عبر المشاركون في ندوة الشروق حول أحداث فرنسا وما أعقبها من تنام لظاهرة الإسلاموفوبيا عن سخطهم من السلوك الغريب للحكام العرب الذين لم يترددوا في الحضور شخصيا أو إرسال ممثلين عنهم للمشاركة في مسيرة التضامن مع صحيفة شارلي إبدو التي طالما أساءت للرسول صلى الله عليه وسلم، وقال هؤلاء إن ما يحدث هو ظاهرة استلاب حضاري جعل العرب ينسون مآسيهم وقتلاهم بأسلحة غربية، فيما يتحولون إلى ناشطين ومناضلين للدفاع عن حرية التعبير التي ينتهكونها في بلدانهم. صالح عوض يشكك في اعتداءات شارلي إيبدو وينتقد: الآلاف يموتون والحكام العرب منشغلون بعزاء شاتمي الرسول أكد الكاتب والمفكر الفلسطيني صالح عوض في منتدى جريدة الشروق على أن ظاهرة الإسلاموفوبيا هي من صناعة الغرب، وأن ما حدث من اعتداءات على مجلة شارلي إيبدو الساخرة ما هو إلا من تداعيات سياسة العنف المقصودة التي صنعها الغرب وبثها بين المسلمين. وتساءل صالح عوض في السياق ذاته عن سبب هرولة الحكام العرب للمشاركة في بيت عزاء الفرنسيين بعد اعتداء شارلي ايبدو، في وقت يموت فيه الآلاف يوميا في غزة وفي سوريا وفي اليمن، ومات من قبل الآلاف من الجزائريين في العشرية السوداء ولم يحضر ولا مسؤول أوروبي للتعزية، ليقول "هل هانت علينا دماؤنا لهذه الدرجة"، وأضاف "هل موتاهم بشر وقتلانا لا"، وأردف قائلا "كل يوم ترتكب في غزة مذابح بسلاح فرنسي ولا نجد أي موقف رسمي عربي؟ فهل هانت علينا دماؤنا وكرامتنا وغابت مرجعيتنا؟". واستغرب ذات المتحدث من هرولة الحكام العرب للاستنكار والتنديد بما حصل في فرنسا، وكذا المشاركة في العزاء وفي "مسيرة الجمهورية" وحمل شعار "أنا شارلي"، ليقول "من أكبر العار علينا أن نذهب لنعزي من يشتم نبينا ومن يجاهر بالعداء ضد المسلمين"، واعتبر عوض بأن العداء ضد المسلمين هو الشغل الشاغل للغرب منذ سنوات ومنذ انتهاء حربهم مع الاتحاد السوفياتي، حيث أصبح شغلهم الشاغل هو معاداة الإسلام، حيث أدركوا منذ زمن بأن الإسلام هو الخطر الذي يهددهم. ولم يخف عوض شكوكه حول السيناريو المفبرك للاعتداء ضد مجلة "شارلي إيبدو" وفرضية تورط اللوبي اليهودي فيه، وهذا بعد الموقف الفرنسي بمجلس الأمن من القضية الفلسطينية، فيما نوَه بتناقض الموقف الفرنسي من مفهوم حرية التعبير عندما يتعلق الأمر باليهود، حيث يعاقب كل من يمس باليهودية، فيما يترك أمثال شارلي إيبدو ممن يسيئون للرسول الكريم باسم حرية التعبير وهذا إذا تعلق الأمر بالإسلام، وأضاف بأن المسلمين الفرنسيين يمثلون عشرة ملايين من المجتمع الفرنسي، لكنهم لا يعاملون مثل المسيحيين أو حتى اليهود، والديمقراطية وحرية التعبير التي تنادي بها فرنسا لا تطبق بنفس المستوى على كل الفرنسيين عندما يتعلق الأمر بالمسلمين، مشيرا إلى أن فرنسا نفسها هي من تغذي العنف بعنصريتها ضد الإسلام، وتهميشها للأحياء التي يعيش فيها المسلمون والجزائريون خاصة، لدرجة أن كل جزائري هو متهم بالنسبة للفرنسيين، واستغرب ذات المتحدث من سكوت فرنسا الديمقراطية على العنف الممارس ضد المسلمين والمساجد، وتنديدهم بعنف دبروه هم ضد 17 فردا، حيث أكد على أن ما حصل في اعتداء شارلي ايبدو هو خطة محكمة لشحن المجتمع الفرنسي ضد المسلمين والتي ستدفع ثمنها الجالية المسلمة هناك. الرد الأحسن على الإساءة يكون بالمثل.. ڤسوم: "شارلي إيبدو" مشكوك في أمرها وهي عملية فنية تنقصها الحبكة اعتبر الدكتور عبد الرزاق ڤسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن مشكل الشعوب الإسلامية اليوم أنها تسير بالعاطفية في التعبير عن موقفها في تفسير الأحداث، وهذا من خلال تعاطيها مع أحداث شارلي إيبدوا، مؤكدا في نفس الوقت وجود طريقة أحسن للرد على الغرب دون المساس بما يسيء للإسلام. وقال عبد الرزاق ڤسوم أن المجتمعات الإسلامية لاتزال تحكمها العاطفية في التعبير عن مواقفها، وقد رأينا ما حدث عقب أحداث شارلي إيبدو، أين تسارع الكثير منهم للتعبير عن سعادته للانتقام من الذين أساءوا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وبين المنهزمين الذين يرفعون شعارات "أنا شارلي" للتضامن مع صحفيي جريدة شارلي إيبدو، والغريب -يقول- ڤسوم أنه لو بحثنا عن صحفي واحد يكون متشبعا بالفكر اليهودي أو النصراني نجده لا يتعاطف مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مقترحا في نفس الوقت حلا وسطيا للتعبير عن رفض إساءة الغرب للإسلام كالقيام مثلا بشراء عناوين جرائد غربية وجعل خطها يكون بالأساس تقديسا للأنبياء واحتراما للأديان، مشيرا أن شكوكا كبيرة تحوم على العملية التي أسفرت عن مقتل 12 صحفيا، خاصة وأن الحبكة الفنية التي قدمها الفرنسيون ينقصها الكثير. كما كشف ڤسوم أن حادثة الاعتداء على مجلة شارل إيبدو التي تعمدت إعادة نشر الصور المسيئة للنبي محمد وتعاطي الإعلام العربي والمسلمين مع الحادثة كشفت عن قابلية الاحتلال التي سبق وأن تحدث عليها مالك بن نبي في كتاباته، خاصة وأن الحادثة أثارت تعاطفا كبيار لشعوب العالم سواء من الغرب أو العرب في حين الملايين يموتون يوميا في فلسطين وليبيا وسوريا دون أن يتحرك ساكن لاسيما من الحكومات العربية التي دعاها إلى لضرورة العودة إلى الذات الذي لن يتحقق إلا في حالة وحدة فقط وهي توفر الشروط الحصانة الذاتية من الغزو الفكري والديني والاقتصادي. وأضاف رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أن أحداث شارلي إيبدو وظفت ضد المسلمين، فالقول أننا نحن ضد الإرهاب والقتل، العالم كله سيكون معك، وهذا الأمر طبيعي لكن أن تقول "أنا شارلي" هذه الكلمة تحمل العديد من المعاني فهو التأكيد على الإساءة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام فالجريدة سبق وأن تعمدت إعادة نشر الصور وهي على وعي حجم التأثير والغضب الذي سيصحب ذلك. فالخوف من الإسلام لا معنى له، لأنه مبني على العداوة وليس له علاقة بالديمقراطية التي يدعيها الغرب وعلى رأسها فرنسا. وأرجع ڤسوم أسباب عداء الغرب للمسلمين إلى مقدمات سابقة كانت بدايتها أيام الاحتلال الفرنسي للجزائر، أين ظهرت أول مظاهر الإسلاموفوبيا من خلال تصريحات المسؤولين الفرنسيين أمثال ديغول وغيمولي التي حذرت من الإسلام واعتبرته العقيدة التي يؤمن بها الجزائريون ويصعب مسح شخصيتهم الدينية، فهم كما -يقول- ديغول يدفعون عن العقيدة وليس الوطن، وليس من مصلحة فرنسا التفاوض على الإندماج، لأنه ليس من صالح الفرنسيين.
الخبير الأمني أحمد عظيمي: حادثة "شارلي" صفعة للحكومة الفرنسية بعد إعلان مساندتها لفلسطين اعتبر الخبير الأمني والعقيد السابق أحمد عظيمي، أن حادثة "شارلي إيبدو" هو "سيناريو" مفتعل أريد به صفع فرنسا بعد إقرارها في الآونة الأخيرة بعدالة القضية الفلسطينية، فقبل شهر من الحادثة اتخذ البرلمان الفرنسي موقفا مدعما لفلسطين، وقبلها بأسبوع فرنسا تتخذ موقفا مدعما للقضية الفلسطينية في هيئة الأمم المتحدة. وأشار الدكتور أحمد عظيمي إلى وجود العديد من الجوانب التي تؤكد "فبركة الحادثة" على غرار الحذاء، وبطاقة الهوية والسيارة التي تم توقيفها وعدم الكشف عن جثث الصحفيين الذين زعموا بأنهم قتلوا، إلا أنه من المستحيل أن نجد الدليل، مشيرا إلى احتمال ان يكون اللوبي الصهيويني او الموساد الاسرائيلي وراء العملية قائلا: "المنفذون قد يكونون فرنسيين من أصول جزائرية ولكنهم مخترقون وقاموا بذلك بأوامر من جهات أخرى وكل الجماعات هي جماعات مخترقة من طرف المخابرات الاسرائيلية او الأمريكية او العربية"، وتابع: "يوجد احتمال كبير في ان تكون الحادثة سيناريو "مفبرك" من طرف فرنسي أو اللوبي الصهيوني او قوى اخرى خارجية لفائدة الصهيونية العالمية والضحية دائما هم المسلمون والدول الإسلامية". ومن جهة اخرى، أشار ضيف "الشروق": أن المؤامرة ضد الإسلام والمسلمين بدأت في أوروبا مع بداية الثمانينيات، بعد زوال الكتلة الشرقية، ومعروفة مقولة إذا غابت الأيديولوجية يستيقظ رجل الدين، حيث بدأ اهتمام الغرب بالإسلام، كما ظهرت في هذه الفترة في فرنسا مجموعة من الكتب تتحدث عن الإسلام، في مقدمتها مؤلف "جيل كابيل" في كتابه "الضواحي الإسلامية"، الذي أشار من خلاله إلى وجود 1000 مسجد في فرنسا، حيث أثار الكتاب اهتمام الصحفيين والرأي العام في فرنسا، بالإضافة إلى قضية اعتناق 100 عالم فرنسي في مختلف التخصصات الإسلام، حيث لوحظ الاتجاه الكبير من المسيحية إلى الاسلام، ومن هنا جاءت ضرورة اتخاذ اجراءات لتوقيف المد الاسلامي في فرنسا، خاصة في ظل الانتشار المتواصل.
عدة فلاحي: "يجب القضاء على صراع المذاهب والطائفية للتصدي للإسلاموفوبيا" أشار البرلماني السابق عدة فلاحي لدى نزوله ضيفا على منتدى جريدة الشروق إلى أن قضية الإسلاموفوبيا ليست نتيجة الغرب بقدر ما هي نتاج آخر للصراع السياسي ما بين الدول الإسلامية والتي تغذي التطرف وصراع المذاهب، ليؤكد على أن القضاء على صراع المذاهب وتوحيد الرؤى بين المسلمين ذاتهم هو بداية لحل مشكلة الإسلاموفوبيا لدى الغرب. وقال فلاحي "لا يمكن أن نلتمس الأعذار لأنفسنا ونتهم فقط الغرب بالإسلاموفوبيا"، ويضيف "من يقتل بيد المسلمين في بلاد المسلمين أضعاف مضاعفة"، ليؤكد على أن الصراع ما بين الأنظمة الإسلامية نفسها هو ما يغذي التطرف ويزرعه في الدول الغربية، واعتبر بأنه لا يمكن الفصل بين الصراع المذهبي والإسلاموفوبيا، حيث أكد على أنه لا يمكن القضاء على هذه المشكلة دون حل الصراع المذهبي والطائفي وكذا إيجاد حل للقضية الفلسطينية واستقلال القرار السياسي في الدول الإسلامية. وشدد فلاحي على أن ما يحدث في الدول الإسلامية مؤخرا من صراعات ما بين الطوائف وكذا اللجوء إلى طلب رسمي من دول العالم لتكفير تنظيم الإخوان وتصنيفه كجماعة إرهابية هو ما يغذي الجماعات التكفيرية والتطرف في العالم ويجعل الغرب يجد الحجة في مجابهة المسلمين وتغذية ما يسمى بالإسلاموفوبيا، مؤكدا على انه يجب القضاء على خلافات المسلمين وتسوية نزاعاتهم السياسية فيما بينهم ليتمكنوا من أن يتصدوا لخطط الغرب وحربه ضد الإسلام، وأكد على ضرورة توحيد المراجع الدينية. الغرب ينظر إلينا كجنس من الدرجة الثانية.. مجوري: نظرية المؤامرة مؤامرة.. والغرب ينظر إلينا باحتقار أكد تهامي مجوري عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين على دور المثقفين والعلماء إضافة إلى النخبة في تحسين صورة المسلمين في الخارج والكشف على المؤامرات التي تحاك ضده، لأن مستوانا ليس في مستوى الصراع القائم اليوم. طالب تهامي مجوري العلماء والمثقفين بلعب دور مهم فيما يمر به العالم الإسلامي اليوم من صراعات ومؤامرات يراد منها تشتيت هذه الأمة وخلق بؤر توتر لن تقدم شيئا سوى إبقاء المسلمين في التخلف وسوق لهم دون مقابل، خاصة وأن الفكر الغربي مبني على الإقطاع ولا يستطيع العيش دون عداوة المسلمين الذين يرونهم جنسا في المرتبة الثانية وخطرا جديدا بعد سقوط الشيوعية، وأضاف تهامي لدى نزوله ضيفا على منتدى "الشروق" أن ثقافتنا الحالية لا تسمح باحتواء السناريوهات التي يحيكها الغرب، وهذا حذرت منه كتابات مالك بن نبي الذي تحدث عن صراع جديد مع الغرب ليس بالسلاح وإنما صراع فكري على المستوى الثقافي والإيديولوجي وهو ما نره اليوم. وأشار مجوري إلى الخوف الذي يحس به الغرب من الإسلام وليس المسلمين لما يحمله من قواعد تمس كل الجوانب الاجتماعية والفكرية والروحية التي يفتقدها الغرب، مؤكدا ان المشاكل الموجودة اليوم هي وهمية.
جليل حجيمي نقيب الأئمة: فرنسا هي التي "صنعت" المتطرفين اتهم جلول حجيمي، الأمين العام لأول لنقابة أئمة المساجد بالجزائر، فرنسا بدعم التطرف بمخلف أشكاله، مشيرا إلى أنها المتسبب الأول في أحداث العنف التي تعيشها. وأوضح الإمام جلول حجيمي قائلا: "فوضى كبيرة تسود مساجد فرنسا، فهذا الإمام جاء وفق بعثة معينة ويحمل أفكارا يعمل على بثها في المجتمع، يوجد أئمة يحملون أفكارا متطرفة وفرنسا تدعمهم وأشخاص جاءوا بجماعات مكفرة وهي على دراية بذلك، وبالتالي فإن فرنسا هي التي نمت هذا التطرف وهي مسئولة عن حل المشكل"، قبل أن يضيف بالقول: "فرنسا وجهات عالمية يدعمون هؤلاء وهم من دعم العنف في سوريا، فلماذا تحلل عنفها وتبيح سفك الدماء في سوريا والعراق ومالي وتحرمه في بلادها". واعتبر الإمام جلول حجيمي، أنه على فرنسا توضيح خطابها بدل اعتمادها لخطاب مزدوج مبهم: "يوجد إجرام وحرب إبادة في غزة والصومال وفي العراق وسوريا، هذه الإزدواجية في الخطاب هي التي خلفت هذا التطرف". وتابع: "يوجد خلط كبير بين أنك تؤيد أناسا متضاربين باسم الإسلام في دولة معينة، ثم تقول انا ضحية ارهاب، انت اول من دعم هذا بالمال والسلاح والجانب اللوجيستيكي، وانت الذي استوردت هذه الأفكار، ثم انت تتأذى منهم"، مشيرا إلى أن نظرة الاسلام ليست بحاجة إلى تبرير، الإسلام برره الغرب ودرسه وهم يعرفون ومن خلال الاسلام أننا لسنا أهل عنف ولا إضطهاد، ولكن ولأنهم هم المستفيدون يقومون بصناعة الظاهرة"، داعيا للعودة إلى تفاصيل حادثة قتل الرعية الفرنسي قبل اشهر والغموض الذي أحيط بطريقة مجيئه وقتله والتي أثارت شكوك الجميع حول عملية قتله"، واضاف المتحدث قائلا: "الآن أصبحنا مجبرين على أن نشك في كل شيء، توجد أرقام تقول أنه يوجد ملايين المسلمين وان الإسلام زادت رقعته بشكل رهيب في أوربا، وتشير دراسة اشرف عليها الفاتيكان نفسه، تشير إلى أنه في مطلع سنة 2020 ممكن جدا أن تصبح نصف ألمانيا مسلمة، وهذا ما يزيد من عداء الغرب لنا".