الاستكشافات وبين ما ينفقه هؤلاء السياح خلال تواجدهم بالجزائر نجد أن العامل الاقتصادي للسياحة الصحراوية أقرب "للأكذوبة"منه الى الحقيقة. ليلى مصلوب