باشرت مصالح الفرقة الاقتصادية والمالية لولاية قسنطينة تحقيقا معمّقا حول أموال الدعم المباشر الممنوحة للحرفيين النشطين في ميدان الصناعة التقليدية والفنية بقسنطينة. حيث أن هذا الدعم المخصّص من طرف الاتحاد الأوروبي واستفادت منه عاصمة الشرق (600 مليون سنتيم) على غرار بقية الولايات الأخرى، مسّ 35 حرفيا وكانت الاستفادة عن طريق الصندوق الوطني لترقية الصناعة التقليدية المسير من طرف وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية، حيث أن كل حرفي قام بإعداد فاتورة شكلية (Facture proforma) لا تتعدى السقف المحدّد لكل نشاط وفق مبلغ معيّن، وبدأت العملية في عام 2004 وتمّ دفع الملفات على مستوى غرفة الصناعة التقليدية والحرف بقسنطينة، وإلى غاية جوان 2007 تسلم الحرفيون ال35 الشباب العتاد المطلوب الذي اكتشفوا بأنه من الصنف الرخيص والرديء جدا، وأن القيمة المالية للعتاد المسلم لا تتوافق مع القيمة المالية المحددة ضمن الفاتورات الشكلية بنصف المبلغ (مثلا 6 ملايين سنتيم من بين 14 مليون سنتيم) مع العلم بأن اختيار هذا العتاد كان من المفروض أن يتم عن طريق لجنة تضم المستفيدين من الحرفيين عبر ممثلين عنهم لكل اختصاص وذلك للمشاركة في شراء العتاد، غير أن اللجنة إياها تمّ تشكيلها في الخفاء دون إحضار الممثلين عن الحرفيين، حيث اقتنت الغرفة بمفردها هذا العتاد ومن ممون واحد، هو الذي تبيّن فيما بعد الممون الواحد الأوحد لجميع غرف الصناعة التقليدية والحرف على المستوى الوطني، ما يفتح المجال للتساؤل والريبة. للتذكير، فإن اللجنة المشار إليها تتكون من مدير الغرفة ورئيسها وممثل عن مديرية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية، وطبعا من المفروض ضم ممثلين عن المستفيدين، وبعد اقتناء العتاد مثلما أشرنا، تأكد بأنه مجرّد خردة صينية وأن نسبة معتبرة من المبلغ المخصص لهذه العملية (600 مليون سنتيم) تمّ تحويله بطريقة أو بأخرى وهذا ما دفع جمعيات الحرفيين إلى مراسلة الإتحاد الأوروبي الممول لهذا الدعم من أجل التحقيق حول السبل التي صرف فيها على المستوى الوطني! من جهة أخرى، علمت الشروق اليومي أن لجنة وزارية عن وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية، حلت أمس بقسنطينة للتحقيق حول الصراع الحاصل حاليا على مستوى غرفة الصناعات التقليدية، فيما يتعلق بانتخاب رئيس الغرفة مطلع نوفمبر الماضي والذي تمّ في حضور جميع الأطراف المعنية وهي المديريات التنفيذية لكل من التكوين والتعليم المهنيين، الصناعة والمناجم، التجارة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية، وكان من الحاضرين أيضا مدير الغرفة والجمعيات الحرفية، وقد جرت الأمور في شفافية تامة، حيث انتخبت السيدة صافيناز. ع، رئيسة للغرفة وهي أول امرأة تتبوأ هذا المنصب على المستوى الوطني، غير أن الطريف في الأمر، أنه في كل مرة يتقدم أعضاء المكتب المنتخب لاستلام المهام، يتهرّب مدير الغرفة والرئيس السابق من المواجهة، مبرّرا ذلك بانتظار قرار من الوزير في هذا الموضوع رغم أنه لا صلة قانونية تربط الطرفين على اعتبار أن مثل هذه الانتخابات تتم وتشرف عليها لجنة ولائية حسب ما ينص عليه القانون الخاص بهذه الانتخابات. وقد علمت الشروق بأن الرئيس السابق للغرفة قدم طعنا ضد الانتخابات، مؤكدا بأنها مزورة دون أن يقدم إثباتا واحدا يؤكد هذه التهمة، كما تبيّن أن اثنين من التوقيعات التي احتوت عليها قائمة الطعون مزورة وطالب أصحابها الأصليون بوجوب معاقبة منتحل شخصيتهم أمام العدالة. من جهة أخرى، علمنا بأن لجنة وزارية سبق وأن قدمت إلى قسنطينة وأجرت تحقيقا في مجريات الانتخابات الخاصة بالغرفة، وسمعت لأعضاء لجنة التنظيم والجمعية العامة المنتخبين، وتبين في النتيجة أنه لا توجد أي عملية تزوير، لكن مع ذلك وهي مفارقة غريبة، فإن المكتب المنتخب رسميا وقانونيا، مجمّد حاليا لأسباب غامضة، بل وحتى مريبة على اعتبار أن المكتب المنتخب يملك ملفات ثقيلة حول فضائح مالية وقعت فيها الغرفة السابقة وسيكشف عنها في حينها. تجدر الإشارة إلى أن عدد الحرفيين المسجلين بقسنطينة 5 آلاف حرفي، وقد تحالفت نسبة كبيرة منهم مهيكلة ضمن 7 جمعيات كبرى مع الرئيسة الجديدة المنتخبة، وأصدرت إلى حدّ الآن قائمة مساندة، والقضية لاتزال ساخنة في انتظار الحسم فيها لصالح من يملك الحق القانوني والشرعي طبعا. رشيد فيلالي