تواجه المنطقة الصناعية لزرالدة مشاكل تكاد تعصف بالمحيط العام لأكبر المؤسسات الاقتصادية على المستوى الوطني، نتيجة الغياب التام للتهيئة والإنارة والمياه الصالحة للشرب في وقت يؤكد فيه مديرو المؤسسات المعنية أن أشغال التهيئة مسجلة في دفتر الشروط، لكن الوالي المنتدب للدائرة الإدارية لزرالدة جمد المشروع لأسباب مجهولة وهو ما دفع هؤلاء للمطالبة بفتح تحقيق في الأمر. الأرض المتواجدة بموقع المنطقة الصناعية كانت تابعة لأحد الخواص، الذي قام ببيعها للوكالة البلدية للعمران والتي قامت بدورها ببيعها لمسيري المنطقة الصناعية سنة 1994، بسعر يغطي تكلفة الأرض والتهيئة حسب دفتر الشروط، وتجمع حاليا 53 شركة صناعية، وقد سجلت بلدية زرالدة مشروع التهيئة في 2005، وخصصت له ميزانية خاصة، وهو ما يؤكده مخطط التهيئة المتضمن تزويد المنطقة بالماء والكهرباء وتهيئة الطرقات وتعبيدها، لكن المشروع لم ينفذ ليومنا هذا، الأمر الذي تسبب في عزوف بعض المستثمرين الأجانب رغم عزمهم على الإستثمار بالمنطقة الصناعية لزرالدة. هي ظروف تعكس الصورة الحقيقية للمنطقة الصناعية ككل، فقد فوجئنا خلال تنقلنا للمنطقة بغياب أية لافتة تدل على وجود منطقة صناعية تعمل بها مؤسسات بحجم "رونو"، ومخابر وطنية للأدوية ك"لام" و"ساري" ومؤسسات، "ميديبانتير"، "بلاتينيوم".. وغيرها، حيث كانت وجهتنا الطريق الوطني رقم11 المؤدي لولاية تيبازة، قبل أن ننحرف على الطريق السريع، بدون أية إشارة، لنجد أنفسنا تائهين وسط مساحات زراعية خيل إلينا أنها مستثمرة فلاحية أهملها أصحابها، الطريق غير معبدة تتخللها حفر من كل الجوانب، ولحسن الحظ فإن الجو كان صحوا ولو كان ممطرا لا استحال علينا الدخول للمنطقة الصناعية. واستنادا إلى مديري الشركات فإن البعض منهم كان قد ركن لوحات بمدخل المنطقة الصناعية، وكان رئيس بلدية لزرالدة قد راسل الوالي المنتدب في 10 أفريل 2007 حسب النسخة التي تحصلنا عليها طالبه فيها بإبداء رأيه حول طلب مجموعة من المستثمرين لوضع صفيحة مهنية بمدخل منطقة النشاطات على الطريق الوطني رقم 11 من اجل توجيه الزبائن نحو المنطقة، لكن الوالي المنتدب أزالها وهو ما يثبته المحضر القضائي لتاريخ 04/11/2006. وعند ما أقدم هؤلاء على فتح الطريق، قام المسؤول ذاته بإغلاقه، وأوضح المديرون أن للمنطقة الصناعية مدخلان رئيسيان حسب المخطط التوجيهي للعمران، لكن بقيا دون تنفيذ وهو ما عرقل نشاطهم وتسبب في حوادث خطيرة بسبب ضيق وعدم صلاحية المدخل الحالي. ورغم مساعي مسيري الشركات لفتح الطريق وحصولهم على رخصة من مدير الأشغال العمومية لولاية الجزائر، بعد أن قامت الولاية حينها بتعيين لجنة ولائية أعطت الموافقة على المشروع، إلا أنه لا شيء من ذلك حدث. وحسب مصادرنا فإن اللجنة تراجعت عن موافقتها في آخر لحظة، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات. بالمقابل فقد قام مسؤولو الدائرة بفتح طريق بالمدخل الثاني للمنطقة الصناعية بالمستثمرة الفلاحية المليئة بالأشجار وهي طريق حافلة بالأخطار، و في ظل غياب الأمن فقد تم تسجيل وفيات وعشرات من الجرحى جراء الاعتداءات في وضح النهار وهو ما دفع بالصناعيين للإمتناع عن العمل في الليل، وأُرغمت بعض النساء للتوقف عن العمل نهائيا. ضف إلى ذلك فإن الطريق تلك أضحت تشكل خطرا حقيقيا على المارة و مستعملي الطريق، وحسب شهادة المعنيين فقد كانت مسرحا للعديد من حوادث المرور، أغلب الضحايا من الموظفين بالمنطقة الصناعية. وللأسباب نفسها، اضطر أصحاب الشركات الكبرى بالمنطقة الصناعية لتحويل المقرات الإدارية لمؤسساتهم لمناطق أخرى بالعاصمة من أجل إستقبال المستثمرين الأجانب. وحسب ما صرح مسيرو الشركات "للشروق اليومي" فإن المسؤول الأول لدائرة زرالدة هو الذي قيد المشروع. ففي عريضة تظلم موجهة لوالي العاصمة موقعة باسم المستثمرين والتي تحصلت "الشروق اليومي" على نسخة منها فقد طالب المعنيون من الوالي فتح تحقيق معمق في مسألة عرقلة مشروع التهيئة لاسيما وأن المؤسسات الصناعية تساهم بحوالي 30 بالمائة من ميزانية الولاية بدفعهم قرابة 40 مليون سنتيم شهريا، كما تشغل المنطقة الصناعية ما يزيد عن 7000 موظف وإطار. جدير بالذكر أننا تنقلنا لمقر الدائرة الإدارية لزرالدة لمقابلة الوالي المنتدب، لكن السكرتيرة أكدت لنا بأن الأمر لن يتم إلا بتحديد موعد من قبل، ولأن الضرورة حتمت علينا ذلك، فقد عاودنا الإتصال مرارا عن طريق الهاتف للحصول على بعض التوضيحات، لكننا لم نفلح كذلك. سليمة حمادي