النهار" تزور أهل الضحايا وتسرد تفاصيل الحادثة المشؤومة بعد الحادثة التدراجيدية لمصرع الأطفال الخمسة ببركة واد السعدية بدوار الحطاطشة الواقع على 10 كلم من دائرة عماري بتيسمسيلت ، تنقلت جريدة النهار إلى عين المكان و حاورت أهالي الضحايا المفجوعين في فلذات أكبادهم ونقل الواقعة كما حدثت على لسان أولياء الضحايا و الطفلة " ساسية "ذات ال15 سنة و التي نجت بأعجوبة من الموت المحقق الذي لحق بأبناء عمومتها " عتيقة ،فوزية ، العيد ، بلال ووردة ". لدى وصولنا إلى عائلة "مالكي" المفجوعة وجدنا أهل الضحايا في حالة الصابر لقضاء الله ، غير أن تأثير الصدمة لا يزال مرسوما على وجوههم لدرجة أن السيد مالكي البشير والد الطفل "العيد" وصف ما حدث بالأمر غير العادي وأن وراء قصة غرق الأطفال الخمسة دفعة واحدة أمور غيبية لا يمكن إدراكها و أن قوة خفية أهلكت الأطفال .... ، والد عتيقة وفوزية يرافقنا إلى موقع المأساة : بعدها تنقلنا مع السيد علي مالكي والد البنتين عتيقة و فوزية اللتين فقدتا في الحادث إلى البركة التي التهمت الأطفال الخمسة و التي تبعد بحوالي 400 متر عن سكناتهم وهي عبارة عن حاجز مائي ، قامت آلة جرف بوضعه بطلب من بعض البدو الرحل الذين يغزون المنطقة صيفا لغرض توريد ماشيتهم و بقيت هذه البركة على شكل حفرة لا ماء فيها خصوصا أمام شح الماء بالمنطقة في فصل الصيف ، وهذا على الرغم من وجود سد مائي تم تدشينه سنة 1990 ، لكن هذا الأخير لم يصمد أمام انجراف التربة و الإنزلاقات مما أدى إلى تصدعه و ظهور فجوة كبيرة في جانبه أدت إلى عدم تمكنه من حجز المياه و كانت سنة 1997 نهاية صلاحية هذا السد ، مما أدى بسكان الدوار للبحث عن بديل للحد من عطش ماشيتهم ، وكانت هذه البرك في نظرهم بديل ولو مؤقتا. ولدى وصولنا إلى البركة وجدناها عبارة عن مسطح مائي بعرض حوالي ال05 أمتار وحوالي ال10 أمتار طول وعمقها بحوالي المترين وذات أرضية طينية سلسة تقع أسفل السد المنهار و يستعملها السكان في توريد ماشيتهم وغسل أغراضهم بها . وقد بدأ السيد علي مالكي في سرد تفاصيل الواقعة كما روتها إبنة أخيه الناجية "ساسية" غير أنه لم يتمالك نفسه و أجهش بالبكاء وهو يروي تفاصيل القصة كاملة .... تفاصيل الفاجعة كما يرويها أهل الضحايا: في حوالي الساعة الواحدة زوالا كانت البنت وردة ذات ال 06 سنوات على حافة البركة تغسل بعض الأفرشة و كانت بقية البنات عتيقة 14 سنة و فوزية 11 سنة وساسية 15 سنة على مقربة منها في حين كان بقية الأولاد يلعبون غير بعيد منهن ، وفجأة انزلقت الصغيرة وردة إلى البركة و من هول ذلك بدأت تصرخ و هي تغرق في البركة فجرى شقيقها بلال ذو ال 11 سنة ورمى بنفسه لنجدة أخته غير أنه غرق هو الآخر حينها تدخلت البنت ساسية لنجدتهما غير أنها إنزلقت في البركة هي الأخرى وشرعت في الصراخ فهبت الأختين عتيقة و فوزية وأمسكتا ببعضهما محاولتين جذب إبنة عمهما ساسية غير أن هذه الأخيرة جذبت إليها البنتين داخل البركة مما أدى إلى غرقهما على التو و بقيت ساسية تصارع من أجل البقاء ووصل الماء إلى مستوى رقبتها ليتدخل شقيقها مالك ورمى لها حبلا تشبثت به كالغريق الذي يتشبث بالقشة وبدأت تصعد رويدا إلى الحافة ، أما الطفل العيد فكان في أعلى البركة يلاحظ ما وقع في ذهول ودونما تردد نزع حذائه ورمى بنفسه في البركة محاولا منه نجدة أبناء عمومته وكأن القدر قد ناداه ليلقى مصيرهم .... ولدى نجاة البنت ساسية وهي تحبو نحو بيتها قدم أخوها لتوريد الأغنام فسمع صراخ أخته الصغيرة و هي تنادي " العيد مات ،عتيقة ماتت ..." ، فاستدار هذا الأخير جريا نحو الأهل لإخبارهم وجرى الجميع نحو البركة لمعرفة هول ما حدث .في حين اتصل أحدهم بمصالح الحماية المدنية وفرقة الدرك الوطني على مستوى دائرة عماري وعلى الفور تدخلت مصالح الحماية المدنية لانتشال الجثث وإسعاف البنت ساسية وقد وجد رجال الحماية المدنية صعوبة في انتشال جثث الولدين بلال و العيد الذين رسبا أسفل البركة في حين طفت جثث البنات الثلاث فوق الماء بجوار بعضهن البعض وكأنهن نائمات ، وقد تم نقل الجثث إلى مستشفى تيسمسيلت و بعدها نحو مصلحة الطب الشرعي بتيارت لتشريحها و كشف ملابسات الحادث لتأكد مصالح الطب الشرعي بوفاة الأطفال الخمسة غرقا. "ساسية " نجت من الموت المحتم و لا تزال تحت تأثير الصدمة : البنت ساسية التي لا تزال تحت تأثير الصدمة أكدت لنا هذه الرواية وهي تجهش بالبكاء خصوصا وأنها عاشت لحظات عسيرة فقدت خلالها 05 من أبناء عمومتها وكادت تكون من تعداد الموتى لولا تدخل القدر لإنقاذها . وقد شيع أهل المنطقة ظهر الجمعة جنازة الأطفال الخمسة في جو مهيب بمقبرة دوار الحطاطشة، في حين طرحت استفهامات حول مصير البرك المائية بالمنطقة و التي باتت تهدد حياة أطفال الدوار وحتى الكبار وكذا مواشيهم و في نفس الوقت هي ضرورة لا يمكنهم الاستغناء عنها ، وفي هذا الخصوص يناشد سكان دوار الحطاطشة السلطات المعنية بإعادة تهيئة سد المنطقة حيث أنهم تلقوا وعودا سابقة بهذا الخصوص منذ ما يربو عن العامين ، وأجرت مديرية الري دراسة بهذا الخصوص غير أن الوضع لا يزال على حاله وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا من طرف المعنيين على الأقل لتفادي مثل هذه الكوارث مستقبلا.