احتضنت قاعة المحاضرات بدار الثقافة حسان الحسني ندوة حول التجربة المسرحية والسينمائية في مسار الثنائي الراحل يحيى بن مبروك والحاج عبد الرحمان، حضره جمع من الفنانين والمبدعين الذين عايشوا المرحومين، وكانت زوجة المرحوم الحاج عبد الرحمان ضيفة شرف الندوة، وفي كلمة كشفت فيها الجانب الخفي من حياة أحد عمالقة الفكاهة في الجزائر، والعلاقة التي كانت تربطهما، معتبرة أنها كانت مبنية على المودة والمحبة ودماثة الخلق، وقالت بصريح العبارة"الحاج عبد الرحمان لم يمت عندي وهو حي من خلال ما تركه من إرث ثقافي أفتخر به"، مشيرة في ذات الصدد إلى أن"مثل هذه التكريمات والوقفات ستبقيه حيا مع رفيق دربه يحيى بن مبروك"، كما كشفت في ختام مداخلتها أنها تفرح وتسعد عندما ترى أن كل الشعب الجزائري يحب المرحوم، وهو مفخرة لها، ومعتبرا أن وفاة رفيق دربها هو خسارة للثقافة الجزائرية نظرا للموهبة الكبيرة التي كان يتحلى بها. وأضاف الأستاذ إبراهيم نوال "المرحومان برعا في تجسيد الثنائية البطل"، من جانبه تطرق الأستاذ إبراهيم نوال في مداخلته إلى أهم ما ميز المرحومين وجعلهما أيقونة المسرح والسينما الجزائرية، والمتمثلة أساسا في وحدة الثنائي وتكاملهما وتشابك الأدوار بينهما، بحيث لا تميز بين صاحب الدور الرئيسي والثانوي، معتبرا أن المرحومين برعا في دور"الثنائي البطل الواحد"، وهي ميزة قلّ مثيلها على حد وصفه، واعتبر المحاضر أن يحيى بن مبروك ليس مجرد فنان فقط، بل هو مبدع استطاع أن يوظف حركاته الجسمانية وإيحاءات وجهه والكلمات البسيطة في إيصال ما يريد بطريقة أقرب إلى "السهل الممتنع"، كما أن الملامح الفيزيولوجية للشخصيتين وتناقضها بين الطويل والقصير، وكذا صاحب الشخصية القوية والصارمة مع أخرى عديمة الشخصية والمواقف، جعلهما يكملان بعضهما ويتقسمان الشهرة لأنهما مرتبطان عضويا وفنيا، الفنان المسرحي حميد رابية "بن مبروك فنان مخضرم وفقدان عبد الرحمان خسارة لا تعوض"، من جهته الفنان المسرحي حميد رابية تطرق في مداخلته إلى الجوانب الإنسانية والخصال النبيلة التي تحلا بهما المرحومين، مشيرا أن المرحوم يحيى بن مبروك "هو فنان ومجاهد وكشاف ولاعب كرة قدم، عاش للمسرح وأحب الركح، حتى أنه قال ذات يوم لو مزقتم جسدي لرأيتم مكان الدم مسرحا يسري في العروق"، وهذا دلالة حسبه على المكانة التي يحتلها الفن الرابع في حياة المرحوم الذي حسبه لم يجد الرعاية والعناية اللتين من المفروض أن يتلقاهما في كبره وهرمه، حيث عانى كثيرا من الأمراض والنكران مثله مثل عمالقة الفن في الجزائر الذين يرحلون في صمت رهيب"، كما تحدث بإسهاب عن حياة الفنانين المرحومين وبداياتهم الأولى، حيث كان له الشرف أن عمل المتحدث مع المرحوم بن مبروك في العديد من المسرحيات، "حيث كان الأخ والزميل والمتفتح على كل جوانب الحياة" ختم رابية حديثه، الإعلامي والناقد نبيل حاجي"المرحومان أسسا للكوميدية الشعبية في الجزائر"، معتبرا أن فيلم "عطلة المفتش الطاهر" ستبقى أيقونة في السينما الجزائرية، لما يحتويه من جماليات وخصوصية في تلك الحقبة، فالرحلة تجعل المشاهد ينتظر المغامرات والمفاجاءات والعديد من الأماكن السياحية، وهو ما يميز الفيلم، ففيه السياحة والترفيه والنقد السياسي والاجتماعي لحالات كانت من الطابوهات في تلك الفترة، كسر من خلالها المفتش الطاهر ولابرانتي عصر الركود والتوجه الواحد الذي ميز السينما الجزائرية، خاصة اعتمادها على السنيما الحربية، معتبرا أن حاج عبد الرحمان كانت له البصمة الكبيرة في تغيير النمط السينمائي في الجزائر، من جهته تحدث المخرجان الغوتي بن ددوش وعلي عيساوي على بعض المحطات التي جمعتهم بالفقيدين، حيث تطرق بن ددوش إلى العمل الذي كان سيجمعه بالحاج عبد الرحمان، لكن المنية كان لها كلام آخر.