استعاد لبنان الأربعاء خمسة من أسراه كانوا يقبعون في السجون الإسرائيلية وهم: سمير القنطار الذي بقي 30 عاما رهن الاعتقال، وخضر زيدان وماهر كوراني ومحمد سرور وحسين سليمان.. * وقد وقع هؤلاء في الأسر خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان عام 2006، إضافة إلى هؤلاء تسلم حزب الله جثث ورفاة نحو 200 من الفلسطينيين واللبنانيين والعرب والأجانب. فيما أعيد إلى إسرائيل رفاة جندييها الأسيرين لدى حزب الله منذ عام 2006. وسلم حزب الله هذين الجنديين إلى إسرائيل بعد ما أصدر الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز مساء الثلاثاء عفوا رسميا عن سمير القنطار، وذلك بعد مصادقة 22 وزيرا في الحكومة الإسرائيلية على صفقة التبادل مع حزب الله.. * * * ويعد الإفراج عن القنطار سابقة تاريخية في إسرائيل وإنجازا نوعيا انتزعه حزب الله، وخصوصا أنه في عام 1979، عرض رئيس الوزراء مناحيم بيغن مشروع قرار يقضي بإعدام سمير القنطار الذي يعرف باسم "مانديلا العرب". وقد أقيم استقبال للأسرى في بلدة الناقورة اللبنانية على الحدود مع إسرائيل قبل نقلهم إلى بيروت، حيث أقيم لهم استقبال رسمي شارك فيه الرئيس ميشال سليمان وكبار المسؤولين. وكان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد اصدر مذكرة رسمية بإغلاق الإدارات الرسمية والخاصة احتفاء بالمناسبة. وهذه هي عملية التبادل العاشرة بين حزب الله وإسرائيل منذ العام 1991. وبعد تسليم جثتي الجنديين الإسرائيليين إلى الجانب الإسرائيلي لإجراء فحص الحامض النووي بمعرفته عليهما بعد إجراء الفحص من جانب الصليب الأحمر الدولي، قامت شاحنات تابعة للصليب الأحمر الدولي بنقل رفات وأشلاء الشهداء، حيث ضمت هذه الشاحنة رفات ثمانية من الشهداء وهم: سبعة من الشهداء اللبنانيين الذين استشهدوا في العمليات العسكرية خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان في جويلية 2006، إلى جانب رفات الشهيدة الفلسطينية دلال المغربي التي نفذت عملية داخل الأراضي الإسرائيلية قبل نحو 30 عاما.. ودلال المغربي هي فتاة فلسطينية ولدت عام 1958 في أحد مخيمات بيروت وهي ابنة لأسرة من يافا لجأت إلى لبنان في أعقاب النكبة عام 1948 وقادت عام 1978 عملية قرب تل أبيب أسفرت عن مقتل أكثر من 30 جنديا إسرائيليا. * * وكشفت مصادر أن من بين الرفات الذين تسلمهم حزب الله رفات ستة مقاتلين تونسيين قتلوا خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية في وقت سابق أثناء عملهم كمتطوعين ضمن حزب الله. وأكد أقارب المقاتلين الستة هويتهم، وهم سامي بن طاهر الحاج، ورياض بن هاشمي، وكامل بن سعود بدري، وبليغ بن محمد أنور، ومولود بن ناجح، وعمران بن كيلاني المقدمي.. ومن جهة أخرى، أقام اللبنانيون احتفالات شعبية كبيرة لاستقبال الأسرى، حيث رفعت لافتات تمجد النصر الذي حققه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وتسخر من رئيس الحكومة الإسرائيلي ايهود اولمرت ومنها "نصر الله يقدم الحرية وأولمرت يقدم الذل".. وفي المقابل أجمع العديد من المعلقين والساسة في إسرائيل على أن الأربعاء هو واحد من أكثر الأيام "سوادا" في تاريخ إسرائيل، ويدلل بشكل لا يقبل التأويل على أن إسرائيل خسرت حرب 2006، وأن حزب الله هو المنتصر فيها. وقال ديفيد إينهوم والد أحد الجنود الذين قتلوا في حرب لبنان في صيف 2006 إنه يشعر أن "ابنه وعشرات الجنود الذين سقطوا في الحرب قد قتلوا بدون هدف منطقي". وهاجم إينهوم في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية رئيس الوزراء إيهود أولمرت قائلا: إن "أولمرت شن حرب لبنان الثانية من أجل إعادة الجنديين المخطوفين، وبعد أن فقدنا 179 جنديا في الحرب ها هما الجنديان يعودان كجثث بعد أن أجبرنا حزب الله على إطلاق سراح سمير القنطار". واعتبر إينهوم أن تنفيذ الصفقة يدلل على أنه لا يوجد في إسرائيل قيادة حكيمة، قائلا: "أولمرت الذي يمد يده ليختلس المال العام لا يتردد في اللامبالاة تجاه قضية هامة مثل حياة أبنائها الذين يخدمون في الجيش"، في إشارة إلى قضية الفساد المتورط فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي. * * عمليات تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل تكتمل فصولها * * جاءت عملية تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل تتويجا لعمليات تبادل كثيرة جرت بين الجانبين تعود أولاها إلى عام 1986 حين تم تأسيس أول مفاوضات بهذا الخصوص بين الجانبين واستمرت حتى عام 1991 الذي شهد عمليتي تبادل بين حزب الله وإسرائيل. وجرت صفقة التبادل الأولى في 21 ديسمبر من عام 1991 وتم تنفيذها على ثلاث مراحل وأفرجت إسرائيل بمقتضاها عن 25 معتقلا من معتقل الخيام بينهم امرأتين، والثانية شملت الإفراج عن 51 معتقلا من معتقل الخيام، مقابل استعادتها جثة جندي إسرائيلي كانت محتجزة لدى حزب الله. وفي 21 جويلية عام 1996 استعادت إسرائيل رفات الجنديين يوسف بينيك ورحاميم الشيخ وأفرجت في المقابل عن رفات 132 لبناني استشهدوا في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، وسلمتهم إلى السلطات اللبنانية. كما أطلق حزب الله سراح 17 جنديا من جيش لبنان الجنوبي، وأطلق الأخير سراح 45 معتقلا من معتقل الخيام، وقد جرت العملية بوساطة ألمانية. وأفرج حزب الله عام 1997 عن عنصر في جيش لبنان الجنوبي، فيما أطلقت إسرائيل سراح ثلاثة أشخاص من معتقل الخيام. * * * البرغوثي وسعدات يودعون القنطار وينتظرون دورهما * * * أقام المعتقلون الفلسطينيون حفلا وداعيا لعميد الأسرى في المعتقلات الإسرائيلية سمير القنطار وأربعة من رفاقه الأسرى الذين أفرج عنهم الاربعاء. * * ومن ابرز المشاركين في الوداع الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احمد سعدات، وأمين سر حركة فتح في الضفة الغربية مروان البرغوثي المعتقلين في السجن نفسه. * * وقال المحامي الياس صباغ محامي مروان البرغوثي وسمير القنطار أن حفل الوداع كان عبارة عن شرب الشاي معا وعناق بعضهم بعضا، خصوصا أثناء خروج السجناء إلى الساحة. وأوضح نفس المصدر أن السجناء الفلسطينيين يشعرون بتقدير خاص له كونه ضحى بأجمل سنوات عمره من اجل فلسطين. وهناك إجماع حوله بأنه يمثل السجناء ويتكلم باسمهم أمام الإدارة.. وقد أكدت حركة حماس أن عملية تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل تعد انتصارا كبيرا للمقاومة ولحزب الله وهي بمثابة عرس للأسرى وعائلاتهم. وأوضح سامي أبو زهري الناطق باسم الحركة في بيان صحفي أن "إفراج إسرائيل عن الأسير سمير القنطار ومن معه من الأسرى كسر معادلة الاحتلال المتمثلة برفض الإفراج عن الأسرى ذوي الأحكام طويلة الأمد وجعل تمسك الاحتلال بهذه المعادلة أمرا لا معنى ولا قيمة له".