شهدت ولاية سكيكدة خلال السنوات الأخيرة، وبالأخص في العشرية الدموية، تكالب شبكات ولوبيات متمرسة في استنزاف ونهب الثروات الطبيعية والغابية وتكوين ثروات ضخمة، بتحالف قوى الشر والتخريب، وكان الوضع الأمني عاملا مساعدا لممارسة النهب المنظم. فالثروة الرملية والغابية باتت مهددة بسبب الاستهداف المتواصل لها من قبل جماعات المصالح، الذين يعملون ليلا ونهارا دون هوادة، وثروة الفلين التي ميزت ولاية سكيكدة، وبالأخص الجهة الغربية منها لعقود من الزمن، هي اليوم تحتضر وتسير إلى الانقراض بسبب جملة من المشاكل التي تحيط بها من كل جانب. وتعرف الجهة الغربية من الولاية، وفرة في أشجار الفلين، إلا أن هذه المساحة بدأت تتضاءل من سنة إلى أخرى بسبب عدة عوائق تقف حجر عثرة أمام استغلال هذه الثروة. ومن أهم هذه المشاكل، الحرائق المتكررة والمتتالية، كما تتعرض شجرة الفلين إلى جملة من الأمراض التي تسببها حشرة "بوتيكس" التي تهاجم أشجار البلوط، وكذلك قارضة الصنوبر، بالإضافة إلى بعض الأمراض الطفيلية النباتية التي تلحق أضرارا بغابة البلوط، إلا أن أثرها يعد محدودا، لأن من حكمة الخالق أن الغابة تنمي قدراتها المناعية لتحدث التوازن الطبيعي اللازم لاستمرار الحياة. وعمليات السرقة والنهب التي تستهدف منتوج الفلين لما له من قيمة تجارية، فهذه السلوكيات تطورت خلال السنوات الأخيرة موازاة مع التصعيد الإرهابي وأدت إلى تكوين شبكات مختصة في هذه السرقات، عجزت مصالح الدولة عن التصدي لها، حيث تتعرض أشجار الفلين للقطع، وخاصة أشجار الصنوبر البحري، التي تستغل في البناء، وهذه الأشجار صغيرة وغير قابلة للتجديد بعد القطع، مما ينذر بكارثة بيئية مستقبلا. كما أن الاستصلاح الفوضوي من المشاكل الخطيرة التي يواجهها الفلين في ولاية سكيكدة، خصوصا بأقصى الجهة الغربية، حيث تقوم بعض العائلات بعملية الإتلاف بحجة الاستصلاح الزراعي، التي تكون نتائجها وخيمة على الغابة واستقرار تربتها. فقد أحكمت مافيا المتاجرة بالفلين قبضتها على السوق وأصبحت تتحكم في بيع هذه المادة، التي تعرف ندرة قياسية في جميع القطاعات، وهذه الشبكة المنظمة تنتشر عبر مختلف قرى ومداشر البلديات المعزولة التي تمتاز بثرواتها الغابية وكثرة أشجار الفلين، على غرار أولاد أعطية، الولجة بوالبلوط، وعين قشرة، بأقصى غرب الولاية، حيث يتم نزع قشرة البلوط بطريقة فوضوية مخالفة للقواعد الطبيعية المعمول بها، مما جعل هذه الأشجار مهددة بالانقراض. وعمليات النهب هذه، وجدت بوجود الأزمة الأمنية وترعرعت بتصاعد أيادي الإجرام، وذلك لقيام هذه الشبكات بتجاراتها الملتوية وتعاملاتها المشبوهة مع الكثيرين، حتى أن عديدا من المصادر تؤكد أنهم كانوا يتعاملون مباشرة مع الجماعات الإرهابية. ويتعدى سعر القنطار الواحد ذي الجودة العالية، سقف 7000 دينار، وعرفت أسعار الفلين ارتفاعا قياسيا خلال السنوات الماضية. وحسب مصادر، فإن الجماعات الإرهابية قصد توفير مداخيل والسيطرة على مصادر تمويل جديدة، خاصة الثروة الغابية بالمنطقة الغربية لولاية سكيكدة، تقوم بفرض غرامات وإتاوات على التجار غير الشرعيين ومهربي الثروة الغابية ومادة الرمل، حيث أصبح مهربو الفلين من أكبر المتورطين في تمويل الجماعات الإجرامية الرابضة هناك. كما تقوم مصالح الأمن في التحقيق مع التجار غير الشرعيين لمادة الفلين، خاصة بأعالي القل، والذين اتهموا بتورطهم في تمويل الجماعات الإرهابية مقابل السماح لهم بدخول الغابة، وعدم التعرض لهم مقابل ذلك. كما أن السكان الذين يقطنون التجمعات السكانية المحاذية للمساحات الغابية، وخاصة في مختلف مشاتي بلديات أقصى الجهة الغربية، لهم نصيب في قطع العشرات من الأشجار يوميا بغرض توفير الحطب واستعماله في التدفئة، وحتى في طهي الطعام بالبيوت، خاصة بالنسبة للكثير من العائلات التي لا يزال نمط حياتها بدائيا وتقليديا. ويبدو واضحا حسب بعض المصادر أن تراخي مصالح محافظة الغابات بالمناطق الغربية للولاية في التصدي بحزم لمعاول الفساد، قد شجع على تفاقم ظاهرة نهب الموارد الغابية الذي ينبئ بالتأثير سلبا على الوضع الايكولوجي للمنطقة، ناهيك عن إتلاف أملاك المجموعة الوطنية بالولاية. فقد تكالبت قوى النهب على هذه المنطقة واستغلت خلال الوضع الأمني المتأزم، لتمتد أياديها إلى أشجار البلوط، ومن قبل تجار الفحم بالخصوص، والمناطق المعزولة والبعيدة عن الأنظار، ليقطعوا أشجار البلوط اليانعة على محاور كبيرة ووضع هذه الغنيمة في مواضع مخصصة لحرقها حتى تتحوّل إلى فحم ويتم تسويق المنتوج بأثمان زهيدة. وعملية استغلال اللاشرعي لأشجار البلوط والغطاء النباتي، يتكرر كل موسم ولم تتمكن المصالح الغابية من القضاء عليه لقلة وسائل المراقبة والتدخل. كما أصبحت أغلب الغابات عرضة للنهب والاستغلال الفاحش، وهذه العماليات أتت على مساحات كبيرة من الهكتارات من أشجار الزان، الصنوبر البحري، الكاليتوس والفلين. وبالرغم من المطاردة المستمرة التي يقوم بها أعوان مصلحة الغابات والتوقيفات في حق الكثير من المهربين، إلا أن الأمر لم يتغير كثيرا ولم يحد من الظاهرة، لأن أساليب النهب ملتوية ومتنوعة. وأصبح خطر مافيا الفلين في تنام مستمر، الذي بات واقعا مكرسا والتي تنشط بالمنطقة، استنزفت الثروة الغابية وكوّنت ثروات خرافية جراء استغلالها بلا ضوابط لهذه المنتوجات الحيوية، وكانت الحرية الكاملة في التنقل في ظل الوضع الأمني الذي كان يسود المنطقة. كما يعرف إنتاج الفلين تراجعا بكميات ضخمة، وجعلت من وحدة تلزة لتحويل وتسويق الفلين، إلى إحالة العشرات من العمال على البطالة بسبب انخفاض الإنتاج بشكل كبير لمادة الفلين، التي تعتبر أساس وجود تلك الوحدة، وبافتقادها تضطر هذه الأخيرة آجلا أو عاجلا إلى الغلق والزوال تماما من خارطة المنطقة. إضافة إلى نهب الفلين، طالت أيادي المهربين الأعمدة الخشبية من شجر الصنوبر البحري، وعرف إنتاج الخشب تدهورا كبيرا وكذلك الوضع الحالي يتجه إلى التدهور أكثر في غياب المراقبة الجادة والردعية لحماية الغابات. ولا يمكن لمصالح الغابات من الحد من التصدي لجميع حالات سرقة وقطع الأخشاب، التي يقوم بها أشخاص مجهولون تحت جنح الظلام، ويقومون بتهريبها في الشاحنات لبيعها بالسوق المحلية والولايات المجاورة، لتستغل من قبل بعض المقاولين في ورشات البناء وبعض الأنشطة الأخرى. وحسب مصادر مطلعة، فإن عصابات المتاجرة بالخشب تترصد حركة أعوان الغابات وتنظم نشاطها عن طريق الهاتف النقال، لتجنب المداهمات، خاصة وأن الدوريات لا يمكنها الخروج ليلا لنقص الإمكانيات. وتمكن أفراد مصالح الغابات بأولاد أعطية، من توقيف شاحنة كانت معبأة لحوالي 350 عمود من الصنوبر البحري، كانت متجهة إلى حدود منطقة الميلية بولاية جيجل، قام بها شابان من نفس المنطقة اعتادا المتاجرة بهذه المادة. وبنفس المنطقة، شهد توقيف أربعة أشخاص كانوا بصدد تهريب 300 عمود من الصنوبر البحري، مستغلين الأوضاع الأمنية الصعبة بهذه المنطقة، وقد تم تحويلهم إلى القضاء. ومنطقة أولاد أعطية تعد خزانا طبيعيا للصنوبر البحري، يقدر بأكثر من 100 ألف شجرة، إضافة إلى أزيد من 200 ألف شجيرة من نفس النوع. كما تم حجز في نفس الفترة ما يقدر 10 قناطر من مادة الفلين، وذلك من قبل مصالح الدرك الوطني، لبلدية خناق مايون، كان أفراد العصابة بصدد تهريبها كالعادة إلى ناحية الميلية لبيعها. كما تمكنت مصالح الدرك الوطني لبلدية الشرايع، من إيقاف مجموعة من الأفراد تتكون من 03 عناصر، امتهنت نهب ما يفوق 300 عمود من الصنوبر البحري العالي الجودة من منطقة دار عيسى، كما حجزت نفس المصالح على ما يقارب 10 قناطر من الفلين بقرية تمنار بالشرايع. واحتجزت قوات الدرك 200 شجرة من الصنوبر البحري ببلدية القل، بعد توقيف شاحنة معبأة بهذه المادة، وباستجواب المتهمين اتضح أنه توجد 500 شجرة أخرى كانت مخبأة بأحد المخازن على مستوى منطقة بومهاجر بتلزة. كما تم توقيف شخص بتهمة سرقة مواد غابية ونقلها بدون رخصة، ويتعلق الأمر ب "م.ز" من واد الزهور الذي ضبط في حالة تلبس بنقل 300 عمود خشبي من الصنوبر البحري، من قبل مصالح الغابات بالقرب من قرية لعوينات ببلدية خناق مايون. وقد أدانت محكمة القل فيما سبق، شخصين مهربين بستة أشهر سجنا نافذا، وذلك بجنحة تهريب ونقل والمتاجرة غير الشرعية بالمواد الغابية. وقد تم توقيفهما من قبل مصالح الغابات لإقليم الزيتونة، وذلك بأدغال مجلبة بأولاد أعطية، حيث أقدما على قطع 15 شجرة بلوط باستغلال منشار ألي ونقلها عبر شاحنة، وذلك قصد استغلالها في التدفئة. * الثروة الرملية مهددة بالتقلص والاندثار تعرّضت شواطئ ولاية سكيكدة في السنوات الأخيرة، إلى استنزاف منظم لمادة الرمل من قبل جماعات مافيوية، استغلت انفلات الوضع الأمني وتوجه كل الأسلاك الأمنية نحو محاربة الإرهاب، لتنهب آلاف الأمتار المكعبة من مادة الرمل، قضت بصفة تدريجية على مجموعة من الشواطئ كانت الملاذ المريح والممتع للمصطافين خلال فصل الصيف. ورغم استتباب الأمن واسترجاع الوحدات الأمنية لمهامها العادية لمحاربة مثل هذه الجرائم، إلا أن عمليات النهب لا تزال مستمرة ومتواصلة، وإن كانت أقل حدة من السنوات التي خلت. وتتوفر ولاية سكيكدة على شريط ساحلي يمتد على مسافة 120 كلم، من بلدية المرسى شرقا إلى واد الزهور غربا، تتخلله شواطئ رملية وصخرية ساحرة تجلب إليها ملايين المصطافين خلال موسم الاصطياف، غير أن أغلب السواحل الرملية تعرّضت ولا تزال إلى عمليات نهب منظمة لمادة الرمل من قبل بعض المجرمين الذين استغلوا الانفلات الأمني في السنوات الماضية، ليخربوا هذا الشريط الساحلي، حتى صارت بعض الشواطئ مهددة بكارثة إيكولوجية بعدما غزتها مياه البحر. فقد اقتربت شواطئ الجهة الغربية، خاصة شاطئ عين أم القصب بتلزة، إلى كارثة إيكولوجية، بالإضافة إلى شواطئ أولاد أعطية، أين يتم سرقة مئات الأمتار المكعبة كل ليلة. أما شاطئ واد الزهور الفاصل بين بلدية واد الزهور وبلدية الميلية بولاية جيجل، بالرغم من أنه غير آمن، حيث معقل الجماعات الإرهابية التي تتمركز بالغابات الكثيفة المحاذية للشاطئ. وتوجد عصابات عديدة تنشط على مستوى هذه الجهة منتهزة غياب الرقابة، كما ساهم الهاتف النقال في حرية تنقل هذه الجماعات، وهذا النهب شهدت وتيرته ارتفاعا كبيرا، مما أدى انعكاسه سلبا على البيئة والمحيط، خاصة على مستوى المناطق الواقعة بمحاذاة الوديان، هذا بالرغم من النشاط الذي تعرفه شرطة البيئة والعمران، حيث تسجل كل شهر العديد من الملفات، معظمها بالوديان المنتشرة عبر مختلف جهات الولاية. كما أن استغلال المرامل بالولاية، لم تشذ عن المتعارف عليه من استغلالها بطرق فوضوية، وذلك في ظل غياب دراسات خاصة. كما أن استغلال المرامل يتم بثمن زهيد، بالرغم من الثروات التي تأتي من ورائها، ودون تحديد دفتر الشروط أو مدة الاستغلال، ولا حتى المساحة المسموح باستغلالها. ويتعرض بالخصوص شاطئ تلزة وبن زويت ببلدية كركرة والقل، وبشكل ينذر بالخطر وبحلول كارثة بيئية، ويتزايد هذا الخطر، خصوصا وأن السلطات المحلية والهيئات المعنية بالرغم من تدخلاتها ما تزال عاجزة عن الحد من تفشي هذه الظاهرة، التي أثرت على الفلاحين بعد أن ارتفعت نسبة الملوحة بالآبار المخصصة لسقي أراضيهم الزراعية المتواجدة بجنب الشريط الساحلي، إضافة إلى التعرية التي يتعرض إليها الشاطئ وتقلص مساحته وإحداث خلل إيكولوجي وإلحاق ضرر بعناصر البيئة، وعلى مسافة جد متقدمة من اليابسة ووجود هذه الأراضي في مستوى منخفض واستمرار زحف أمواج البحر على هذه الأراضي. وحسب بعض السكان. فإن هناك لوبيا متمكنا يستعمل الجرارات والشاحنات ليلا لنقل كميات ضخمة من الرمال إلى أماكن بعيدة عن الأنظار، لتوّزع بعد ذلك على مستعمليها بأثمان مغرية. هذا، وقد طالب العديد من المواطنين بمنطقة تلزة بالقل السلطات المحلية التدخل الصارم من أجل حماية هذه المنطقة من خطر الفيضانات التي باتت تهددها. ومواطنو المنطقة الذين زاد تخوفهم في الآونة الأخيرة بعد تعرية المنطقة من الكثبان الرملية، والتي كانت تحميها نوعا ما، ليبقى احتمال طفو مياه البحر على المناطق الفلاحية المجاورة قائما، والتي تؤدي إلى كارثة بيئية في حال سقوط الأمطار بغزارة. فظاهرة الاستغلال اللاشرعي للرمال على مستوى الشواطئ والتعدي على الشريط الساحلي والتجاوزات اللا قانونية، كرست منطق المافيا وجعلت هذه الشبكات خفية ومستترة لتردي الوضع الأمني بهذه المناطق، مما جعل النهب يتم في ظلمة الليل وبكل سهولة مع غياب الرادع الأمني لهذه التجاوزات، إلا في بعض الأحيان وبأحكام خفيفة، ويزداد الطلب على هذه المادة لندرتها بالسوق ولتنفيذ المشاريع التنموية وكذا مشاريع الخواص على الخصوص وتزدهر كلما يتأزم الوضع الأمني أكثر. يحدث هذا بالعديد من الشواطئ القريبة من حركة السكان. أما الشواطئ التي توجد معزولة وبعيدة عن الحركة، فأمرها لا يعلمه إلا الله، والشبكات الناهبة والمتواطئة جعلت المنطقة ككل معرضة إلى كارثة بيئية وشيكة الحدوث، كالمنطقة الرطبة بمحمية سهل قرباز شرق مدينة سكيكدة، التي لم تسلم منها أيادي النهب، وزحفت البنايات الفوضوية مما ينذر بخطر داهم، فهذه المحمية تتربع على مساحة 3580 هكتار وتعد من أهم المناطق الرطبة بالجزائر، وتمتاز بتنوع بيولوجي وغطاء نباتي متنوع، إضافة إلى امتيازها بمناظر رائعة الجمال. * البلديات الساحلية الخاسر الأكبر عمليات نهب رمال البحر التي تقوم بها عناصر هذه الشبكات، تكلف خسائر باهظة للخزينة العمومية، مقابل التأثير السلبي على البيئة، غير أن الخاسر الأكبر في ذلك هي البلديات الساحلية. وكل الإجراءات والدوريات التي يقوم بها أعوان الدرك الوطني لمحاربة مافيا الرمال، غير كافية للتخلص من هذه الظاهرة، ما لم يشارك المواطنون في هذه العملية. إلا أن تواطؤ بعض مواطني البلديات الساحلية التي تقوم عناصر من داخلها بالاستحواذ على كميات كبيرة من الرمال لبيعها بسبب البطالة، يجعل الأمر صعب القضاء عليه. وتستغل مافيا الرمال حيلا عديدة للانفلات من رقابة وقبضة أعوان الأمن، من ذلك اختيار المسالك الضيقة والمنعزلة الوعرة، ونفس مسالك الجماعات الإرهابية، لضمان الوصول إلى شواطئ المراد نهب رمالها. ويستعمل لصوص الرمال الجرارات، لكونها الوسيلة الوحيدة القادرة على اجتياز المسالك الوعرة، بالإضافة إلى أنها وسيلة مألوفة لدى سكان تلك المناطق الفلاحية، وحتى رمال بعض الأودية لم تسلم من هذه الظاهرة الآخذة في الاستفحال. وهي العملية التي عادة ما تجري تحت جنح الظلام، أين تجتهد عصابات الشباب العاطل عن العمل في هذا النشاط مقابل دنانير معدودة، وهذا لتزويد طلبات وحاجيات أصحاب الورشات العمومية والخواص من هذه المادة أمام ندرتها. وتقوم مافيا الرمل بنهب الآلاف من الأطنان من هذه المادة، التي تستعمل في عملية بناء المئات من المشاريع التي تنجز هنا وهناك عبر مختلف بلديات الولاية بطرق غير قانونية. وحسب المختصين في مجال البناء والعمران، فإنه من الخطورة استعمال رمال الشواطئ في البناء، وهو الأمر الذي يعرف رواجا كبيرا في سوق مواد البناء وبأسعار منخفضة عن أسعار رمل المرامل الطبيعية الذي يصلح للبناء. وقد تمكنت مصالح الدرك الوطني لدائرة عزابة، من إحباط عملية تهريب لثلاث شاحنات كانت معبأة بكميات هائلة من الرمال بهذه المنطقة، مع توقيف ثلاثة أشخاص، وهذا بالرغم من وجود ثلاث مرامل بها، مع حجز كمية الرمال والشاحنات المستعملة في التهريب. كما تمكنت فرق الدرك الوطني بالجهة الغربية للولاية، وبالتحديد بمدينة القل، من وضع يدها على مجموعة من الشباب، وذلك أثناء محاولتهم نقل كمية معتبرة من الرمال داخل جرار، والموقوفون يقطنون بالقل ولهم سوابق في مثل هذه الأعمال الإجرامية في حق البيئة. وقد أشارت الجمعيات المهتمة بشؤون البيئة، إلى تدهور الوضع البيئي بالقل، والبحر زحف بعدة أمتار بسبب فعل المافيا التي لم تتمكن أجهزة الأمن من شل نشاطها بالرغم من المجهودات المقدمة. فقد أصبحت تجارة الرمال بالولاية حلما للكثير من أصحاب الجرارات والشاحنات، لأنها تدر عليهم الربح السريع، حيث تصل أرباحهم في الليلة الواحدة إلى 07 ملايين، فلصوص الرمال يقومون بفتح مسالك وممرات وسط الأراضي الزراعية المتاخمة للشواطئ لتفادي مصالح الدرك الوطني التي هي بالمرصاد لهم، ومافيا الرمال لا تهمهم أرواح البشر، فهمهم الوحيد هو الربح، بالرغم من الحوادث المميتة، لأنهم يطفئون مصابيح وسائل النقل ويسيرون في الظلام، حتى لا يثيرون انتباه رجال الأمن.