أكدت البروفيسورة، بشرى الأمير، مديرة المركز الوطني لمكافحة التسمم بباب الوادي، أن واقع مكافحة التسمم في الجزائر لا يزال يعاني الكثير من النقائص أمام غياب الأطباء المختصين المؤهلين لإنقاذ المتسممين ومعالجتهم ووجود مركز وطني واحد لمكافحة التسمم مدعم بمجمع هاتفي لتقديم الاستشارات والإسعافات الأولية عند الاتصال قصد الإبلاغ عن حالة التسمم. وأشارت البروفيسورة في تصريح ل"الشروق اليومي"، على هامش الأيام الأولى لمكافحة التسمم التي نظمت نهاية الأسبوع الفارط بنادي الجيش بالعاصمة، إلى أن الجزائر تعاني نقصا كبيرا في الأطباء المؤهلين لمكافحة التسمم ومعالجة المتسممين، إذ أن الأطباء المختصين في الإنعاش ليسوا متخصصين في معالجة التسمم. حيث تم تكوين حوالي 100 طبيب مختص في التسمم بالمركز الوطني لمكافحة التسمم ليتراوح تعداد الأطباء المتخصصين في التسمم حوالي 150 طبيب على المستوى الوطني، ويبقى هذا الرقم ضئيلا أمام الحجم الكبير لحالات التسمم المسجلة من قبل المركز والتي بلغت ما بين سنة 1998 و2007 أكثر من 260 ألف إبلاغ عن حالة، سجلت منها 4500 حالة تسمم و50 ألف لسعة عقرب لسنة 2007. وأكدت المتحدثة أن الوقاية والحذر والتزام قواعد الحذر ومراقبة الأطفال وعدم ترك الأدوية والمبيدات ومواد التنظيف في متناولهم تبقى العلاج الأفضل والوسيلة الأحسن لمكافحة التسمم في الجزائر، موضحة أن غياب سياسة واضحة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تكوين وتأهيل الأطباء والصيادلة أثّر سلبا في عملية مكافحة التسمم والحد من الظاهرة مقارنة بالدول الأوربية وحتى دول الجوار التي خطت خطوات مهمة في هذا المجال. وأشارت ذات المتحدثة إلى أن الجزائر العاصمة لا تتوفر إلا على 30 سريرا لإنعاش المتسميين والتكفل بهم بكامل المؤسسات الاستشفائية بالعاصمة، وأن وحدة صحية بمستشفى مايو حولت مؤخرا إلى غرفة تبديل الملابس عوض تخصيصها للتكفل بالمتسممين، مما يعكس قلة الاهتمام بمكافحة التسمم في الجزائر، علاوة على عدم تفرقة وزارة الصحة بين المتسمم عن غير قصد والمتسمم بقصد الانتحار ومدمن المخدرات. ونوّهت البروفيسورة مراد، رئيسة الجمعية الوطنية لمكافحة التسمم، بضرورة المراقبة الجادة لكامل المواد الصيدلانية والغذائية المستوردة أو المصنعة بالجزائر، إذ يشكل خطأ صغير في المقادير أو في تركيبة أي مادة صيدلانية أو غذائية سببا في تحولها إلى مادة سامة، بالإضافة للاستعمال الخاطئ للأعشاب قصد التدواي بها وفق الوصفات التقليدية والشعبية التي تسببت في هلاك الكثير من الأشخاص. ويعتبر الاستعمال الخاطئ للأدوية وبكميات كبيرة عن قصد أو عن غير قصد أحد أهم مسببات التسمم، إذ يمثل هذا العامل ما نسبته 50٪ من حالات التسمم المسجلة خلال العام الجاري، في حين يمثل التسمم نتيجة لتناول المبيدات 15٪ من الحالات المسجلة، بينما يسبب تناول مواد التنظيف المنزلية 14 ٪ من حالات التسمم، في حين يبقى الاستعمال الخطأ للأعشاب والتداوي وفق الطب التقليدي والتسممات في محيط العمل نتيجة للغازات السامة أو التلوث الخطير بمحيط العمل إحد المسببات الأساسية للتسمم بالمجتمع الجزائري. كما تُعتبر شريحة الأطفال من 0 إلى 4 سنوات الفئة الأكثر تعرضا للتسمم، في حين تعتبر فئة الشباب من 20 إلى 40 سنة الأكثر تعرضا للتسمم العمدي وتتساوى النسبة بين الجنسين. زين العابدين جبارة