لقيت انتفاضة السنة في العراق تأييداً حماسياً من جانب الكثير من عرب الخليج، رغم عدم الارتياح على الصعيد الرسمي إزاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذي تعتبره حكومات المنطقة جماعة إرهابية. قد يكون استطلاع الرأي العام صعباً في دول الخليج، لكن نجاح مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الخاطف في إخراج القوات الحكومية العراقية من أجزاء بالبلاد، قوبل بسيل من عبارات الدفاع والتبرير على مواقع الإنترنت وفي الأحاديث الخاصة. وتوحي تعبيرات التأييد القوية بأن حلفاء الولاياتالمتحدة كالسعودية والإمارات ربما يزدادون بعداً عن واشنطن التي تساند حكومة بغداد. وعلى موقع تويتر كتب الدكتور حاكم المطيري الذي يرأس حركة كويتية من السلفيين، "المعركة اليوم تخوضها بغداد الرشيد ودمشق الوليد نيابة عن الأمة كلها لتستعيد كرامتها من جديد فاللهم نصرك". ويرى كثيرون أن انهيار قوات الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة، نذير بأفول نجم خصمهم الأكبر.. إيران. وهم يرون رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أداة في يد إيران. وقال فراس وهو موظف بالرياض، "الجيش العراقي لم يكن جيشاً حقيقياً من أول يوم. إنه مجموعة من الميليشيات الشيعية. لقد أذل المالكي السُنة وهم يبغون أن يحيوا حياة كريمة لهذا قرروا الثورة". وتسير حكومات الخليج على خيط رفيع فيما يتعلق بأمر العراق.. فهي تهاجم المالكي وإيران باعتبارهما المسؤولين عن العنف وتبدي تأييداً قوياً لحقوق السنة وفي الوقت ذاته تشجب "داعش" وغيرها من الجماعات المتشددة التي ترفع شعار الجهاد. وكانت السعودية قد أخمدت تمرداً دامياً قبل عشر سنوات من جانب أعضاء تنظيم القاعدة الذين كانوا قد قاتلوا في العراق وأفغانستان. وهي تخشى أن يشجع نجاح الجماعات الجهادية في العراقوسوريا تيار التطرف على أراضيها. ومن المعتقد أن هناك آلاف السعوديين ومواطني دول خليجية أخرى بين الأعداد الكبيرة التي تقاتل مع تنظيم "داعش" وجماعات متشددة أخرى في سورياوالعراق مما يزيد من مخاوف المسؤولين من أثر ذلك في الداخل. وأثار إحجام الحكومات السنية عن التأييد الصريح للمقاتلين السنة في العراق انتقادات بين بعض المواطنين السنة الذين يرون أن أبناء مذهبهم مكبلون بينما هم يرون دعماً إيرانياً صريحاً للشيعة. وما من شك في أن تقدم السنة الذي بدأ قبل أسبوعين في العراق قد أجج المشاعر الطائفية بالشرق الأوسط. وتتهم الحكومة العراقية دولاً خليجية بمساندة المتشددين من خلال تسليح وتأييد المقاتلين السنة في سوريا. بل إن الحكومة في بغداد حملت السعودية في الأسبوع الماضي مسؤولية دعم ما قالت إنه يصل إلى حد "الإبادة الجماعية" بالعراق. وتقول السعودية إن دعمها للمقاتلين السنة في سوريا لا يمتد إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذي يقاتل فصائل أخرى للمعارضة السورية تمدها السعودية بالسلاح والمال. وترفع الدولة الإسلامية في العراق والشام رايتها السوداء في المدن العراقية التي تسيطر عليها ويلقى مقاتلوها تأييداً أيضاً بين عشائر سنية وسياسيين أكثر اعتدالاً غاضبين من حكم بغداد. ويقول كثيرون بالخليج إن من الخطأ وصف الانتفاضة السنية بأنها مشروع لتنظيم "داعش". وفي مقال للرأي نشر بصحيفة عرب نيوز السعودية اليومية، تحت عنوان "شيطنة الانتفاضة السنية في العراق" كتب الصحفي الأردني هاني الهزايمة، إن افتراض أن الدولة الإسلامية في العراق والشام تقود الانتفاضة يصب في صالح المالكي. وقال: إن ما كتب حتى الآن يسدي في الواقع خدمة جليلة لأجندة المالكي "الطائفية"، مؤكداً أن ما حدث هو انتفاضة شعبية على سياسات رئيس الوزراء العراقي الجائرة التي تبعث على الفرقة. ويرى بعض السنة في الخليج أن التركيز الإعلامي على "داعش" والانزعاج الذي عبرت عنه الحكومات الغربية من الأحداث في العراق يدلان على ازدواجية المعايير. وهم يقارنون بين ذلك وبين ما يرونه انتقاداً أهدأ للرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران. وقال متعب وهو مدير عام بشركة في الرياض، "هذا يظهر انحياز السياسة الخارجية الغربية انحيازاً تاماً. فالأسد يفعل ما يحلو له دون أي رد فعل على جرائم الحرب التي يرتكبها لكن بمجرد أن تسقط مدينة بالعراق فإنهم يسارعون في إبداء رد الفعل".