في هذه ألأوقات التي يتجلى فيها دعم الشعب الجزائري المجاهد لشقيقه الشعب الفلسطيني المرابط وصلتني من دولة الأمارات العربية المتحدة نسخة من كتاب يحمل عنوان (من جرجرة الجزائر إلى كرمل فلسطين - تجربة عائلة خليل المغربي في الهجرة والهوية) لمؤلفه الدكتور عبد الله المغربي، وهو كتاب يبحث في هجرة عائلة المؤلف القسرية من الجزائر إلى فلسطين ثم لبنان بسبب اضطهاد الأستعمار الاستيطاني الفرنسي ثم الصهيوني. والكتاب مدجج إن صح التعبير بالوثائق الفرنسية والبريطانية والعثمانية والعربية وشكلت مصادر قوية للبحث تنشر لأول مرة بالإضافة إلى المراجع الهامة بعدة لغات. يبحث المؤلف في جذوره العائلية متتبعا خطوات هجرة هذه العائلة من الجزائر إلى حيفا واستقبال الشعب الفلسطيني الطيب وسرعة آخذها مكانتها في المجتمع حيث قسم المؤلف كتابه إلى فصول ستة هي: الهجرة الجزائرية إلى بلاد الشام، المهاجرون الجزائريون في بلاد الشام، تجربة الاغتراب الجزائري عائلة خليل المغربي نموذجا، الانتداب البريطاني، الهوية الفلسطينية ووثائق العائلة نظرة تحليلية، المهاجر الجزائري بين وهم الرعاية الفرنسية وحق المواطنة، وآخر الفصول جاء بعنوان "القانون الدولي وإثبات النسب للمهاجرين الجزائريين .." ويشكل هذا الكتاب إضافة متميزة إلى الكتب والأبحاث التي صدرت عن هجرة الجزائريين إلى المشرق العربي، فهو أول كتاب يركز على عائلة مهاجرة بعينها وهو ما يشكل إضافة نوعية وتفصيلية، فبعد أن كانت الهجرة الجزائرية إلى المشرق شبه مجهولة عند الرأي العام في ثمانينيات القرن العشرين الماضي، ثم عرفت في التسعينيات بشكل واسع، عبر ماقدمه باحثون أكاديميون وإعلاميون، وبدأت الجامعات الجزائرية تناقش أطروحات دكتوراه ورسائل ماجستير حول هذه الهجرة وما قدمته وسائل الأعلام الجزائري المرئية والمسموعة والمكتوبة من تعريف واسع للهجرة والمهاجرين، وتحدثت عن دورهم السياسي والثقافي والجهادي من أجل القضية الجزائرية والقضية القومية في فلسطين وسورية وغيرها فكانوا في يوم الوقيعة في الطليعة خيولا عربية سريعة، هاهو المؤلف عبد الله المغربي ينقل البحث حول الهجرة من هذه العموميات إلى العمق حيث يفتح الباب للحديث عن كل عائلة مهاجرة فيعطيها مكانتها في تاريخ هذه الهجرة. وأما الإضافة الثانية التي يشكلها هذا الكتاب إلى ما سبقه من كتب وبحوث فهو دراسته موقف هؤلاء المهاجرين في القانون الدولي وهو كما أعتقد بحث غير مسبوق بالنسبة للهجرة الجزائرية في القرن التاسع عشر سواء للمشرق العربي أو كاليدونيا أو كيان وغيرها من المنافي ولاشك بأنها إضافة تستحق التنويه. ومن الملاحظ أن الكاتب وهو يتتبع تجربة عائلته في الهجرة لم يتجاوز عن باقي العائلات بل ذكر دورها والقرى التي سكنتها في الكفاح الفلسطيني ضد الصهاينة والاستعمار البريطاني والمتواصل منذ مائة عام، وقد رأينا في هذه الأيام حيث العدوان اليهودي على قطاع غزة. ويأتي هذا الكتاب في مضمونه تأكيدا على تلك الندوة وربما الندوات التي عقدها مركز الدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر التابع لوزارة المجاهدين حول الجالية الوطنية في الخارج إذ أن هذه الجزائري في مختلف القارات والبلدان سواء كان تواجده فيها خلال الاحتلال الفرنسي أو خلال الإستقلال يستحق البحث والمتابعة التاريخية والدبلوماسية فهو سفير للجزائر ودليل تفتحها وعلاقاتها بالعالم المعاصر ونافذتها عليه ... فكيف إذا كان دوره هناك فعالا وأساسيا ومتفقا مع الشعوب التي كافحت وتكافح من أجل تقرير مصيرها.. خاصة وأننا نجد في مختلف بقاع العالم عائلات جزائرية بكاملها قامت وببسالة نادرة بأدوار سياسية وثقافية واقتصادية تتسم بالأهمية .. كما نلمس من كتاب عبد الله المغربي حيث عائلة كافحت ضد الأستعمار الاستيطاني وحرب التظهير العرقي في المغرب والمشرق على حد سواء وهي نموذج من مئات العائلات الجزائرية في المنافي والمهاجر.