استقبلت البلديات هذه الأيام عشرات طلبات الترحيل الغريبة تقدمت بها عائلات في كل من العاصمة، البيض، ميلة، البليدة، تيزي وزو.. ادعت أن مساكنها مسكونة من طرف الجن ما دفعها إلى هجرها والمبيت عند الأقارب والجيران. وتداولت الصحف مؤخرا الكثير من هذه القصص الغريبة التي اختلف حولها الأئمة والعلماء ما بين مصدق ومكذب لها. والغريب في الأمر أن العديد من الأميار وجدوا أنفسهم في استقبال طلبات ترحيل عنوانها "أنقذونا.. بيوتنا مسكونة بالجن"... مواطنون يتضامنون مع العائلة ويستنجدون بالرّقاة احتراق منزل "مير" بالبيض بعدما استقبل عائلة تطاردها "العفاريت" دبّت حالة من الذعر والخوف بين سكان بلدية سيدي سليمان في البيّض، بعدما تعرض بيت أحد المواطنين، أوّل أمس، لحريق مهول أتى على كل أثاث البيت ومن دون أي سبب مادي؛ لا شرارة كهربائية ولا تسرب للغاز ولا عود ثقاب واحد تم إشعاله حسب تقارير كل من الحماية المدنية ومصالح سونالغاز. "الشروق" تنقلت إلى عين المكان واستفسرت مع صاحب البيت وهو تاجر من مدينة الوادي استقر ببلدية سيدي سليمان منذ سنتين وأصبحت تجمعه علاقات جد طيبة مع ساكنة البلدية، بشهادة عدد من المواطنين الذين تضامنوا معه. ومن خلال معاينة آثار الحريق وقفت "الشروق" على بيوت وخزانات محروقة وألبسة متفحمة بعدما استحال على صاحب البيت البقاء في مسكنه، وبمباردة من رئيس بلدية سيدي سليمان تم نقله رفقة أفراد عائلته إلى مسكن أحد الأئمة فكانت المفاجأة أكبر بنشوب حريق في بيت الإمام ما جعل الكثير يرجح فرضية أعمال الجن، خصوصا بعد استبعاد الأسباب المادية لاشتعال النار. وبعد مشاورات بين رئيس البلدية وجموع المواطنين تم إيواء العائلة مرة أخرى ببيت أحد المحسنين الذي قاسمه ملابس عائلته بعدما أتت النيران على كل ملابس العائلة، فاشتعلت النار مرة أخرى في البيت الثالث، ووصل الأمر، حسب شهادة الابن خالد، إلى اشتعال النار تحت وسادة زوجته وملاحقتها حيثما تنقلت. وفي غياب أي محاولة لنجدة العائلة المنكوبة من طرف أئمة المنطقة، والتي أصبحت تعيش حالة ذعر وخوف وإحراج بسبب تضرر مساكن العائلات التي تكفلت رفقة رئيس البلدية بتقديم كل المساعدات الضرورية إليها لم يعد حسب شهود عيان، وبناء على تصريحات أفراد العائلة من مخرج لهم سوى الاستنجاد بالرقاة لعل الله يجعل على أيديهم المخرج من هذا الكابوس الذي بات يطاردهم حيثما حلوا وارتحلوا. خدوش.. حرائق واختفاء أغراض من البيت.. عائلة بتليملي تطالب بالترحيل بعد غزو الجن لمنزلها تثير بعض الحوادث الغريبة الرعب في نفوس الجزائرين، محولة حياتهم إلى كابوس. فبعد واقعة اختناقات التلاميذ وإغمائهم من دون سبب واضح في ثانوية بباتنة، رصدت "الشروق" حالة أخرى أكثر غرابة من الأولى جرت أطوارها بالعاصمة، حسب ما ترويه لنا السيدة "ف. ق"، وهي إطار بمؤسسة عمومية تقيم بإحدى شقق السكن الوظيفي بتليملي بالعاصمة، رفقة ابنها البالغ من العمر 15 سنة، والتي رفضت لنا الإفصاح عن هويتها لأسباب شخصية. تروي لنا السيدة، لدى زيارة "الشروق" إليها بالمسكن والتي كانت رفقة أحد زملائها في العمل، الذي تعتبره عزاءها، لأنه الوحيد الذي يصدقها، حسبها، ويزورها ويطمئن عليها لأنه كان شاهدا على بعض الأمور التي حدثت لها في البيت الذي تقطنه منذ ثماني سنوات. أمور غريبة حدثت ومازالت تحدث لها هناك والتي كانت تبدو عادية لها في البداية ونادرا ما تحدث لتتطور الأمور ألى أبعد من ذلك، حيث أصبحت حياتها مستحيلة حين بدأت تلاحظ اختفاء أغراض بيتها وملابس ابنها لتظهر لها فجأة وتغير مكانها بطريقة غريبة أمامها، وحتى اختفاء نقود كانت موجودة في علبة خاصة مغلقة بإحكام، لتخبر أهلها بذلك والذين بدورهم لم يصدقوا ذلك، متهمين ابنها بأنه من يقوم بهاته التصرفات وحتى نصحوها بزيارة أخصائي نفساني لأنها حسبهم تعاني من تهيؤات. وتضيف السيدة: "استمرت الحال على ذلك لتعود في أحد الأيام وتجد البيت كله في حالة فوضى: مياه عند مدخل الباب ورموز هندسية غريبة أغلبها يشبه الصليب فوق أكياس الملح وأوراقها الخاصة.. فلل فخمة يكتفي ملاكها بمشاهدتها من بعيد الجن يتغلب على الإنس ويخلي منازل من أصحابها بتيزي وزو مغتربون صرفوا ثروات طائلة في منازل تحولت إلى ممالك للجان لا تزال علاقة الجن بالإنس وتغلّبه عليه مطروحة في وقتنا، رغم تطور العلم وتمكن البشر من سبل حماية أنفسهم بالاستعانة بالقرآن والرقية الشرعية، إذ لا تلبث الظاهرة أن تعود إلى الواجهة بقصة يخيل إلى سامعها أنها من صنع خيال قائلها أو مهربة من عالم الأساطير والخرافات، لكنه يقف أمام حقيقة جعلت المعنيين يتخلون عن أغلى ما كسبوا ليحموا أنفسهم وحياتهم من خطر محدق، أبطاله ينتمون إلى العالم الخفي، يستحيل محاسبتهم أو استدعاؤهم إلى طاولة النقاش، ولو تحقق الأمر لكانوا أكثر المطلوبين لدى العدالة، لكثرة القضايا والتهم المنسوبة إليهم. ولعل التخلي عن منزل بنيت لبناته من عرق وكد صاحبه، يعد أكبر تنازل يقدمه البشر أمام قانون الجن، رغم أن كسبه في زمننا أصبح من الأحلام المستحيلة، إلا أن فرار الإنسان بجلده حفاظا على عقله وحياته من انتقام الجن يجعله يستسلم في آخر المطاف ويخرج من معركة محسومة النتائج مسبقا. المثير للانتباه في ولاية تيزي وزو، والقرى الجبلية على وجه الخصوص، هو تواجد منازل وفلل فخمة خالية على عروشها، أغلبها يملكها مغتربون، أرادوا العودة إلى أحضان الوطن بتوفير وسائل العيش الرغد والرفاهية التي تنطلق حسبهم بمسكن فخم، يجمع بين الطابع التقليدي القبائلي والبصمة الأوربية الراقية، ليدفع هؤلاء "تحويشة" عمرهم في بناء المسكن، الذي يتفاجؤون في الأخير أن لهم فيه شريكا حتميا يرثهم دون الاعتماد على أي سند قانوني أو شرعي، ببساطة لأنه بني فوق قبور أو بمكان مهجور، اتخذته الجان مملكة لها في غياب الإنس عنه، أو عدم تقديم القربان قبل بداية إنجاز أشغال المسكن، حيث وكما هو معروف لدى العامة، يشترط على كل شخص يشرع في بناء منزل جديد أن يذبح عجلا أو كبشا تخضب بدمائه أرضية المسكن وتوزع لحومه على الجيران والأهل، ليسلم من استيلاء الجن عليه أو إثارة غضبها. ومن بين الحالات التي حدثنا السكان عنها بنواحي جنوب غرب ولاية تيزي وزو، حالة مغترب توالت عليه الأحداث الأليمة منذ أن انطلقت أشغال بناء منزله الجديد، فمن كسور في الأيدي والأرجل لمختلف أفراد العائلة إلى حادث مرور أودى بحياة أحد أبنائه، إلى حالة من الهوس والوسواس الذي دخل الزوجة والأبناء، الذين رفضوا دخول ذات المسكن بحجة أنه فأل نحس عليهم، ليجمع الأهل والجيران أن السبب "تحديهم" للجن وعدم الذبح على المنزل قبل بنائه، إلا أن صاحبه قرر عدم الاكتراث للخرافات واستكمال مشروعه، معتبرا ما حدث مجرد صدفة. ويقول أحد جيران المعني إنه تمسك باستكمال مسكنه بعدما قرر العودة إلى أرض الوطن واستثمار ماله، ولدى استكمال أشغال البناية قرر المبيت في منزله وحيدا بعدما رفضت الزوجة وبقية الأولاد مرافقته تحت تأثير الخوف، وفي صبيحة اليوم الموالي وجد نفسه ودون أن يشعر تحت عجلات سيارته، ليلتحق هو الآخر بعائلته ويترك المسكن مجرد أطلال، ويكتفي بالنظر إليه من بعيد بعدما أصبح دخوله مستحيلا بسبب الخوف. وغير بعيد عن ذات المنزل أنجز شطر من طريق سيار يعرف بكثرة الحوادث المميتة على مستواه رغم انعدام أسباب مقنعة لذلك، ويذكر مسنو المنطقة أن هذا الشطر بالذات بني على القبور وانتقاما من البشر تتلذذ الجن بإراقة دماء العابرين. وبين الحقيقة والخيال تبقى المعتقدات تلعب دورها في قضية صراع الإنس والجان، ويعيد البعض تخلي العائلات عن مساكنها إلى ضعف في الوازع الديني وانسياق وراء المخاوف والهواجس التي لا توجد إلا في مخيلة الإنسان، إلا أن عجز الرقاة عن استعادة المنازل المستولى عليها من قبل الجان يعيد الظاهرة إلى نقطة البداية ويبقي الألغاز مطروحة. أكدا أن التأثير يقتصر على الوسوسة فقط الغزالي والنابلسي ينكران سلطة الجن على الإنسان أجمع العالمان الجليلان محمد الغزالي وراتب النابلسي على أن سلطة الشياطين والجن على الإنسان تقتصر فقط على الوسوسة، منكرين قدرة هذه المخلوقات على إلحاق الأذى بالإنسان ماديا، مؤكدين: "أما أن يكون للشياطين على الإنس سلطان في عقائدهم وتوجيه إرادتهم للأعمال السيئة فذلك مما لا سبيل لهم إليه.. لا سلطان للشياطين على الإنسان لا في عقائدهم ولا في إرادتهم ولا في أعمالهم مطلقاً، لأن الله حجزهم عن ذلك، ولم يجعل لهم سلطاناً على بني آدم ليكون الإنسان حرا في اختياره، يخاطب الله عز وجل رأس الشياطين إبليس في سورة الحجر: ((إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)). وأكدا العالمان: "ينحصر عمل الشيطان في الوسوسة الخفية، ولا يزيد على ذلك شيئاً. وهذه الوسوسة تخنس وتتخاذل أمام حزم المؤمن وإرادته والتجائه إلى الله تعالى بالاستعاذة والذكر والمراقبة. أما إخوان الشياطين فإنهم يستجيبون لوسوستهم، وينساقون معهم فيتسلط الشيطان عليهم، فيمدهم في الغيّ ويزين لهم الشر والضلالة.. لماذا لا تسكن الجن الشباب الياباني أو الأوروبي؟ وتسكن فقط أبدان وأرواح المسلمين..".
أستاذ علم الاجتماع مصطفى راجعي العلم ينكر تأثير الجن على الإنسان من الناحية المادية اعتبر أستاذ علم الاجتماع الديني بجامعة مستغانم مصطفى راجعي، أن الاعتقاد بوجود كائنات غير مرئية لكن مسموعة تسكن بيوت بعض الناس متسببة في ظواهر غير عادية كحرق المنازل... تأتي في شكل شهادات فردية غير قابلة للاختبار لأنها لا تحمل وقائع مادية يمكن التأكد منها بطرق علمية، فالعلم يفسر الوقائع الموجودة عن طريق الملاحظة العلمية.. لكن الواقعة غير المرئية تجعل العلماء غير مهتمين بتقديم تفسيرات لها، لأنهم لا يملكون المعطيات. وحسب محدثنا هذه الظواهر يصنفها علم الاجتماع في باب المعتقدات المسؤول عنها أرواحٌ خفية، وهي اعتقادات منتشرة لدى الشعوب البدائية وحتى المتقدمة وكلّ يسميها حسب ثقافته. والأرواح هي جزء من هذا الواقع ما فوق الطبيعي. وفي ثقافتنا الإسلامية القرآن الكريم تكلم عن وجود الجن والاعتقاد بوجوده ليس خطأ معرفيا أو جهلا، لكن المشكل في بعض النتائج الاجتماعية المرتبطة بهذه الاعتقادات، مثل أن يتأثر الشخص بهذه الأمور نفسيا واجتماعيا أكثر من اعتقاده بوجود الطب والعلاج المادي والنفسي والروحي. المكلف بالإفتاء بجمعية العلماء المسلمين كمال بوسنة: "يمكن للجن أن يسكن البيوت ويلحقق الضرر بالإنسان" أكد عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كمال بوسنة، إمكانية سكن الجن ومقاسمتهم الأماكن التي يقطنها الإنس، مع تمركز الجن الذين أحوالهم شيطانية في الأماكن الخالية كالجبال والمغارات والمزابل والوديان، مضيفا أن الإنسان يمكن أن يبتلى ببعض الجن الذين يعتدون على مسكنه وممتلكاته، ومن علامات مشاركة الجن السكن مع بني البشر القيام ببعض الأمور التي تدل على تواجدهم في المكان كالعبث بالإنارة، تحريك الأغراض، تكسير الأواني والقذف بالحجارة. وردا على سؤال "الشروق" عن إمكانية قيام الجن بإيذاء الإنسان الذي "اقتحم" بيته، أجاب بوسنة أن الجن نوعان هنالك الصالح والطالح، هذا الأخير قد يؤذي الإنسان، مكتفيا بهذا القدر دون أن يخوض في تفاصيل كيفية إيذائه، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن بعض العامة يتوهمون هذه الأمور ولا تعدو لديهم سوى مجرد وساوس وخرافات، مذكرا بوجوب تحصين النفس والبيت وضرورة قراءة القرآن الكريم والأذكار والابتعاد عن المعاصي، لغلق الباب أمام "الجن". الإمام والمفتش بوزارة الشؤون الدينية سليم محمدي: لا يمكن للجن أن يلحقق ضررا ماديا بالإنسان أما الأستاذ سليم محمدي، مفتش بوزارة الشؤون الدينية، فقال إن الشياطين والجن لا يستطيعون إيذاء أفراد المنزل الذي يسكنونه ماديا وجسديا بل يسببون لهم الرعب المعنوي فقط عن طريق الوسوسة. وأضاف أن ترك المنازل خالية لمدة تفوق الشهر يعرضها لسكن الشياطين والجن على غرار عدم ذكر أهل البيت الله في حياتهم اليومية. وضرب مثالا على دخول الجن إلى المنازل ومقاسمتهم الطعام في نفس الصحن والنوم معهم في نفس الفراش بسبب عدم قول "بسم الله" عند القيام بهذه الأعمال. وأضاف الأستاذ محمدي أنه ثابت في السنة والكتاب سكن الجن في المنازل والتجول فيها بكل حرية وإصدار أصوات معينة كغلق الأبواب بشكل عنيف، ناصحا بالتعامل مع هؤلاء الشياطين بالرقية في الماء ورشه في أركان المنزل، مع قراءة بعض الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة الخاصة بهم والتي تلزمهم الخروج في حالة ما إذا كانوا مسلمين، وإن كانوا كفارا فيتعرضون للعذاب حتى يجبروا على مغادرة المنزل. وقال إن من بين هذه المخلوقات من لا يخافون من الرقية الشرعية لكن بقوة الله عز وجل والابتعاد عن الكبائر والمنكرات والمواظبة على الأذكار الثابتة في السنة يتم خروجهم. تستغيث بالمسؤولين بولاية ميلة لترحيلها عائلة تتفاجأ برمي أثاثها خارج المنزل يوميا احتار صاحب إحدى الفيلات بولاية ميلة في أمرها بعد أن "احتلها" الجن، حيث لم يتمكن من بيعها أو حتى السكن فيها، بسبب حكايات الجن التي تداولها السكان المجاورون للفيلا، إذ قرر هذا الأخير "الاستيطان" في هذه الفيلا التي تركها أصحابها مهجورة لمدة زمنية لا تقل عن ست سنوات، وبعد عودتهم إليها بغرض المكوث فيها، اصطدموا بواقع مرير مفاده أن "أصحاب" البيت الجدد رفضوا فكرة أن يشاركهم أشخاص آخرون المكان الذي اعتادوا عليه وسكنوه منذ سنوات، فما كان منهم حسب شهادات أصحاب البيت والجيران إلا محاولة تنفيرهم من المنزل وطردهم منه من دون رجعة، حيث ينام أصحابه ليلا ليستيقظوا في الصباح على مشهد خلو المنزل من جميع أغراضهم وأثاثهم معتقدين أن لصوصا سطوا عليها، إلا أن الحقيقة ليست كذلك، حيث بمجرد فتحهم باب المنزل الخارجي يجدون أغراضهم مرمية أمامه، وهي الظاهرة التي تكررت معهم عدة مرات، فقرر أصحاب المنزل بيعه والعودة إلى مسكنهم القديم، غير أن تداول السكان لقضية "احتلال" الجن للفيلا، جعل الناس يعزفون عن شرائها، وتطالب العائلة المسؤولين بالولاية بترحيلها.