الهوشة والضربة المرعوشة بين الحاج روراوة ووحيد حاليلوزيتش، تدفع بأيّ ملاحظ، إلى رسم علامات استفهام وتعجب أمام هذا "الانقلاب" المفاجئ والمباغت وغير المفهوم: فهل هو سوء تفاهم؟ هل هو اختلاف أم خلاف؟ هل هي البداية أم النهاية؟ ومن الرابح والخاسر، والغالب والمغلوب في هذه المعركة التي تسبق أم المعارك بالبرازيل؟ نحن الجزائريين، نرفض أن "الخبز ياكلو البراني"، ولذلك، وقف الكثير ضد "حاليلو" عند استخلافه برابح سعدان. لكن، آخرون دافعوا حينها عن خيار "المدرب الأجنبي"، من باب "إنقاذ" المنتخب الوطني، والدفاع عن هذا المنطق، لا يخصّ فقط لعبة كرة القدم، ولكن عملية استيراد "الأيادي العاملة" وحتى "الكرعين" من الخارج، متواصل على عدّة أصعدة وقطاعات منذ سنوات! نعم، المشكل ليس في توظيف "حاليلو" أو أيّ أجنبي هنا في الجزائر، لكن عندما يتجاوز هذا أو غيره حدوده وكلّ "الخطوط الحمراء" وحتى البيضاء والسوداء والخضراء، وكلّ ألوان قوس قزح، فمن الطبيعي أن ينتفض ويثور كلّ حامل للجنسية الجزائرية! أهلا وسهلا بكلّ أجنبي يتم استدعاؤه أو دعوته أو الاستعانة به في الجزائر، سواء في الرياضة أم الاقتصاد أم الصناعة أم البناء أم الاستثمارات، لكن لا أهلا ولا سهلا ولا مرحبا بأيّ أجنبي يُحاول حشر أنفه في ما لا يعنيه، ولا عجب إذا سمع بعدها ما لا يُرضيه! هكذا هو الجزائري: "دمو سخون"، لا يرفض أيّ شراكة تكرّس مبدأ "خذ وطالب" وترسّخ قاعدة الإفادة والاستفادة، والأخذ والعطاء، وقديما قالوا: "من عندي وعندك تنطبع ومن عندي برك تنقطع". وهذا لا يعني بأيّ حال من الأحوال، أن هؤلاء أو أولئك لهم "حق" الجزائريين، حتى وإن كانوا يقبضون من الحقوق والامتيازات و"الغنائم" خلال شهر، ما لا يحلم به الموظف "المحلي" طوال حياته! لم تستورد الجزائر "حاليلو" ليتطاول عليها أو ليُمارس الضغط والابتزاز والمساومة، وحتى إن كان ربما "محقّا" في بعض الفصول والمحاور، إلاّ أنه لا وجود لأيّ مبرّر يعطي للضيف امتياز التدخّل في طريقة توزيع أثاث البيت الذي يحتضنه ويستضيفه، حتى وإن كانت هذه الاستضافة إلى الأبد! ليس دفاعا عن روراوة وليس هجوما على حاليلوزيتش، لو قلنا بأن على كلّ "أجنبي" مقيم بالجزائر أن يلتزم حدوده، وعندما يُريد أن ينتقد أو يقوّم أو يُعيد الهيكلة أو حتى الجدولة، فعليه أن يعتمد طرقا دبلوماسية واحترام واجب الضيافة، بعيدا عن عقلية استعراض العضلات ولعب دور الضحية ورمي قشور الموز لإسقاط الشريك! هذا لا يعني أن كلّ أمورنا على ما يُرام وبخير، لكن "زيتنا في دقيقنا" ونعرف جيّدا كيف نتحاسب بيننا ونصفّي حساباتنا، فيا أيها الضيوف الكرام، نزلتم سهلا وحللتم أهلا.. لكن!!