نظمت جمعية ''أمل'' للمعاقين حركيا نهاية الأسبوع الماضي ندوة صحفية بمقر الجمعية، الندوة كما قالت عنها رئيسة الجمعية الآنسة''حيزية'' عبارة عن وقفة للتعبير مرة أخرى عن مطالب هذه الفئة من المجتمع ورفضها أن تلقى اهتمام السلطات المعنية في المناسبات الوطنية والعالمية فقط، فيما يتم تهميشها بقية أيام السنة وعدم إظهار النية الحسنة في إزالة العقبات التي تعترض وصولها إلى تحقيق الاستقلالية الذاتية. إشكالية رخصة السياقة للمعاقين، إهمال هذه الفئة في الإحصاء العام للسكان الأخير، مشاكل النقل، التمدرس، التكوين وغيرها كانت المحاور الكبرى التي دار حولها النقاش في ندوة صحفية حضرتها مجموعة كبيرة من المنخرطين بالجمعية للتعبير عن مشاكلهم وانشغالاتهم ونقلها إلى الجهات المعنية في موعد غير ذلك الذي اعتادت فيه الالتفات لهم، على حد تعبيرهم. ''الناس تحڤر بالعين'' عبّر جمع كبير من المعاقين عن رفضهم لوصف هذه الفئة بتعبير''ذوو الاحتياجات الخاصة''، معتبرين أن حتى وإن كانت تستعمل بديلا عن كلمة ''معاق'' إلا أنها لا تخلو من التجريح والتهميش في حين تعكس - حسبهم - حالة عجز ونقص تستدعي معاملة خاصة ونظرة خاصة أيضا. ومن هذا المنطلق وللتخلي عن استخدام هذا الوصف تجاههم طالب هؤلاء بالتطبيق الصارم للقوانين التي تم وضعها في إطار إعادة الإدماج الاجتماعي، عن طريق تكييف وتجهيز كافة المرافق الإدارية بما يسّهل تعامل المعاق مع الإدارة بتخصيص شبابيك لاستقبالهم في البلديات ومراكز البريد ومحطات النقل البري بتخصيص ممرات ورواقات خاصة تسمح بمرور مستعملي الكراسي المتحركة بكل سهولة وحرية دون مساعدة الغير لهم. ومن بين المشاكل الأخرى التي طرحها الحضور المعاملة التي لازال يلقاها المعاقون من قبل بقية المواطنين ونحن على مشارف انقضاء العشرية الأولى من القرن، حيث أكد السيد ''قانا حسين'' رئيس جمعية ''أسيرم'' للمعاقين حركيا بولاية تيزي وزو أن سوء المعاملة لفئة المعاقين لا تصدر من الفئة محدودة المستوى التعليمي بالمجتمع فحسب بل يسبق إليها المتعلمون الأميين، وذكر في هذا السياق حادثة وقعت له شخصيا تعرض فيها للإهانة والتحقير من طرف مدير إحدى المتوسطات بالمنطقة، أما تلك التي يتعرض لها يوميا من قبل غير المتعلمين وغير المثقفين فهي تفوقها تجريحا وإهانة حيث أكد ''قانا'' في سياق عرضه لجملة المشاكل التي يعنيها المعاقون بالمناطق الجبلية في تيزي وزو وبطريقة جد مؤلمة عن معاناتهم مستعملا عبارة من القاموس الشعبي ''الناس تحقر بالعين'' فرغم كونه رئيس الجمعية يتلقى من قبل الأصحاء الذين يقصدون المقر معاملة لا إنسانية من الوهلة الأولى لاعتقاد الناس أنه ليس سوى الحارس أو البواب أو المسؤول عن الاستقبال. في المناطق الجبلية تزداد المعاناة إن كان معاقو المدن يطرحون مشاكل نقص الهياكل الخاصة بهم في الأماكن الحضرية فإن نظراءهم في الأرياف والمناطق الجبلية، كما قال السيد ''قانا'' ناطقا باسم معاقي منطقة ''مقلع'' بولاية تيزي وزو، معاناتهم أشد واحتياجاتهم أكثر، فهم ليسوا بحاجة إلى نظرة العطف والشفقة من قبل السلطات في 14 مارس و3 ديسمبر من كل سنة كموعدين تخصصهما السلطات المحلية والوطنية لتوزيع الكراسي المتحركة وغيرها من التجهيزات التي تنتهي صلاحيتها في حدود شهر واحد من استلامها، لا لأنها ليست من النوعية الرديئة ولكن حتى وإن كانت من النوعية الجيدة فإنها لن تصمد في وجه طبيعة المنطقة الجبلية، فما يجب أن يقدم لهذه الفئة ليس في هاتين المناسبتين فقط وهو تهيئة الطرق وتعبيدها وتكييفها على نحو يسهل على المعاقين ممارسة حياتهم بطريقة طبيعية ومن ثم الانغماس في المجتمع. وأضاف السيد ''قانا'' في معرض دفاعه عن حقوق المعاق عموما والمعاق المقيم بالمناطق الجبلية خصوصا، أن الجزائر تفتقر لآليات ناجعة تفرض التطبيق الفعلي للقوانين التي جاءت للدفاع عن حقوق المعاق فإن كانت هناك نصوص تلزم الأسر على تعليم أبنائها المعاقين أو إلحاقهم بمراكز التكوين والتعليم المهنيين وأخرى تجبر أرباب العمل على توظيف ما نسبته 1 بالمائة من يدها العاملة من فئة المعوقين، قال ''قانا''، يجب أولا أن يتم تجهيز وتكييف هذه الهياكل بما يسهل التحاقهم بها بصفة طبيعية، فلا الطرق والممرات الجبلية ولا نوعية التجهيزات تضمن تحقيق ذلك فتكون بمثابة العائق الذي من خلاله يستمد باقي أفراد المجتمع تسمية ''معاق''، وقد أردف المتحدث قائلا إن المعاق ''ليس معاقا بسبب إعاقته وإنما بسبب المعوقات التي يضعها المجتمع في وجه استقلاليته الذاتية. لم يشملهم الإحصاء والقوانين لا تحميهم تناول الإحصاء العام الأخير للسكان كل جوانب حياة الأسرة الجزائرية وتدخل في خصوصياتها من حيث الاستفسار عن عدد أجهزة التلفزيون التي تمتلكها وعن معدل دخلها الشهري، قالت رئيسة جمعية ''أمل'' للمعاقين حركيا، إلا أنه أهمل التطرق لوضعية فئة هامة في المجتمع، حيث غابت الأسئلة المتعلقة عن ما إذا كان أحد أفراد الأسرة معاقا أو لا أو ما إذا كان يتقاضى منحة المعوقين أو عن كيفية تعرضه للإعاقة بما أن غالبية المعاقين هم من ضحايا حوادث المرور، مثل هذه النقطة أثبت وبرهنت لهذه الفئة أنهم لا يتذكرونهم سوى في المناسبات لا غير في نظر السلطات، وحتى وزارة التضامن الوطني تجهل العدد الرسمي للمعاقين عبر الوطن، فكيف يمكن أن ترسم استراتيجيات وخطط للنهوض بهم بغية إدماجهم اجتماعيا. ومن جهة أخرى تطرقت الآنسة ''حيزية'' إلى نوعية التجهيزات الخاصة بالمعاقين التي يتم استيرادها من الخارج، فجميع المستوردين يقومون بجلب نفس النوعية من السلع ويخرجون بذلك عن الهدف النبيل في استيراد تجهيزات غير متوفرة بالوطن وبأسعار معقولة ويدخلون في سياق المنافسة التجارية البحتة فلا تهمهم النوعية بقدر ما يهمهم الربح السريع، وهذا في ظل غياب الرقابة على عملهم فيما يتعلق بالنوعية م قبل الجهات المعنية. ''عبور'' مجهودات جبارة للمعاقين مع غياب الهياكل من جهته وفي تدخل له خلال الندوة أفصح التقني ''عبور'' مدرب بجمعية الرياضة للأمن الوطني المتواجدة ب(حيدرة) أن الإرادة القوية التي يمتلكها المعاقون هي التي تحركهم نحو تحقيق التقدم والانتصار في شتى المجالات، فما حققه المشاركون في ألعاب بكين مؤخرا خير دليل على ذلك بإحرازهم حصيلة معتبرة من الميداليات التي ما كانوا ليحققوها لو لم يكونوا معاقين، بذهبيتين وبرونزية في الجيدو، و4 ذهبيات و3 برونزيات في ألعاب القوى. ومثل هذه الحصيلة جاءت بعد تدريبات حثيثة في ملاعب غير مكيفة لهم، واختتم ''عبور'' مداخلته قائلا إن ما يقف وراء معاناة المعاقين بالجزائر هو غياب التنسيق بين الجهود المبذولة في هذا المجال بين جمعيات المجتمع المدني والدول.