كادت كل التماثيل والصخور الأثارية الرومانية بمسرح تيمقاد ترقص على أنغام أغاني الشاب خالد الذي كان متواضعا في أدائه ورقصاته التي تجاوب معها الجمهور الغفير الذي غصت به مدرجات وأروقة المسرح الذي شهد خلال الليلة الثامنة من الطبعة الثلاثين واحدة من أحلى الليالي وأمتعها، في تاريخ هذا المهرجان الدولي، فكل من حضر حفلة الشاب خالد سوف لن ينسى بالتأكيد تلك الصور الرائعة التي صنعها الجمهور القادم من كل ولايات الشرق الجزائري لمتابعة حفلة الكينغ والذي كان بدوره عملاقا حقيقيا لأغنية الراي. * بابتسامته المعهودة والتي تخفي في طياتها تقديره العميق للجمهور اعتلى خالد منصة المسرح وبحركات راقصة بدأ في إرشاد أعضاء فرقته ولم ينتظر الجمهور طويلا حتى انبعثت من ركح المسرح حرارة موسيقية عمت فضاء المدرجات الممتلئة عن آخرها بجمهور من كل الفئات والأطياف من شباب وعائلات كان تجاوبها كبيرا وعميقا مع الفنان العالمي ملك أغنية الراي، وعن ظهر قلب كان الجميع يحفظ ويردد أغانيه من بختة، عايشه، حتى أنت طوالو جنحيك، وطريق الليسي التي رقص على أنغامها كل من كان متواجدا في المكان الأثري من منظمين وإعلاميين وجمهور عريض ظل ودون تعب أو عياء يغني ويرقص وفي كل مرة يوجه تحية خاصة بالتصفيق والهتاف باسم الشاب خالد وفرقته التي كانت أيضا سعادتها لاتوصف لعظمة التجاوب الذي وجدته من طرف الجمهور الغفير، الذي لم يغادر المدرجات إلى حين أن اعتذر له خالد في حدود منتصف الليل مغادرا منصة المسرح الروماني تحت حراسة أمنية مشددة من طرف الفيجيل الذين اصطفوا لإخراجه والتوجه به مباشرة نحو سيارة الميتسي بيتشي التي كانت في انتظاره خلف المنصة والتوجه به نحو إقامة الوالي أين قضى باقي الليلة، بينما وفي بهجة وغبطة كبيرين خرج الجمهور وفي مخيلة كل واحد الصور الرائعة والجميلة لتلك الحفلة التي ستبقى دون شك خالدة في أذهان كل من حضر تلك السهرة... * السهرة التاسعة أو السهرة ما قبل الأخيرة من ليالي تاموقادي لم تحافظ على نفس ريتم سابقتها، بالنظر لمستوى الأداء وطابع الغناء المبرمج، حيث أدت المطربة المغتربة شريفة لونة وصلات غنائية باللغة الفرنسية لم يتجاوب معها من الجمهور سوى بعض المراهقين، بينما أدت أيضا زاهو على نفس الريتم والإيقاع بعض الأغاني التي حاولت بها دغدغة مشاعر الجمهور، خاصة بأدائها لأغنية كيفاه اندير والتي تعبر عن معاناة الغربة وكذا أغنية ويلي ويلي يابا. وعلى النقيض من ذلك كان لنجم السهرة الفنان اللبناني وائل جسار حضوره المتميز بدخوله لتحية الجمهور بأغنية مهما تقول تعيد وتزيد، وعلى الرغم من تأخر البرمجة بقي عشاق الجسار ينتظرون مغادرته المنصة إلى غاية الساعة الأولى من صبيحة اليوم الموالي، وعكس ما كان مبرمجا فقد غابت عن برنامج السهرة فرقة جمعاوي أفريكا لأسباب لم يتم الكشف عنها من طرف المنظمين الذين اكتفوا بالقول بأن الوقت لايكفي بعدما تمت برمجة حفلة وائل جسار للسهرة التاسعة بعدما تم تأجيل حفلته التي كانت مقررة لسهرة الإثنين بسبب سوء الأحوال الجوية. * * كواليس المهرجان * قبل بداية حفلة الشاب خالد وقعت أمام المدخل المخصص للصحافيين والمدعوين من كبار الشخصيات معركة حامية الوطيس بين إثنين من رجال الأمن (الفيجيل) المكلفين بالتنظيم، ولم تتوقف المعركة حتى تدخل بعض زملائهم وبعض المنظمين لفك العراك بينهما والذي تبقى أسبابه مجهولة. * المطرب الشاوي المتواضع إبن مدينة باتنة حسان دادي وبعدما وجد صعوبة كبيرة في الدخول إلى المسرح الروماني رفقة عائلته لمتابعة حفلة الكينغ خالد إلا أنه فضٌل عدم الالتحاق بالمقاعد المخصصة للضيوف والمدعوين إلاٌ بعد حضور والي الولاية، حيث بقي ينتظر رفقة أفراد عائلته بالرواق المتواجد بمدخل المسرح الروماني. * حددت إدارة محافظة المهرجان ثمن تذكرة الدخول لحضور سهرة الشاب خالد بمبلغ 700 د.ج، وعلى الرغم من ذلك فقد كان إقبال الجمهور جنونيا واكتظت مدرجات المسرح الروماني عن آخرها. * صادف القائمون على بيع التذاكر بمدخل المسرح الروماني مشكلة غير منتظرة تتمثل في عدم اتساع الصندوق المخصص لوضع أموال المداخيل والذي تجاوز حسب مصادر متطابقة توقعات المنظمين، بعد أن شهد إقبالا جماهيريا كبيرا. * غصت مدرجات المسرح الروماني بالجماهير وامتلأت عن آخرها في حدود الساعة السادسة والنصف مساء بعدما تدفقت عليها قوافل الشباب والعائلات التي كانت تنتظر فتح الأبواب منذ حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، على الرغم من أن المنظمين كانوا قد أعلنوا أن بداية الحفلة سوف لن تكون قبل الساعة العاشرة والنصف ليلا. * لم يتمكن العديد من الأشخاص الذين اقتوا تذاكر الدخول من الوصول إلى الأماكن المخصصة للجمهور على المدرجات بسبب انسداد كل المنافذ بالمتفرجين ليكتفوا بالجلوس خلف جدران ركح المسرح مكتفين بسماع الأغاني والرقص على إيقاعها تحت حراسة أمنية مشددة دون مشاهدة صورة الشاب خالد. * حضرت إلى المسرح الروماني بباتنة فرقة عن قناة التلفزيون الفرنسي (فرانس 2) لتغطية حفلة الشاب خالد. وعلق صحافي القناة أنه لم يندهش للصوٌر الرائعة التي صنعها جمهور تيمقاد في تجاوبه مع الأغاني، لأنه وكما قال اعتاد على مشاهدة تلك الصور كلما تعلق الأمر بحفلة يحييها خالد وفي مختلف بقاع العالم. * كل الناس رقصوا على وقع أنغام أغنية بنت (الليسي) بما في ذلك رجال الصحافة والإعلام المكلفين بتغطية المهرجان، حيث لم يتمالكوا أنفسهم أمام تلك الصوُر الرائعة التي كان يصنعها الجمهور في المدرجات فراحوا هم أيضا يفرغون مكبوتاتهم بالرقص وهز الوسط دون أي اعتبار للمهمة المسندة إليهم. فإذا حضر خالد سقطت البروتوكولات. * وصل الشاب خالد إلى الموقع الأثري في حدود الساعة العاشرة والربع ليلا أين وجد في استقباله والي ولاية باتنة وعدد من الشخصيات، إضافة إلى مسؤولي محافظة تنظيم المهرجان والذين جلسوا معه في الخيمة المخصصة للفنانين مدة ربع ساعة ليطل بعدها على الجمهور الغفير الذي انتظره ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة في الوقت المحدد أي في تمام الساعة العاشرة والنصف ليلا. * الجمهور الغفير الذي اكتظت به المدرجات عن آخرها وبعد بقائه لساعات طويلة في الإنتظار، ولكسر الروتين والملل كان يختار من حين لآخر عبارات يهتف بها فمرة يهتف باسم الشاب خالد ومرة باسم فرق رياضية وكان كلما شاهد بعض المسؤولين وعائلاتهم يدخلون لأخذ أماكن لهم في المقاعد المخصصة للمدعوين إلا وهتف راهم جاو الزوالية. * لم يقتصر حضور الجمهور لحفلة الشاب خالد على القاطنين بولاية باتنة فحسب، بل حتى الشباب والعائلات من مختلف الولايات البعيدة خاصة منها قالمة، سوق أهراس وعنابة فضلوا السفر إلى باتنة على متن حافلات خاصة في شكل رحلات جماعية وعائلية، لكنه وللأسف فإن العديد منهم لم يتمكن من الدخول إلى المدرجات ومشاهدة الكينغ بسبب امتلاء المدرجات ساعات قبل بداية الحفلة.