يصح أن يطلق عليه العام الأسود، 2007 أو السنة العجاف للمنتخب الوطني الذي ذاق النكسات بعد أن بدأ في الأفق تلوح بارقة أمل في عودة "الخضر" بقوة للساحة الدولية. وبينما توسعت الأماني وظل الجميع يرتقب مباراة 16 جوان أمام غينيا لإقامة الأفراح وعودة الجزائر للمشاركة في العرس الإفريقي، تلقى الجمهور الرياضي صدمة قوية بخسارة للمنتخب أمام غينيا، ومن ثمة خسارته لتأشيرة التأهل. والمتتبع لمشوار المنتخب الوطني في تصفيات كأس إفريقيا يتأكد بأن المادة الخام كانت موجودة بالإضافة إلى تميز اللاعبين بمواهب كبيرة، بدأ يفقدها مع مرور الوقت بقيادة مدرب "مغمور" الفرنسي كفالي، واتحادية هاوية تاهت في إيجاد السبل. 16 جوان اليوم المشؤوم لم يكن يتصور الآلاف من الجزائريين أن الصدمة ستكون كبيرة جدا في اللقاء الفاصل والحاسم بين المنتخب الوطني ونظيره الغيني، والذي آل إلى خسارة "الخضر" في عقر دارهم، بعد أن كانت كل الأمور مهيأة للاحتفال بعودة الجزائر لساحة الكبار. فملعب 5 جويلية لم يعرف إقبالا جماهيريا بهذا الحجم منذ نهائيات كأس افريقيا 1990، المدرجات امتلأت عن بكرة أبيها، والمنافس هو المدرب نوزاري الذي سبق لجمهور 5 جويلية أن تغنى باسمه كثيرا. بيد أن كفالي فضل أن يئد حلم كل الجزائريين بخطة دفاعية، يحتار العقل البشري في تفسيرها، وحدث ما لم يكن متوقعا بالمرة، إصابة زرابي في الدقائق الثلاث الأولى، ثم دخول بزاز كظهير أيسر، وأخطاء دفاعية بالجملة. لم يكن يعي الفرنسي، أن فايندونو وزملاءه يتألقون من يوم لآخر في البطولة الفرنسية، وتركهم أحرارا فوق الميدان يصولون ويجولون فعصفوا آمال المنتخب بهدفين. وأشعلوا بعدها فتيل أزمة وحالة شغب كبيرة كانت نتيجتها سقوط ضحيتين وعشرات الجرحى، بالإضافة إلى نوبات قلبية وحالات ارتفاع ضغط لكثير من المهمومين بهذا الوطن. موسم العبث بالألوان الوطنية وشهد هذا العام وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، عبثا غير مسبوق بالألوان الوطنية تتصرف فيها شرذمة كيفما شاءت، لاعبون انتدبوا من الأندية الفرنسية، وآخرون تم استدعاؤهم للمنتخب ولا يحملون حتى جوازات سفر جزائرية. ويسجل تاريخ 15 ماي توجيه أول دعوة للاعب غيماراش البرتغالي كمال فتحي غيلاس الذي، صرح لوسائل الإعلام المحلية بأنه لم يكن يملك جواز سفر جزائري، ولم يسبق أن زارها أو يعلم عنها سوى أن جذوره جزائرية، وتم على عجالة منحه جواز سفر جزائري وتنقل مع المنتخب إلى الرأس الأخضر. وظل المنتخب الوطني يعسكر بفرنسا، والمشكل في مجمله من لاعبين ينشطون في البطولة الفرنسية، يضبطون برنامج المنتخب وفق أهوائهم، ويطالبون بالمنح في كل مناسبة، وهو ما جعل سنة 2007 تطلق عليها سنة فرنسا في الجزائر. وشكلت أغلب يوميات المنتخب الوطني فضائح، تتعلق بمطالبة اللاعبين بمراجعة سلم العلاوات، فظل كل معسكر للمنتخب يحمل في طيه مفاجآت احتجاجية من اللاعبين، وبلغ السيل الزبى قبيل ساعات من مواجهة المنتخب الغيني، دفع ثمنها اللاعب شراد الذي غادر الخضر غاضبا، وتم استبعاده نهائيا من المنتخب الوطني. الأرجنتين ثم البرازيل.. "كرنفال في دشرة" المنتخب الذي أضاع تأشيرة التأهل لنهائيات كأس إفريقيا، وفشل في الفوز في المباريات الرسمية إلا النزر القليل وبعقر الديار، وجد نفسه يلعب مع أفضل منتخبات العالم. البداية كانت بمواجهة الأرجنتين وهي المباراة الأولى بين الفريقين والتي قيل كثيرا عنها، بل اعتبرها اللاعبون المحترفون في المنتخب بأنها ليلة القدر التي تفتح لهم أبواب الشهرة. وعلى معقل فريق "البارصا" برمجت المباراة، فأثار مكان المباراة جدلا كبيرا فتم تحويلها من مارسيليا إلى إحدى المدن الفرنسية ثم إلى برشلونة، وتم تقديمها من تاريخ 6 جوان الى الخامس منه. وعلى الصعيد الفني بذل لاعبو "الخضر" جهودا مضنية في مباراة استعراضية تألق فيها بلحاج، الذي غاب نجمه من تلك المباراة، ولم يمنح "كفالي" الفرصة للعناصر المحلية التي انزعجت من عدم إتاحة الفرصة لها باستثناء الحارس حجاوي، الذي عوض ڤاواوي المعاقب. وبعدها بشهرين وأسبوعين تقريبا ضحك كثير من مسؤولي الفاف على أذقان الشعب الجزائري فبرمجوا استعراضا أشبه ب"الكرنفال" لنجوم "السامبا"، أمام منتخب لم يقو على الفوز أمام غامبيا والرأس الأخضر. ولعبت المباراة في فرنسا في الوقت الذي حرم الجمهور الجزائري من المتعة، وبالفعل جاءت المباراة خالية من المتعة تماما لعب فيها البرازيل بدون نجميه كاكا ورونالدينيو في الشوط الأول، وتميزت المباراة بلقطة واحدة جميلة من المنتخب الجزائري جسدها العائد بزاز، حينما تلاعب بدفاع البرازيل. للإشارة فإن المنتخب الوطني قبض أموالا من الاتحادية البرازيلية والأرجنتينية، بينما دفع مقابل اللعب أمام بوركينافاسو وهي بالفعل مفارقات 2007. وشهد المنتخب إقالة كفالي بعد جهد جهيد، حتى أن الأمر أحزن اتحاديتنا حينما اتخذت القرار وكأني بحداج أجبر على ذلك تحت ضغط جماهيري كبير. وسكت رئيس الفاف دهرا ثم نطق بعدها بتعيين سعدان، مع الإشارة إلى أنه أبقي على هذا، وهو الذي ساهم كذلك في مهزلة غينيا، واستغبى الجمهور الرياضي ووضعه مدربا للمنتخب الثاني وهو نفسه منتخب الآمال. يوسف.ب