"أنا بريء سيدي القاضي، لست أنا السارق بل هو شخص يشبهني كثيرا وقد اعترف لي بذلك لما التقيته في السجن..."، هي الكلمات التي رددها المتهم أرزقي لدى مثوله أمام محكمة الجنايات بالعاصمة ليواجه عقوبة قد تصل إلى السجن المؤبد في حالة إدانته بجناية محاولة القتل العمدي والسرقة الموصوفة. هذه القضية حيّرت كل من حضر جلسة المحاكمة وحتى القاضي والمستشارين والمحلفين الذين كانوا بصدد الفصل في قضية المتهم أرزقي إلى غاية حضور الضحيتين بنفسهما وتأكيدهما أمام الجميع أن هذا الشخص ليس المتهم الحقيقي، وإنما هو شخص آخر يشبهه كثيرا وهو بالسجن الآن والقضية مطروحة أمام قاضي التحقيق بمحكمة باب الوادي.وبالرجوع إلى حيثيات هذه القضية فهي تتعلق بتعرض ثلاث ضحايا للاعتداء والسرقة من طرف شخص مجهول بغابة باينام، حيث تقدم الضحية (م. سمير) يوم 27 جوان 2007 بشكوى ضد مجهول لتعرضه للسرقة بغابة باينام بالعاصمة من قبل شخص مجهول هدده بواسطة خنجرين كان يحملهما بيده وسرق منه ثلاثة هواتف نقالة ومبلغ 3 آلاف دينار، ولما عرضت عليه صور المشتبه فيهم تعرف على المتهم.وفي اعتداء مماثل وقع يوم 4 جويلية 2007و، تعرض الضحية (م. عزيز) وصديقته البالغة من العمر 17 سنة بذات الغابة للسرقة من قبل نفس الشخص الذي هددهما بالسلاح الأبيض ولم يكتف بذلك بل ضرب الضحية عزيز بالخنجر مما سبب له عجزا لمدة 60 يوما لينقل إلى المستشفى.وفي اليوم الموالي ألقت الشرطة القبض على المشتبه فيه المدعو أرزقي الذي خرج من السجن بتاريخ 10 جوان.ولدى مواجهة الضحيتين عزيز وأمينة بالمتهم أرزقي أكدا في البداية أنه هو لأنه يشبه الفاعل الحقيقي جدا خاصة في لهجته القبائلية، إلا أن هذا الأخير أصرّ على أنه لم يعتد عليهم وبالنسبة ليوم 27 جوان كان بالمنزل ولم يخرج منه إطلاقا وفي 4 جويلية كان بشاطئ البحر رفقة رفاقه. وهكذا اقتيد مجددا إلى السجن رغم أنه بريء من ذلك الجرم. وبعد مضي أربعة أشهر على دخوله الزنزانة، التقى بابن حيّه محمد الذي صارحه بأنه هو من اعتدى على الضحايا وهو الآن بالسجن بسببه ورغم تبليغه قاضي التحقيق بالحقيقة إلا أنه تمت إحالته على محكمة الجنايات بالعاصمة بالرغم من تنازل الضحيتين على الشكوى ليحاكم بجناية محاولة القتل العمدي والسرقة.ولما مثل المتهم ارزقي، البالغ من العمر 25 سنة، أمام قاضي الجنايات صرح أنه بريء من التهمة المنسوبة إليه، مشيرا إلى أن الفاعل الحقيقي هو المدعو (محمد. ع) الذي اعترف له بالحقيقة داخل السجن، وهذا الأمر جعل القاضي في حيرة من أمره ولما استدعى الضحية الأولى أمينة أكدت أن هذا الشخص ليس هو من اعتدى عليها وصديقها وأنها في البداية أخطأت لما رأته في الصورة لأنه يشبه الفاعل الحقيقي كثيرا، وأكدت أنها استدعيت من قبل محكمة باب الوادي كضحية في قضية المتهم الحقيقي (ع. محمد).وبدوره الضحية الثاني سمير أكد أن هذا الشخص ليس المتهم الحقيقي، وأنه أخطأ في البداية بسبب تواجده في العناية المركزة ويشبه المتهم كثيرا، مستغربا لماذا مازال الشاب أرزقي في الحبس بعدما سحب شكواه وتبين أن الفاعل الحقيقي هو إنسان آخر. وقدم في هذا الصدد الملف الكامل للتحقيق الذي يجري بمحكمة باب الوادي مع الفاعل الحقيقي الذي اعترف بالوقائع. غير أن النائب العام التمس عقوبة السجن المؤبد في حق المتهم أرزقي نظرا لكثرة سوابقه العدلية، معتبرا أن رؤية الضحايا لصورته وتعرفهم عليه ليس ضربا من الخيال. وبعد المداولات القانونية قضت محكمة الجنايات ببراءة المتهم أرزقي من جناية محاولة القتل والسرقة.