لم ينطق بكلمة قبل أن يتم سنته الأولى.. ثم لم يحاول الكلام ولا الإتصال مع غيره خاصة الإتصال بالعيون ولا يحبذ اللعب..أحيانا يبدو أصما أوضعيف السمع وحتى عندما تناديه بإسمه لا يجيبك، حركاته وتصرفاته غريبة وغير متوزانة إلا أن إبني غير معاق لاحركيا ولا ذهنيا وفي الوقت ذاته ليس طبيعيا. هكذا وصف الكثير من الآباء أبناءهم المصابين بمرض التوحد أو "الأوتيزيم" مؤكدين أن أبنائهم طبيعيين ولدوا في صحة جيدة ودون أي إعاقة إلا أن تصرفاتهم تبدو غريبة نوعا ما مقارنة بأقرانهم أما عن تأخر النطق عند هؤلاء الأطفال ورغم تجاوزهم سن الخامسة فيرجعونه أوليائهم إلى المقولة الشعبية السائدة "دمه ثقيل.." ليلجأ الآباء لطرق تقليدية في مساعدته على النطق بإطعامه لسان الخروف أو أخذه للراقي الشرعي لرقيته بالقرآن أو للعراف لفك عقدة لسانه بطلاسيم وخزعبلات، إلا أن الحقيقة أبعد من ذلك والمشكلة أعقد من صعوبة الكلام عنده فكل المواصفات السابقة الذكر تقودنا إلى أن هؤلاء الأطفال مصابين بمرض نفسي أو نوع من الإعاقات التطورية التي تصيب الأطفال خلال السنوات الثلاث الأولى من عمرهم، ويسبب متاعب كثيرة لهم ولأسرهم نتيجة لصعوبة الإتصال والتفاعل الإجتماعي معهم علاوة على التأخر الإدراكي وفي الكلام وفي تطور اللغة كما يعاني 25 % منهم من حالات الصرع ومن الحركات الزائدة غير المتوازنة وعدم القدرة على التركيز والإستيعاب ويدعى هذا المرض بالتوحد أو "الأوتيزيم". ويتعامل الكثير من الأولياء مع هذا المرض على أنه حالة طبيعية يمر به الطفل في تطور البيداغوجي مما يدفع بهم إلى التغاضي عن تأخره في الكلام وإنعزاله عن العالم المحيط به وإنطوائه على نفسه ودون تحويله على طبيب مختص في الأمراض النفسية ومقومي النطق وهو ما يساهم في تعقيد حالته. وأكد الأطباء المختصون في يوم دراسي حول التوحد والأوتيزيم في الجزائر نظمته جمعية 'بسمة الأمل' للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أن عدم التشخيص المبكر لهذا الاضطراب أو المرض يحول دون التخفيف من حدته مستقبلا والتماثل للشفاء، مستدلين على ذلك بالتجربة الأمريكية التي تجبر الأولياء على إخضاع أبنائهم بطريقة إجبارية للفحص الطبي مرتين مع بلوغهم سن الثانية للكشف المبكر عن أعراض مرض التوحد لأن العلاج المبكر يساعد بصورة قطعية على تخفيف حدة المرض الذي وقف الطب الحديث عاجز أمامه بعدم تحديد مسبباته مع وجود دراسات حديثة تظهر أهمية العوامل الجينية. كما تؤكد على أن التوحد يمكن ربطه بمجموعة من الحالات التي تؤثر على نمو الدماغ و التي تحدث قبل أو أثناء أو مباشرة بعد الولادة ويبقى الاكتشاف المبكر لهذا المرض في السنوات الأولى لطفل بعد الولادة بصيص الأمل الأقوى للتخفيف من معاناته التي تقاسمها معه من يحيط به مع إمكانية أن يؤثر التعليم المتخصص و الدعم المنظم بصورة فعلية فى حياة الشخص المصاب بمرض التوحد و ذلك بمساعدته فى زيادة مهاراته و تحقيق أقصى حد من قدراته عند بلوغه سن الرشد إن أدمج مبكرا في هذه المراكز. "نقص المراكز المتخصصة بالجزائر يزيد من معاناة مرضى التوحد" أكد الأخصائيو ن في الأمراض العقلية والنفسية ومقوّمو النطق في يوم دراسي نظمته جمعية بسمة الأمل بمناسبة اليوم العالمي للمعوق بفوروم المجاهد أن نقص المراكز المتخصصة في مرض التوحد بالجزائر التي لاتتعدى مركزين في العاصمة يتسبب في زيادة المعاناة اليومية لهؤلاء المرضى وتفاقم حالاتهم المرضية وزيادة تعقيداتها نتيجة لغياب العناية والمتابعة الصحية من قبل المختصين النفسانيين ومقومي النطق، إذ تعجز العائلة أن تخرج المريض بالتوحد من تقوقعه وعزفه عن الإتصال مع الآخر في حال غياب توجيهات مدروسة من قبل الإختصاصيين الذين دعوا السلطات الرسمية والجهات المعنية لضرورة فتح مراكز جديد ووضع سياسة جادة للتكفل بهم لحد من معاناتهم. زين العابدين.ج