جدد المؤرخ الجزائري محمد حربي معارضته لفكرة "التوبة" كشرط لتنقية أجواء العلاقة بين الجزائروفرنسا وتجسيد المصالحة بين البلدين، مؤكدا أن حل سوء التفاهم التاريخي القائم بينهما منذ الاستقلال يتطلب إجراء أخر يتمثل في اعتراف فرنسا بحقيقة ما جرى من جرائم وتخريب خلال الحرب التحريرية. وأكد محمد حربي في تصريح للشروق فحوى الكلام الذي أدلى به في غضون الجدل الذي أثاره القانون الفرنسي المؤرخ ب23 فيفري 2005، والممجد "للدور الإيجابي" للحقبة الاستعمارية (1830-1962). وأوضح أبرز المؤرخين الجزائريين أنه مناوئ لفكرة التوبة، والسبب أن هذا المفهوم "ليس مدرجا بتاتا ضمن أفكاري وحيزي اللغوي"، وقال بشجاعته الأدبية المألوفة وتمسكه بأبجديات العمل التاريخي :"فكرة التوبة مستمدة من الأخلاق الدينية وليست لها علاقة مع التاريخ بمغزاه المعروف". ويتزامن تصريح محمد حربي للشروق مع نشر نداء على أعمدة يومية "لو موند" بإمضاء العشرات من المؤرخين ورجال السياسية في فرنساوالجزائر، ويقترح النداء على المسؤولين في كلا البلدين وذوي الذاكرات المتأثرة من عواقب الحرب "تجاوز النزاع التاريخي" بين البلدين، وتعبيد الطريق لبناء علاقة ثنائية مستقبلية ومحررة من ثقل الماضي الدامي. وباعتباره مؤرخ يحظى بمصداقية كبيرة لدى زملائه الفرنسيين والجزائريين نظرا لموضوعية أعماله ونزاهته المهنية الغير قابلة للتفاوض وجد محمد حربي نفسه ضمن كتيبة المؤرخين الذين بادروا بفكرة النداء المنشور على أعمدة جريدة "لو موند". وردد حربي في سياق النداء معارضته لطلب "التوبة" الذي طبع العديد من تصريحات الرسميين الجزائريين في أوج المواجهة الكلامية بين باريس والجزائر حول تداعيات قانون 23 فيفري 2005، وصادق بإمضائه على نص يعارض فكرة التوب كإجراء كفيل بتنقية الأجواء الفرنسية-الجزائرية، وإطفاء "حرب الذاكرة" بين البلدين، وقال رفقته زملائه في ضفتي المتوسط أن الحل يكمن في اعتراف الدولة الفرنسية بحقيقة ما حدث في الجزائر، وكذلك عدول السلطة السياسية في الجزائر من التلاعب حيال صفحة الماضي وتوظيفها في سبيل أهداف سياسية. وفي تصريحه للشروق ذكر محمد حربي باعتقاده الراسخ على ضرورة فرنسا الاعتراف بأن الاستعمار تعامل في الجزائر بهدف "الهيمنة والسيطرة" وليس لزرع بذور الحضارة كما جاء في الرسالة التي سع إلى تمريرها قانون 23 فيفري 2005. ف.علامة