"هل نسيتنا؟ نحن الذين كنّا نمشي الدوريات الاسرائيلية في معسكرنا (بالشقلوب)" بهذه الكلمات افتتح القائد الشهيد نزار ريان رحمه الله قبل 10 سنوات بالضبط معركة "أيام الغضب". في ذلك الحين لم يكن لدى المقاومة سوى عدد محدود من صواريخ قسام 1 وقسام 2 - هي نفسها التي كان البعض يصفها بالعبثية. وكان لدى المقاومة عددٌ محدودٌ من العبوات المحليّة الصّنع، وكانت ميزتها في ذلك الحين قاذف يشابه ال RPG يسمى قاذف الياسين، وقاذف البتار. وكان ذلك كلّه يرافقه قناعة كاملة بالنصر وثقة تامّة بالله سبحانه وتعالى. في ذلك الحين -انظر معي يا رعاك الله- كانت تجتمع على المقاومة سلطة تنسق مع الإحتلال، ونظامٌ مصريٌّ متعاونٌ مع العدو، وعدد لامتناهٍ من العُملاء والجواسيس، وانفصال بين معظم مناطق القطاع بسبب وجود المستوطنات في ذلك الحين. وبدأت المعركة، واستمرت 17 يوماً، ثمّ انسحب العدو من غزة دون أن يحقق أي هدفٍ سياسيٍّ أو عسكريٍّ، بل إن المقاومة زادت والقصف على "سديروت" زادت وتيرته. بعد تلك المعركة بدأ شارون بالتفكير بالانسحاب الحقيقي من قطاع غزة، وخسر شارون وانتصرت غزة. "معركة الفرقان" درجت العادة لدى قادة الإحتلال أنهم إذا أرادوا البحث عن انتصارات وهمية لتسويق أنفسهم فإنهم يقومون بقصف غزة، هكذا كان حال "أولمرت" السّياسي الذي لم يجرب من قبل اللعب في ملعب الصّقور. وكان يظنّ أن الأمر مجرد نزهة ويصبح بعدها رجل "إسرائيل" الأول. أعلن أولمرت عام 2008 حربه على غزة وأسماها "الرصاص المصبوب"، وكان يهدف إلى وقف الصّواريخ نهائيا واستعادة "شاليط"، وكان معه جيش الاحتلال كاملاً، في مقابل مقاومة فلسطينية متمركزة في غزة وسلاحها الاستراتيجي عددٌ من الصّواريخ ذات المدى المحدود. وبدأت المعركة ولم يجرؤ العدو على التوغل كثيراً في أراضي القطاع، حتى أننا لا ننسى حتى اليوم مشهد جنوده وهم يصرخون على بعضهم من الخوف، أثناء هربهم خوفاً من رصاص المقاومين. استمرت المعركة 21 يوماً، لم يتوقف فيها إطلاق الصّواريخ على فلسطينالمحتلة حتى السّاعة الأخيرة للمعركة. أصرت المقاومة الفلسطينية أن تكون لها كلمة الفصل هذه المرة، وخسر أولمرت وانتصرت غزة. "حجارة السجيل" في عام 2012 أعلن المُدلل "نتنياهو" -ذلك الجندي الذي نجا من الموت بأعجوبة في إحدى عمليات المقاومة الفلسطينية في السّبعينات وقُتِلَ شقيقه فيها- أعلن الحرب على غزة وأسماها "عامود السّحاب" وأسمتها المقاومة "حجارة السجيل". بدأها الإحتلال باغتيال قائد أركان المقاومة في غزة الشهيد "احمد الجعبري"، وردّت حماس بقصف تل أبيب لأول مرة منذ قصفها على يد صدام حسين عام 1991. استمرت المعركة أسبوعاً واحداً فقط، وبعدها اضطر العدو للرضوخ لشروط المقاومة وإعلان الهدنة، وخرجت قيادات المقاومة لتعلن النصر. وخسر نتنياهو وانتصرت غزة مرة أخرى. "العاشر من رمضان" في عام 2014، ولأول مرة تمتلك المقاومة الفلسطينية بيدها قرار الحرب وتقرر ضرب الاحتلال في كلّ مكان، بعد قيامه بمحاصرة غزة وشدّ الخناق عليها، و حتى اللحظة ما زالت المعركة مستمرة وهناك 4 مليون صهيوني في الكيان يقومون بتمارين ركض سريع عند سماع صوت الصفارات. وانهارت جميع نظريات الأمن "الإسرائيلية" ورأينا بأم اعيننا كيف أن هذا الكيان هو كتلة من الخوف تمشي على الأرض. اليوم تخوض غزة الحرب وفي يدها من الأسلحة: استشهاديون، كوماندوز بحري، وحدات خاصة للخطف، وحدات قناصة منتشرة على طول القطاع، ما يقارب ال 30 الف مقاتل، صواريخ رنتيسي 160، صواريخ جعبري 80، صواريخ مقادمة 75، صواريخ فجر 5 وفجر 3، و مدى مفتوح لإصابة أي هدف على امتداد كامل فلسطينالمحتلة. خلال مدة زمنية قصيرة استطاعت المقاومة أن تفرض المعادلات على الإحتلال، فبعد أن كان هو البادئ، أصبحت المقاومة هي من يقرر متى تبدأ المعركة ومتى تنتهي، وبعد أن كان الإحتلال يطيل أمد معاركه أصبح اليوم لا يجرؤ على إطالة المدة الزمنية خوفا من انهيار جنوده، وبعد أن كان الإحتلال يتغول في دماء الفلسطينيين في اعتداءاته أصبح اليوم يحسب الحسابات قبل إقدامه على ذلك، مما يثبت المقولات الدائمة بأن المقاومة تحمي أرواح الناس وبأن السكوت هو من يقتلهم.
خلال 10 أعوام فقط استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تنتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم وإلى مرحلة تحطيم الأساطير الصّهيونية. وها نحن اليوم ننتظر موعد النصر القريب وكلنا أمل وثقة بالمقاومة وبمقاتليها وعيوننا تتطلع إلى ذلك اليوم القريب الذي سنستعيد فيه قرانا في حيفا ويافا وصفد.