كشفت الأفلام التي عرضت في إطار الطبعة الثامنة لمهرجان الفيلم الأمازيغي بسطيف أن »سينما التعبير الأمازيغي« بدأت تشهد الخروج من النضال الأيديولوجي والبحث عن الهوية الشخصية إلى البحث عن الإحتراف والهوية الفنية، حيث فرض المخرجون الشباب خاصة نظرة مغايرة، حيث نجد الأفلام المهتمة بالمجتمع في تفاصيله وما يعانيه الإنسان الجزائري عموما من الضياع والبطالة والمخدرات الى آفاق أخرى. حيث أكد الشباب أن السينما اليوم هي إبداع تتطلب توفير الإمكانات وإتاحة فرص التكوين وتدعيم القدرات الشابة، وفي هذا الإطار كشف محافظ المهرجان الهاشمي عصاد أن المهرجان هذا العام خطى خطوة في اتجاه تكريس تقاليد تبني الطاقات الشابة عبر مسابقة أحسن نص سيناريو سيعلن عنها في نهاية المهرجان ويتم تبني مشروعين لإنجاز فيلمين في الطبعة القادمة. وفي نفس الإطار أضاف المتحدث أن ورشات التكوين التي أطرها هذه السنة السويسريون تمت بوسائل حديثة تم استقدامها من سويسرا خصيصا، كما تم فتح ورشة أخرى لتكوين تلامذة سطيف في مجال السينما لمدة 3 أيام، وهذا بعد الطلب المتزايد من قبل الشباب، يقول عصاد، وهذا يعكس حسب المتحدث الإهتمام المتزايد للأجيال الصادعة بالفن السابع الذي يجب أن يدرج في برامج التكوين والحركة الجمعوية من خلال خلق نوادي السينما، كما كشف عصاد أن ميزانية المهرجان ارتفعت هذا العام إلى 700 مليون بدل 600 مليون العام الماضي من خلال الدعم الذي قدمته وزارة الثقافة. من جهة أخرى، قال عصاد في تصريح للشروق أن الفيلم الأمازيغي يسعى للبحث عن الاحتراف والترسخ في إطار المهرجانات المحترفة عبر تكريس تقاليد الإحتراف التي تجلت هذا العام في تخصيص لجنة تحكيم دولية من سويسرا وفرنسا وإرلندا والجزائر وكذا الفرض على المشاركين أن تكون الأفلام كلها حديثة من إنتاج هذا العام وتجاوز النقائص التي سجلتها الطبعات السابقة وكذا ربط علاقات التعاون والشراكة مع المهرجانات الأخرى من ارلندا وسويسرا وفرنسا والولايات المتحدة... على هامش مهرجان الفليلم الأمازيغي مختصون يطرحون أزمة السينما الجزائرية والمغاربة يعرضون تجربتهم أجمع المخرجون وكتاب السيناريو على هامش مهرجان الفيلم الأمازيغي في طبعته الثامنة بسطيف أنه حان الأوان لتهتم الدولة بالسينما وتعطي القطاع الأولوية التي يستحقها، خاصة في التكوين في المجال التقني والصورة والتكميل، لأن السينما هي قبل كل شيء صناعة، على حد تعبير على موزاوي الذي أشار على هامش عرض فيلمه »ميمزران«، إذ أشار أن الجيل الموجود الآن من القدماء يجب أن ينقلوا تجربتهم للشباب الصاعد من أجل مستقبل أحسن للفن السابع في الجزائر. من جهته أستاذ النقد السينمائي محمد بن صالح طرح أهمية خلق التراكم المعرفي والتقني لتجاوز الهوة التي عرفتها السينما الجزائرية خلال العشرية السوداء. كما أكد المتحدثون أيضا على وجوب خلق سوق سينمائية لتسويق الإنتاج وتشجيع المخرجين على خلق التراكم وهذا عبر الإهتمام أكثر بقاعات العرض وشبكات التوزيع. هذا وقد شهد اليوم الثالث عرض مجموعة من الأفلام أهمها »حنيفة« لرمضان لفطين وسامي علام، يؤرخ لحياة المغنية القبائلية زبيدة المعروفة بحنيفة الملقبة »بإديت بياف القبائل«، حيث تطرق المخرج عبر فيلمه إلى حياة المطربة التي عرفت مراحل جد صعبة في حياتها من طلاق و"ميزيرية" وعبرها إلى تاريخ الأغنية الجزائرية، خاصة الأغنية القبائلية التي هاجرت في وقت الثورة إلى فرنسا ومن هناك ساندت الثورة التحريرية واستطاعت أن تجعل فيما بعد الفن في خدمة الثورة وقضايا الاستقلال، كما عرض أيضا الفيلم المغربي »الهيكل« للمخرج ياسين فنان الذي استطاع أن يرسم صورة كاريكاتورية للمجتمع المغربي وما يعانيه من مشاكل عبر قضية إمرأة يسعى رئيس البلدية بالتواطؤ مع شيخ القرية أن يستولي على أرضها فتقاوم بكل شراسة إلى أن يقتلها زعيم البلدية ويتهم ابنها بقتلها، وعلى هامش القصة الرئيسية للفيلم نكتشف بعض المظاهر التي يعرضها المخرج بطريقة كاريكاتورية مضحكة، لكنها هادفة مثل لجوء شيخ القرية إلى الرقية عبر الأنترنيت وهو الذي يعظ الناس على التقوى، لكنه يتفرج على التفزيون ولا يتردد في ارتكاب أفعال الشعوذة والسحر، كما يكشف أيضا عبر خطاب شباب مشاكل البطالة والديمقراطية وخطاب تحرر المرأة، كل هذه الرسائل يمررها المخرج دون أن يمارس نوعا من الدعاية الأيديولوجية على المتفرجين. وعلى هامش الفيلم المذكور نظم المغاربة مائدة مستديرة حول »تجرية السينما الأمازيغية في المغرب.. من الهواة إلى الاحتراف« نشطها كل من المخرج ياسين فنان ومدير مهرجان »اسنين نورغ« أو التاج الذهبي، رشيد كوسيم والممثل ابراهيم آيت قاضي تطرق فيها المتدخلون إلى المراحل الثلاث التي مرت عبرها السينما الأمازيغية في المغرب والأفلام التي أرخت لهذه التجربة من »إمرأة من ذهب« إلى »الأمواج السبعة لاموران« الذي توج في دبي مؤخرا. رشيد كوسيم أشار إلى الدعم الذي تقدمه الدولة هناك للأفلام والسينما عبر وزارة الإتصال وهذا منذ أن استطاع المخرج نبيل عيوش أن يؤسس من بلجيكا للصناعة السينمائية وهذا منذ 2004 أين دخلت السينما الأمازيغية في المغرب مرحلة الاحتراف التقني، خاصة وقد كشف مدير مهرجان »التاج الذهبي« أن المغرب يستعد لإطلاق القناة السابعة المختصة في السينما والإنتاج السمعي البصري الأمازيغي من أجل توفير دعم أكبر للثقافة الأمازيغية. سطيف: زهية منصر