قال المؤرخ الفرنسي بن يمين ستورا إن نكران الماضي الاستعماري من قبل المجتمع الفرنسي يعد أمرا "مأساويا"، واعتبر في الوقت ذاته أن ثقل التاريخ على العلاقات الثنائية سيبقى على ما هو عليه إلى غاية رحيل أجيال الحرب من الحقل السياسي في كلا البلدين. وأوضح بن يمين ستورا، صاحب عشرات الأعمال حول مشوار الحركة الوطنية بينها "سيرة حياة" أبرز روادها مصالي الحاج وفرحات عباس، أن صفحة الماضي مرشحة لطبع بصماتها على علاقات البلدين، طالما هناك على واجهتي المتوسط فرق سياسية عايشت أحداث الخمسينيات وبداية الستينيات. بن يمين ستورا إستبعد في لقاء مع أسبوعية "جان أفريك" الباريسية أي تغيير في نظرة المجتمعين الفرنسي والجزائري إزاء الماضي، وأضاف أنه يجب انتظار تعاقب الأجيال للوصول إلى اعتراف "بالمأساة الجزائرية" في المجتمع الفرنسي و"تتفيه" للتاريخ الاستعماري لدى الجزائريين. وعلى غرار المؤرخ الجزائري محمد حربي (طالع نشرة "الشروق" 18 نوفمبر 2006)، قال بن يمين ستورا إنه لا يعتقد بأن فرنسا ستبادر بالتوبة عن ممارساتها في الجزائر بين 1830 و1962، معللا قوله:" فكرة التوبة "تستمد من المحيط الديني وليست لها علاقة بالاعتقاد الثقافي الفرنسي المرتكز على العلمانية". وأشار المؤرخ، الذي يشرف حاليا على العديد من رسائل الدكتوراه حول مواضيع الحركة الوطنية، أنها المرة الأولى منذ استقلال الجزائر التي تثار فيها فكرة التوبة، وقد ظهر هذا الكلام في النقاش عام 2000 في أعقاب شهادة المناضلة الجزائرية لويزة إغيل أحريز بخصوص التعذيب وصدور كتاب الجنرال أوساريس، الضابط المكلف بالاستخبارات خلال ما سمي بمعركة الجزائر، وقد عادت كلمة التوبة من جديد إلى الواجهة في سياق الجدل حول المادة 4 لقانون 23 فيفري 2005 الممجد لدور الاستعمار، وهي المادة التي حذفت في شهر مارس 2006 بطلب من الرئيس جاك شيراك. واعتبر بن يمين ستورا في حديثه مع مجلة "جون أفريك" أن الاعتذار من قبل فرنسا يتطلب إعادة النظر في التصور الفرنسي "للوطنية"، وهو التصور المبني على مفهوم الإمبراطورية، وأشار أن الأجيال المولودة قبل 1962 لا تزال "رهينة الماضي". وفي سياق هذا الكلام، لاحظ المؤرخ أنه باستثناء الشرائح التي ارتبطت يومياتها مباشرة بحرب الجزائر -الأقدام السوداء وجنود الخدمة العسكرية و"الحركة" ومناضلي "الجزائر الفرنسية" ومناضلي استقلال الجزائري- يعتبر المجتمع الفرنسي نفسه "غير معني" بتاريخ هذه الصفحة، وهو ما يعتبره بن يمين ستورا "نكران مأساوي". باريس : مكتب الشروق- محمد خلاف