باشر الاتحاد الأوربي إجراءات إيفاد ملحقين أمنيين على مستوى بعثاته الدبلوماسية في بعض الدول العربية، من بينها الجزائر، وذلك في أول إجراء يقدم عليه الاتحاد، بعد الاعتداء الذي استهدف مقر الأسبوعية الساخرة "شارلي إيبدو"، التي أساءت إلى الرسول الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم. وجاء القرار على لسان فيديريكا موغيريني، المنسقة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في أعقاب اجتماع ضم وزراء خارجية الاتحاد الأوربي، والأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، وقالت موغيريني، إن الاتحاد يحضر لإطلاق مشاريع تندرج في سياق محاربة الإرهاب، بالتنسيق مع دول عربية منها الجزائر واليمن ومصر ودول خليجية. وأوضحت المسؤولة الأوربية أن التدابير الأمنية الجديدة، تبدأ ب "خطوتين ملموستين فوريتين: هما تعيين ملحقين أمنيين في كافة بعثات الاتحاد في الدول المعنية، لإبقاء الاتصالات المنتظمة بين المسؤولين عن الأمن ومكافحة الإرهاب، وتحسين التواصل مع السكان الناطقين بالعربية داخل الاتحاد الأوروبي، ومع العرب في العالم". كما تحدثت موغيريني عن تدابير أخرى، ينتظر أن يتم ترسيمها في الاجتماع المرتقب في عاصمة الاتحاد الأوربي، بينها تجفيف منابع تمويل الشبكات الإرهابية، وإعادة بعث المشروع الأوروبي الهادف إلى وضع بطاقية خاصة بالمسافرين جوًا. ومعلوم أن مشروع وضع قائمة بأسماء المسافرين جوا، ظل محل تحفظ من قبل البرلمان الأوربي منذ عام 2011، بداعي حماية المعلومات الشخصية للأفراد، غير أنه أعيد طرحه مجددا وبقوة في الأيام الأخيرة، وخاصة من طرف الحكومة الفرنسية، على لسان رئيس دبلوماسيتها، لوران فابيوس، متحججا بالاعتداءات التي وقعت مؤخرا في كل من بلجيكاوفرنسا. وتأمل دول الاتحاد الأوربي في أن تجعل من الملحقين الأمنيين اللذين تنوي إلحاقهما بممثلياتها الدبلوماسية في الجزائر وفي بقية الدول المعنية بالقرار، قناة لتبادل المعلومات المتعلقة بالإرهاب، وهو الإجراء الذي يأتي أيضا في أعقاب تشديد عمليات المراقبة على حدود فضاء شينغن، الذي يتيح للأفراد التحرك بتأشيرة واحدة أو ببطاقة التعريف الوطنية لرعايا الدول المنفتحة على هذا الفضاء، فيما ينتظر أن يضع اجتماع في نهاية الشهر الجاري بالعاصمة الليتوانية، ريغا، تدابير جديدة لمحاربة العائدين من مناطق القتال في كل من سوريا والعراق. وتتوفر كل ممثلية دبلوماسية من ممثليات دول الاتحاد الأوربي، على ملحقين عسكري وأمني، عادة ما يضمنان خدمات من هذا القبيل، كما أن التعاون في مجال تبادل المعلومات المتعلقة بمحاربة الإرهاب، فيما يتعلق بالحالة الجزائرية، قائم منذ سنوات، مع بعض الدول الأوربية، وفي مقدمتها فرنسا، والدليل على ذلك المعلومة التي أوردتها القناة الفرنسية "بي آف آم تي في"، والتي مفادها أن الجزائر أبلغت باريس باحتمال وقوع أعمال إرهابية على التراب الفرنسي أياما قليلة قبل وقوع الاعتداء على مقر "شارلي إيبدو". ويصف الخبير الأمني، عبد الوهاب بناط، القرار الأوربي بالإيجابي، ويعتبره بمثابة "انطلاقة جديدة في التعاون الأمني بين الجزائر وشركائها الأوربيين، في مجال محاربة الإرهاب، وهي استفاقة جاءت متأخرة"، يقول المتحدث. غير أن الخبير يشترط في اتصال مع "الشروق"، أن "يتم تحديد بنود هذا التعاون الأمني بشكل محكم، يضمن انتقال المعلومات من الطرفين، وليس في اتجاه واحد"، معتبرا هذا التوجه اعترافا من الطرف الأوربي بأهمية الدور الجزائري الفاعل في محاربة الإرهاب، الذي يجب التفريق بينه وبينه الحركات التحررية.