يتحدث رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي في هذا الحوار الذي أجراه معه موقع "الشروق أونلاين" عن واقع الساحة السياسية في الجزائر قبيل الحدث الهام المتمثل في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 17أفريل المقبل، ويخوض في مسيرة المعارضة وتطلعاتها والتحديات التي واجهتها، كما يعود تواتي بالحديث عن مسار صنع الرؤساء والحكام في الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا إضافة إلى الأسباب الحقيقية التي دفعته للترشح وأهم نقاط برنامجه الإنتخابي الذي سينشط به حملته الانتخابية. ماهي قراءتكم للساحة السياسية في الجزائر حاليا؟ أزمة أخلاقية أدت إلى احتقان الساحة السياسية في الجزائر الساحة السياسية تعيش حالة اختناق كبيرة ناتجة عن أزمة أخلاقية بالدرجة الأولى، حيث اتسعت لتصبح أزمة اجتماعية بسبب عدم وجود ثقة بين المواطن صاحب الحق والحكام الذين يسيرون شؤونه وهو ما أوقعنا في مشكل حين لم يعد من يسير الدولة مؤهلا وغير قادر على التنازل عن مصالحه الشخصية ويكون في خدمة المصلحة العامة التي تحدد مفهوم الدولة الجزائرية التي تقوم على نظام جمهوري ديمقراطي، بينما يتخوف هؤلاء المسؤولون الذي ن سيروا دواليب الدولة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا التخوف من الدول الأجنبية وليس من الشعب.
هل ستنهي الانتخابات الرئاسية المقبلة ما يعرف بالشرعية الثورية في الحكم؟ إذا نظرنا إلى تركيبة الدولة الجزائرية منذ الاستقلال إلى يومنا هذا نجد أن الوصول إلى سدة الحكم كان من طرف الانتهازيين وأصحاب المصالح، ولو ذهبنا إلى اتفاقيات إيفيان نجد رائحة غير تلك الرائحة التي كان يتحلى بها الثوار لأنه كانت هناك تنازلات في هذه الاتفاقيات وهو ما دفع ممن تعاقبوا على حكم البلاد إلى عدم نشر الوثيقة الحقيقية لاتفاقيات إيفيان ليطلع عليها هذا الجيل وماهي المواضيع التي تناولتها لأن من حق هذا الجيل أن يعرف لماذا ما زلنا نخضع بطريقة أو بأخرى للمستعمر في قوانينه وتشريعاته وكذا في الوصاية المفروضة علينا اليوم.
ما هو موقع المعارضة من الخريطة السياسية في الجزائر؟ المعارضة تفتقد إلى شيء مهم وهو النظرة إلى كيفية بناء الدولة الجزائرية بمبادئها وقيمها وأفكارها، لذا يتوجب على المعارضة أن تتفق حول أدنى الشروط منها المواطنة وسيادة القانون، غير أن المعارضة اليوم لا تتبنى التغيير وإنما تبحث عن كيفية الوصول إلى السلطة فقط.
ولماذا عجزت المعارضة عن توحيد صفوفها؟ وزارة الداخلية ضخمت عدد الناخبين بإضافة أسماء موتى الأمر يعود إلى الأنانية بالدرجة الأولى، بينما كان الأحرى بالمعارضة أن تقيل من أساء إلى الشعب والدولة قبل أن نفكر في من منا سيكون في سدة الحكم، كما أننا لا نلجأ إلى الحاكم وراء الستار للوصول إلى الحكم بل نريد أن نكون ممثلين عن طريق الشعب.
ما هي برأيكم أنجع الطرق التي يتوجب على المعارضة اتباعها لإحداث التغيير المنشود؟ أن أفضل الأسلوب السلمي غير أنه في الواقع المعارضة تحب أن تعيش ولم تنتهج أسلوب التغيير لأن الجيل الجديد جرب ما فيه الكفاية طيلة 52 سنة ولم يصل إلى التغيير المنشود، وعليه فقد حان الوقت للتجرد من الأنانية التي تعد مشكلا وبناء تفكير موحد بأن الأزمة في الجزائر هي أزمة مسيرين نصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب والأولى جعل هذا الأخير سيدا لأنه صاحب السلطة والسيادة لان السلطة سلطة العشب وليس الأشخاص، كما يجب أن يكون الحاكم من عمق الشعب وليس من النخبة فقط.
لماذا رفضتم التنسيق مع مجموعة 20 المعارضة؟ لا يمكن أن تكون هناك سلطة مالية أو عسكرية لم نرفض التنسيق، لكننا كنا مبادرين لجمع مجموعة ال 14 من أجل التصدي للتزوير وطالبنا ببرنامج واضح حول كيفية جريان الانتخابات في إطار شفاف ونزيه ومواجهة التزوير واحتكار نتائج الانتخابات وهو المحور الأساسي الذي تأسست عليه مجموعة ال 14، حيث طلبنا من باقي التشكيلات السياسية ذلك والاحتكام إلى الشعب الذي هو مصدر كل سلطة مثلما تنص عليه كل دساتير العالم إلا في الأنظمة الملكية ونحن نعيش في الجزائر نظام ملكي خفي.
هل تلقيتم دعوات للانضمام إلى مبادرات أخرى؟ يجب أن نعرف أولا محتوى ما تدعو إليه هذه المجموعات، ومن الأحسن أن نتفق على أبسط الشروط للوصول إلى إخراج الجزائر من الوصاية الأبدية المفروضة علينا اليوم، حيث نتخوف من وصول جهة ثالثة إلى الحكم وهي السلطة المالية السياسية بعد أن حكمت الجزائر باسم الشرعية الثورية والسلطة الأمنية، لذا يجب التصدي للمال الوسخ والمافيا الاقتصادية السياسية ونبحث عن من يشاطرنا هذه الأفكار...
... وكيف ستواجهون سلطة المال؟ سنلجأ إلى الشعب وشركاء من باقي التيارات السياسية ومن الشخصيات النزيهة والوفية للجزائر وقيم نوفمبر لأنه لا يمكن أن تكون هناك سلطة مالية أو عسكرية فنحن نبحث عن شركاء لمواجهة مافيا المال الوسخ المودع لدى الدول الأجنبية، بينما الشعب يتاجر ويتقاتل في حين توجد أيادي اجنبية أخذت المال من الحكام وليس من الشعب.
لماذا قدمتم ترشحكم لرئاسيات 2014؟ التزوير سيحدث لا محالة أنا مناضل ولا يمكن أن أقف وقفة متفرج بل أسعى إلى التغيير ومقتنع بمبادئ ثورة التحرير لأنني ابن شهيد وتربيت في ملاجئ أبناء الشهداء ويتوجب أن أظهر للشعب أنه يجب أن يعيش أحسن مما عشته وينعم بحلم الشهداء.
ما هي المستجدات التي دفعتكم للترشح للمرة الثالثة على التوالي؟ أنا أؤمن بوجوب إقامة دولة عدالة ومساواة في الحقوق والواجبات وهي المبادئ التي نناضل من أجلها في حزب الجبهة الوطنية الجزائرية ونصبو إلى تحقيق العدل والعدالة في الجزائر.
ماهي حظوظكم في الانتخابات المقبلة مقارنة بالاستحقاقات الرئاسية الماضية؟ سأترك الكلمة للشعب هو الذي يحدد.
هل تعتقد أن رئيس الجمهورية سيقدم ترشحه لعهدة رابعة؟ نبحث عن شركاء لمواجهة مافيا المال الوسخ لا أعتقد أنه سيترشح لأنه من غير الممكن أن يترشح وهو على كرسي متحرك، فالمرض مكتوب ومقدر على كل إنسان وبالتالي وضعيته الصحية وسنه لا يؤهلانه لممارسة مهامه.
في حال ترشحه كيف سيكون موقفكم؟ لست متأكدا بأنه سيترشح، فأنا على يقين بأنه لن يفعل ذلك.
ما هو تعليقكم على دعاة العهدة الرابعة؟ هم أصحاب مصالح يدافعون عنها مع رجل لا يستطيع أن يقدم لهم أكثر مما قدم في السابق ومما استمتعوا به.
بماذا تردون على اتهامات عميد الصحفيين الجزائريين الكاتب الطاهر بن عيشة بأنكم شاركتم في الإبلاغ عن المثقفين لصالح نظام الرئيس بومدين؟ المعارضة في الجزائر أسيرة الأنانية ولا تتبنى التغيير أقول بأن الرجل خرف وقذف في كل زملائه وأصدقائه ولم يقل في أي منهم كلمة طيبة أو شهادة حسنة، لذا فهو مرفوع عنه القلم بالنسبة لي.
ما هو سقف الضمانات التي تطالبون بها لنزاهة العملية الانتخابية؟ الضمانات التي نطالب بها تتمثل في استحداث لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات ورفع يد وزارة الداخلية عن الانتخابات بينما يكون القضاء فاصلا بين الخصوم في حين تؤدي اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات دورها الرقابي ويقتصر دور الإدارة على الدعم المادي واللوجستيكي والقضاء يفصل في المنازعات والخلافات...
هل تتوقعون حدوث تزوير؟ التزوير موجود لا محالة بسبب امتناع الإدارة عن وضع ميكانيزمات الانتخابات البيومترية والعد الالكتروني كشرط أدنى للوصول إلى انتخابات أكثر شفافية ونزاهة ومعرفة الرقم الحقيقي للهيئة الناخبة.
وهل ستشاركون في اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات؟ بطبيعة الحال فقد وردت إلينا دعوة لتنصيب هذه اللجنة لكن حضورنا في هذه الأخيرة لا يعني تزكيتنا لها وإنما هناك شروط يجب أن تُستوفى للمشاركة.
ما هي هذه الشروطّ؟ هذا يرتبط باجتماعنا مع باقي المترشحين للرئاسيات للحديث عن هذه الشروط الواجب توفرها.
أثير نقاش واسع في تشريعيات 2012 حول تضخيم عدد الناخبين في القوائم الانتخابية فهل ستطالبون بتطهير هذه الأخيرة؟ أظن أن وزارة الداخلية (الإدارة) قامت بتسجيل المواطنين في البطاقة الإستعلاماتية الإلكترونية مما يمكن من معرفة العدد الحقيقي للمواطنين الذين بلغوا سن الانتخاب، وبما أن شهادات الميلاد أصبحت بيومترية فالسجل الوطني أصبح موجود إلكترونيا...
هذا يؤدي بكم إلى المطالبة بالحصول على القوائم الانتخابية؟ وزارة الداخلية كانت تقوم بتضخيم عدد الناخبين وأعطتنا أقراصا مضغوطة وجدنا بها أشخاص موتى وآخرون مسجلون عدة مرات، كما أعطتنا أقراصا فارغة ضمن العمليات والمناورات التي كانت تقوم بها الإدارة.
هل تعتقدون أن المراقبين الذين سيعينهم مرشحو الرئاسيات قادرون على مراقبة جميع مراحل العملية الانتخابية؟ لا يمكن مراقبة العملية الانتخابية لأنها تتطلب أموالا طائلة ومن يملك الأموال هم الذين هربوا أموال الجزائريين إلى الخارج أو أصحاب المصالح الذين يراهنون على المترشحين الذين يخدمونهم ويحمون مصالحهم وهو مشكل آخر يجب أن يطرح للنقاش.
إذن ستطالبون بإشراك مؤسسات وهيئات دولية؟ المعارضة تفتقد للرؤية العميقة وتسعى للوصول إلى السلطة فقط لا يمكن للمؤسسات والهيئات الدولية أن تضمن شفافية ونزاهة الانتخابات لأننا جربناها في عدة محطات فهي لا يهمها إيجاد أدلة أو إثباتات بل تهمها مصالحها الخاصة والدول التي تنتمي إليها فهي تؤمن بالتجارة والمصالح المادية بالدرجة الأولى ومثال ذلك ما حصل بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة حين زكت فرنسا النتائج بينما شككت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية ولما سددت الجزائر قروضا لهذه الدول تراجعت عن موقفها.
هذا يقودنا إلى الطرح القائل بأن رئيس الجزائر تحدده القوى الغربية وعلى رأسها فرنسا وأمريكا؟ هناك مسؤولون لا يخافون من الشعب وإنما يخشون من النقد الذي توجهه الدول الأجنبية حول شرعية الرؤساء وهو ما يثبت أن الجزائريين لم يكن لهم رئيس نابع من صلب قناعة الشعب بل هناك تطاول ومزايدات على صوت الشعب لهذا فحكامنا يخافون دائما من الخارج وليس من الشعب.
برأيكم هل تنصيب اللجنة الوطنية للتحضير للانتخابات برئاسة الوزير الأول يضمن نزاهة الانتخابات؟ اللجنة في الواقع مهمتها التحضير المادي وليس مراقبة الانتخابات وإصدار النتائج، بل مهمتها تقديم الدعم اللوجستيكي خلال الانتخابات وليس من صلاحياتها إصدار النتائج...
هناك أحزاب طالبت بلجنة مستقلة للتحضير للانتخابات؟ يجب الفصل بين مهام كل اللجان وكل لجنة لديها مهمتها الخاصة، فاللجنة القضائية مهمتها البت في النزاعات واللجنة الإدارية مهمتها الإمداد اللوجستيكي بينما تتمثل مهامه اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات في تقدير العملية الانتخابية.
ما هو الجديد الذي ستركزون عليه خلال حملتكم الانتخابية؟ الجبهة الوطنية الجزائرية ترشحت للانتخابات وهي تراهن بالدرجة الأولى على إعادة السلطة إلى الشعب التي غيّبت طيلة 52 سنة فنحن نؤمن بالنظام الجمهوري الديمقراطي والعدالة الاجتماعية والتواصل بين الأجيال.
أين وصلت عملية جمع التوقيعات؟ بدأنا بتوزيع الاستمارات على المكاتب الولائية وخصصا لكل مكتب 2000 استمارة إضافة إلى عدد من توقيعات المنتخبين المحليين والعملية تجري بصورة عادية وهناك إقبال على التوقيعات ولا وجود لمشاكل بهذا الخصوص.
كلمة أخيرة؟ نأمل من الشعب أن يفرض سلطته للدفاع عن تغيير الأوضاع في الجزائر بدل أن يستقيل من حقوقه وواجباته.