يتعرض الشريط الساحلي بولاية سكيكدة، لهجوم كاسح من طرف مافيا سرقة الرمال أو ما يطلق عليهم ب"خفافيش الظلام"، الذين حوّلوا ظاهرة نهب "الذهب الأصفر" إلى تجارة مربحة تعود عليهم بأموال طائلة بعيدا عن أعين الضرائب والمصالح الأمنية، بما بات يهدد بأزمة بيئية كارثية بفعل تقدم مياه البحر نحو اليابسة من جهة، وتقلص المساحات الفلاحية الساحلية من جهة أخرى، وبالخصوص ببلديتي بن عزوز وادي الزهور. نددت العديد من الجمعيات المحلية وفعاليات المجتمع المدني بسكيكدة، بعملية نهب الرمال التي تتواصل من طرف جهات نافدة من مواقع شاطئية مهمة، حيث يتزايد نشاط مهربي الرمال بشكل مكثف ليل نهار، باستعمال شاحنات من أنواع وأحجام مختلفة قصد السرقة والتهريب، حيث تستنزف يوميا أطنانا من الرمال التي يذهب مدخولها إلى جيوب المهربين، في الوقت الذي كان يجب أن يخضع هذا الأمر لعمليات مناقصة لاستغلال رمال الشواطئ وبشكل مقنن ومحدد، وبالتالي استغلال المداخيل المالية التي تدرها هذه العملية في خلق عدد من المرافق التنموية التي تحتاجها المنطقة الساحلية التي تحتل مكانة بارزة في خريطة السياحة، سواء بمنطقة وادي الزهور أو ببن عزوز شرق عاصمة الولاية، وتساءل العديد من سكان وادي الزهور، عن السر الذي يجعل أصحاب هذه الشاحنات يواصلون عملية سرقة الرمال، حيث أن الشاحنات التي يستثمر نشاطها الليلي في استنزاف الرمال تشحن حمولتها إلى المخازن المخصصة لاستقبال أطنان من الرمال، وتسلك في طريقها مسالك ومنعرجات وعرة دون إنارة ولا لوحات رقمية، الشيء الذي يزيد من خطورة اعتراض سبيلها أو الاقتراب من طريقها، لأنها حسب السكان الموت المحقق الذي يترصدهم.
المداخيل لجيجل والاحتجاجات لسكيكدة لم تعد بلدية وادي الزهور تحمل من اسمها سوى الكلمة، ولم يتوقف نهب الرمال عند حد النقل، الحفر، والسرقة، بعد أن وصل درجات كبيرة من التخريب، بعد أن حوّلتها مافيا نهب الرمال إلى قرية مخربة ومدمرة، عاثت فيها فسادا شاحنات التهريب، بطرقاتها التي أصبحت كارثية، وأراضيها الفلاحية التي أصبحت جرداء، وتحوّلت إلى مسالك للتهريب، بعد أن كانت هذه الأراضي تنتج أجود الخيرات والمنتجات الفلاحية كا"الدلاع" الذي تتعدى شهرته حدود الوطن، ورمال شواطئها الجميلة التي تحوّلت إلى أطلال وخنادق، ما ينذر بكارثة بيئية خطيرة، حتى وأن المرملة سنوات استغلالها بطرقة قانونية، مداخلها كانت تصب لفائدة ولاية جيجل كون الجزء الأكبر من المرملة تابع لها، في حين يجني السكيكديون المآسي والمشاكل والاحتجاجات، بعد أن ظلت ولا تزال تشهد احتجاجات لما تخلفه هذه الشاحنات من فساد للطرقات، ومآسي لدى عديد العائلات التي فقدت أبنائها في حوادث مميتة.
المافيا تستبيح حظيرة مصنفة عالميا رغم قرار الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية، والذي قضى شهر جوان من السنة ما قبل الماضية بغلق 6 مرامل ببلدية وادي الزهور، غير أن الرمال لا تزال تخرج من هذه المقالع وبصورة أقل ما يقال عنها إنها عادية، ولم يتوقف عن نشاطها، وأشارت مصادر محلية بأن كميات هائلة من الرمال توجه إلى شركات وطنية وخاصة، ومن بين الولايات التي تموّنها هذه الشبكات عاصمة الثقافة العربية قسنطينة، التي تشهد انجاز مشاريع عملاقة، وهذا بعد أن أحدث قرار غلق مرملة وادي الزهور أزمة حادة في مادة الرمل بالشرق الجزائري، وهدد المشاريع بالتوقف، هذا في سياق فصل مجلس الدولة في القرار الذي رفعه مستثمرين من ولاية سكيكدة، ضد الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية، في قضية غلق مرملة وادي الزهور، بسبب انتهاء رخصة الاستغلال التي منحتها الوكالة الوطنية للفائزين بالصفقة مقابل عدم تجديدها أو إصدار قرار لمستغلين جدد عبر مناقصة، وحسب أحد المستثمرين فإن المرملة ستفتح الأيام الماضية بعد حصولهم على قرار من الجهات المختصة، ومن شأن إعادة فتحها الاستجابة لحاجيات المتعاملين الاقتصادين المشرفين على تجسيد البرامج التنموية المحلية، حيث ساهمت وبشكل كبير في بعث التنمية المحلية. وتعدى شجع مافيا نهب الرمال إلى المحمية العالمية صنهاجة قرباز ببلدية بن عزوز في ولاية سكيكدة، التي تعد من بين أهم المركبات على المستوى الوطني، وهو الأمر الذي جعلها تصنف ضمن المناطق العالمية طبقا للمادة 21 من اتفاقية مسار الموقع عليها في سنة 2001، واحتوائها على 09 بحيرات متنوعة، مما يجعلها مؤهلة لاستقبال أصناف عديدة من الطيور النادرة والمحمية قانونا، لكن وعلى الرغم من الأهمية التي تشكلها هذه المنطقة في ما يخص مساهمتها في الحفاظ على التوازن الإيكولوجي، إلا أنها أضحت مهددة بالزوال لما تتعرض له من اعتداءات تعدت حدود المعقول بفعل السلوكات اللامسؤولة لبعض الأشخاص الناجمة عن عملية نهب منظمة للثروة الرملية التي تزخر بها من قبل عدد من المرامل العشوائية المنتشرة هنا وهناك، مما تسبب في نفاد مخزون الثروة المائية السطحية والجوفية، وكذا في حدوث إخلال بالتوازن البيئي والإيكولوجي الذي يميز المنطقة، مما ساهم في زوال جميع الأنواع النادرة من الطيور المائية المحمية، بسبب جفاف عدد من البحيرات وزوال أيضا عدد من الأنواع النباتية التي لا توجد إلا بمنطقة صنهاجة، والأخطر من ذلك، فإن مساحات من الأراضي الزراعية الفلاحية الموجودة، أضحت مهددة بزحف الرمال عليها بسبب زوال الغطاء النباتي.
شباب يتصدّون لعصابات نهب الرمال دفاعا عن الطبيعة عرفت بلدية وادي الزهور مواجهات عنيفة بين عشرات الشباب من سكان القرى والمشاتي، مع أفراد عصابات نهب الرمال في المنطقة في خرجة منهم للتصدي والوقوف في وجه مافيا نهب الرمال من مرامل بني فرقان التابعة لولاية جيجل وشواطئ وادي الزهور بأقصى غرب ولاية سكيكدة، حيث كثيرا ما عرفت المنطقة خلافات كبيرة حول عملية النهب المنظمة التي يقوم بها بارونات الرمال في المنطقة، وسيطرتهم على سوق الرمل في ولايتي سكيكدةوجيجل، بعد قرار الجهات الوصية بغلق 6 مرامل جوان 2013، وقد خلفت حادثة وقعت الشهر الماضي، العديد من الجرحى في صفوف الطرفين، حيث استغل أفراد عصابات الرمال، غياب التواجد الأمني في المنطقة لفرض منطقهم وتعزيز نفوذهم للسيطرة على المزيد من المناطق وتحويلها إلى حظائر محمية لبارونات معروفين، عمدوا إلى تجنيد العشرات من الشباب بعد تسليحهم بالهراوات و العصى ومختلف الأسلحة البيضاء والأقنعة، من أجل حماية مصالحهم في المنطقة وبقائهم مسيطرين على السوق السوداء للرمال، أين التهبت أسعار مادة الرمل في ولايتي سكيكدةوجيجل في الآونة الأخيرة وتسببت في توقف العديد من ورشات البناء الكبرى والمشاريع، كما تشهدت منطقة صنهاجة قرباز في الجهة الشرقة ببن عزوز، عمليات مطاردة من طرف شباب المنطقة وشبكات سرقة الرمال.
من جهتها، تواصل مصالح الدرك الوطني، الشرطة وحتى أفراد الجيش الوطني الشعبي بسكيكدة، مواجهة ناهبي الرمال الذين يستنزفون رمال الشواطئ، حيث سجلت ذات المصالح عددا من العمليات التي تم خلالها توقيف العشرات من المهربين وإحالتهم على العدالة، ورصدت قوات الأمن إمكانيات كبيرة للقضاء على هذه الظاهرة التي تعرفها سواحل ولاية سكيكدة، حيث سجلت السنة الماضية تزايدا كبيرا في سرقة وتهريب الرمال، وبالخصوص من مرملة وادي الزهور، حيث تشن ذات المصالح حربها ضد مافيا الرمال الذين يتحالفون ويستغلون بعض الشباب على محاور ونقاط بتبليغ أصحاب الشاحنات عن طريق الهاتف النقال للتقدم أو عدم التوقف، لتتم عملية نهب الرمال والتنقل عبر المسالك غير الآمنة، كما يلجأ ناهبو الرمال إلى اعتماد عدة حيل في التهريب، ما عرقل من مهمة مصالح الأمن، من وضع حد لظاهرة تهريب الذهب الأصفر.