اهتزّ حيّ سيدي البشير الفوضوي التابع لدائرة بئر الجير شرق وهران، صباح أول أمس، على وقع فاجعة حقيقية راح ضحيتها ثلاثة أطفال في عمر الزهور وقعوا داخل حفرة عميقة غمرتها مياه الأمطار، ليغرقوا هناك حتى الموت. كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحا من يوم الجمعة، حين كان الأطفال الثلاثة يلعبون قرب ورشة مفتوحة لإنجاز مجمع سكني قرب حيّهم الفوضوي بسيدي البشير، في غفلة من أهاليهم وسكّان المنطقة، الذين كانوا مشغولين بالتحضير لمناسبة عيد الأضحى، ليقع الثلاثة وسط حفرة كبيرة عمقها حوالي ثلاثة أمتار، شبيهة بالبركة، كانت غير ظاهرة للعيان بعد أن غمرتها مياه الأمطار والأوحال، ولم يكلّف أصحاب الورشة أنفسهم لتسييجها أو وضع علامة خطر أمامها لتفادي الوقوع فيها أو لعب الأطفال بالقرب منها. "الشروق" زارت عائلات الضحايا لتنقل شهادات حية وتفاصيل المأساة التي راح ضحيتها "ل. مجيد"، 8 سنوات، يدرس سنة ثالثة ابتدائي، "ب.إبراهيم"، 12 سنة، يدرس سنة أولى متوسط، "ب. نور الدين"، 8 سنوات، يدرس سنة ثالثة ابتدائي، إذ تعيش عائلاتهم الفقيرة جدا، على حسب ما وقفت عليه "الشروق"، فترة عصيبة جدا، حيث لم يأكلوا أو يشربوا بسبب الصدمة الكبيرة التي أصابتهم، جراء فقدان 3 أطفال في لحظة واحدة غرقا داخل حفرة.
خرجوا ليلعبوا فرحا بالعيد فغرق ثلاثة منهم؟! الواقعة الأليمة، على حسب رواية "ل. ياسين"، تلميذ في الابتدائية، شقيق أحد الأطفال الغرقى. وكان شاهدا على الحادثة، يقول: "نهار الجمعة على الساعة العاشرة صباحا، كنا خمسة أطفال خرجنا لنعلب فاتسخت أرجلنا، لنقرر الذهاب لغسلها في الحفرة لأنها كانت مليئة بمياه الأمطار، وفي حينها انزلق اثنان إلى داخل الحفرة لأن الأرض كانت زلجة جدا، وظن الباقون أنهم يمزحون فقرروا القفز، لكن دون مخرج لأن الحفرة بعمق يتجاوز المترين مليئة بالوحل، قبل أن أتمكن أنا وطفل أخر من النجاة بفعل مساعدة شقيقي، فيما البقية لم يستطعوا الخروج، وعليه هرعت لإخبار الجيران للمساعدة". هذا، وأورد بعض الجيران الذين أخرجوا جثمان الأطفال، أنهم اضطروا إلى ربط بعضهم البعض بالحبال والغوص في بركة المياه لمدة من الزمن قاربت نصف ساعة، ثم انتشلوا الأطفال موتى بسبب الغرق.
الأطفال دفنوا في جنازة مهيبة.. وعائلاتهم تحت الصدمة دفن الأطفال الثلاثة بمقبرة حي سيد البشير في جو مهيب جدا، بعد صلاة الجمعة، حيث حضر الآلاف من المواطنين لتشييع الجنازة، ونظرا إلى بشاعة الأحداث أكد مقربون من الأهل أنهم لم يستوعبوا إلى حد اللحظة الصدمة، إذ لم يأكلوا أو يشربوا شيئا منذ السماع بالخبر. وهدّد جيران الضحايا الذين يعيشون على صفيح ساخن، بالخروج في مسيرة كبيرة بعد أسبوع من الآن في حال عدم ترحيلهم في القريب العاجل إلى مساكن لائقة، لأنهم يعيشون ببيوت فوضوية والشتاء قادم، مبدين تخوفهم الشديد من تكرار الفعلة مستقبلا.. إبراهيم ومجيد ونور الدين، كانوا يعيشون فقرا مدقعا ورغم هذا كانت البسمة لا تفارق محياهم، إذ خرجوا نهار غرقهم للعب فرحا بالعيد بالرّغم من تؤكدهم أنهم لن يستطيعوا نحر الأضحية صباح العيد لنقص دخل أهاليهم، لكن ساعتهم كانت قد حانت في يوم عظيم هو عرفة.