لقيت التعليمة الأخيرة لوزارة التربية الوطنية التي تمنع التلاميذ، خاصة في الطورين المتوسط والثانوي، من ارتداء ملابس معينة، تباينا في المواقف بين العائلات الجزائرية، ففي وقت رحبت الغالبية بالقرار، اعتبرته قلة تدخلاً في الحياة الشخصية لأبنائهم وبناتهم، مُعتبرين أن النتائج الجيدة تقاس بالذكاء لا باللباس. استقبل كثيرٌ من التلاميذ الجزائريين قرار وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط بضرورة ارتداء ملابس محتشمة، داخل المؤسسات التربوية باستياء كبير. والملابس التي أصبحت ممنوع على التلميذات ارتداؤها داخل الحرم الجامعي، هي التنورات والفساتين القصيرة، أحذية الكعب العالي، ومنع وضع الزينة. وبالنسبة للذكور السروال القصير (البونتاكور)، والسروال المتدلّي أو "الهابط". وحسب جزائريين أخذنا رأيهم في الموضوع، فقد اعتبروا قائمة المحظورات "قليلة جدا" بالمقارنة مع موضة الملابس الفاضحة المنتشرة في شوارع الجزائر وخاصة المدن الكبرى، وفي هذا تتساءل السيدة مريم وهي والدة لأربعة أطفال "لماذا تغاضت وزارة التربية عن ذكر لباس الفيزو الذي تقبل عليه الفتيات بشدة؟ الفيزو الملتصق بالجسد يُعتبر بالنسبة لي فاضحا جدا أكثر من الملابس التي تم منعها". أما زميلتها رقية والدة لطفل فتساءلت بدورها "وهل منعت وزارة التربية التلاميذ الذكور من الدخول إلى المدرسة بقصّات الشعر الغريبة والبشعة التي نراها حاليا؟". اقتربنا في ثاني أيام الدخول المدرسي من أربع تلميذات كن يتواجدن أمام مدخل ثانوية ببلدية جسر قسنطينة بالعاصمة، جميعهن كن يرتدين سراويل جينز، لما سألناهن عن تعليمة منع ارتداء الملابس الفاضحة، انفجرن ضاحكات، ولما سألناهن عن السبب، قالت واحدة "وزارة التربية يبدو أنها تعيش في عصر السبعينات، لأن "الميني جيب" الذي منعته "راح وقتو" ولم يعد من الموضة، وأصبح يلبس في الأعراس فقط وليس الشارع، والحمد لله أنهم لم يمنعوا ملابس هذا العصر مثل جينز سْليم، الفيزو..." وأعقبت أخرى "أنظري أنا أرتدي قميصاً بلا أذرع ودخلت به القسم ولم يمنعني أحدٌ لأنه ليس من المحظورات". وللأساتذة والمعلمين رأي مخالف، فحسب "مليكة. م" مدرِّسة بمتوسطة بعين النعجة، فإن "القرار لن يطبق بسهولة، وصعوبته تكمن في تساهل مديري المؤسسات مع بعض التلاميذ، خاصة أبناء العائلات المعروفة أو الغنية، فأنا أجزم بأنهم سيسمحون لهم بدخول القسم بالملابس التي يشاؤون، والقرار سيُطبق فقط على الفقراء والذين أصلاً لا يرتدون الملابس الفاضحة". وروت لنا مليكة حكايتها مع تلميذة كانت في قسمها السنة المنصرمة، وانتقلت إلى الثانوي، تقول "الفتاة زيادة على شغبها داخل القسم، كانت تدخل القسم بملابس فاضحة وتضع لوحة زيتية على وجهها من كثرة الماكياج، وعندما طلبت منها مرّة مسح أحمر الشفاه من شفتيها، فوجئت بوالدتها تقتحم عليّ القسم في اليوم الموالي، وتحذرني من التدخل في حياة ابنتها الشخصية وقالت لي: مهمتك أن تدرّسيها فقط.. وتعرضتُ بعدها لتأنيب شديد من مديرة المدرسة"، ومنذ ذلك الحادث لم تعد مليكة تتدخل في ملابس التلاميذ حتى ولو دخلوا عراة إلى القسم، حسب قولها.