مثلما هو مقرّر، تجرى يوم 4 ماي المقبل بمحكمة الجنايات بالبليدة، محاكمة المتهمين في "فضيحة القرن"، والتي سيحضرها المتهم الرئيسي رفيق عبد المؤمن خليفة، في حين سيغيب عنها وللمرة الثانية على التوالي المتهمون من عائلة كيرامان، وهم الوزير السابق للصناعة عبد النور كيرامان ومحافظ بنك الجزائر سابقا عبد الوهاب كيرامان، وابنة الوزير السابق للصناعة ياسمين كيرمان، والذين أثارت علاقتهم بمجمع الخليفة الكثير من الجدل، وخاصة بعدما قرر ثلاثتهم الهروب نحو الخارج بعد الإدلاء بشهادتهم أثناء التحقيق. كيرامان يحمل لكساصي وترباش المسؤولية وفي ظل غياب عائلة كيرامان عن المحاكمة، ستبقى الحلقة المفقودة في ملف "قضية الخليفة بنك" محل غموض، لن يزيله إلا المواجهات بين المتهمين الفارين وعبد المؤمن خليفة، خاصة أن محافظ بنك الجزائر سابقا عبد الوهاب كيرامان والذي قرر مغادرة الجزائر بعد سماعه الأول من قبل قاضي التحقيق ظل على اطلاع دائم بمجريات المحاكمة، وسجل حضوره عن طريق بيانات غامضة واتهامات مشفرة أصدرها في ذلك الوقت، وحتى عن طريق إدلائه بشهادات خطيرة تتعلق بالملف للصحافة، حيث إنه وجه اللوم وفقا للبيان الذي وزعه أثناء المحاكمة السابقة لكل من محافظ بنك الجزائر سابقا الذي خلفه محمد لكساصي، وكذا وزير المالية آنذاك تريباش، بخصوص التقصير في اتخاذ الإجراءات التأديبية ضد بنك الخليفة بعد تسجيل عدة خروقات لقانون النقد والصرف تم اكتشافها في 10 تفتيشات، محاولا التنصل من التهم الموجهة إليه والمتعلقة بجناية تكوين جمعية أشرار والرشوة واستغلال النفوذ والمشاركة في النصب وخيانة الأمانة. حيث أكد آنذاك، أنه أمر شخصيا بعمليات التفتيش التي طالت "بنك الخليفة" بصفته محافظ بنك الجزائر، وسلم وفقا للقوانين المعمول بها التقارير المنجزة في عمليات التفتيش والتي كشفت التجاوزات وخروقات التسيير للجنة المصرفية، للتكفل بتسليط العقوبات التأديبية المستحقة ضد الخليفة.
"أبعدوني" عن منصبي لأنني قررت معاقبة بنك الخليفة ورغم أن محافظ بنك الجزائر السابق، قرر عدم مواجهة العدالة الجزائرية والحضور للمحاكمة، إلا أنه كان على اطلاع دائم بمجريات المحاكمة التي كانت تجرى بجنايات البليدة، في المرّة الأولى، وحاول بكل الطرق والوسائل إيصال صوته والدفاع عن نفسه، ليقرر بعدها إصدار بيان صحفي، وفي حوار مطول انفردت به "الشروق" مع اقتراب نهاية المحاكمة في 3 مارس 2007، وأدلى فيه بتصريحات مثيرة وخطيرة، مشيرا إلى أن قرار هروبه من الجزائر لم يكن بإرادته وإنما كان مضطرا للعيش في المنفى بمعية عائلته والمتهمين معه في القضية، ونخص بالذكر شقيقه الوزير السابق للصناعة عبد النور كيرامان وابنته ياسمين التي اشتغلت في فرع الخليفة ايرويز بميلانو، وشدد على أنه استدعى عبد المؤمن خليفة بعد سلسلة التفتيشات لمواجهته بالخروقات وتطبيق القانون ضده، لكنه تفاجأ بإبعاده عن منصبه حتى لا تطبق الإجراءات التأديبية ضد بنك الخليفة. وفندَ في الحوار الصحفي القرابة التي تربطه مع والدة عبد المؤمن خليفة، مؤكدا أنه التقى عبد المؤمن ثلاث مرات في ظروف رسمية ولم تربطه معه علاقة شخصية أو ما شابه ذلك، وكل لقاءاته كانت في إطار العمل وبحضور إطارات البنك.
"ياسمين".. تنفي توظيفها لأنها ابنة الوزير ومن التصريحات المثيرة التي أصدرتها المتهمة ياسمين كيرامان، في بيان صحفي في وقت سابق، مثلما قام به عمها محافظ البنك، هو أنها تنازلت عن راتبها لسنة 2003، وصرفت من جيبها، كما أنها تساءلت عن التصريحات والوثائق التي قدمتها قبل اضطرارها لمغادرة الجزائر، حيث أكدت أنها عينت بالخليفة للطيران نظرا لمؤهلاتها العلمية، وهذا لأنها درست بالمعهد الفرنسي للتسيير ولإتقانها اللغة الإيطالية، كما تم تكليفها بالترويج لفروع مجمع الخليفة بإيطاليا، وأكدت أنها قامت بعملها على أكمل وجه ولا علاقة لها بتحويل الأموال وقضية الخليفة بنك. ويعتبر كيرامان عبد النور، الوزير السابق، الوحيد المتهم في الملف، حسب تفاصيل الملف الأول، حيث تم الاستماع إليه خلال سبتمبر 2004 من قبل قاضي التحقيق بخصوص تعاملاته مع بنك الخليفة وكذا حصوله على مبلغ مالي بالأورو في حسابه البنكي، والذي أكد أنه تحصل عليه نظير بيعه لمجلته "ماد اينرجي" لصالح شركة الخليفة، وشدد على أنه لم يتلق أي دعم أو تمويل من قبل الخليفة لمجلته، غير أنه في الأخير قرر أن يحذو حذو أخيه محافظ بنك الجزائر، من خلال تفضيله المنفى على دخول السجن أو مواجهة العدالة الجزائرية. وبهذا، فإن عائلة كيرامان التي صدرت بحقهم أحكام غيابية بالسجن 10 سنوات في حق الوزير السابق وابنته و20 سنة في حق محافظ بنك الجزائر السابق، سيغيبون عن جلسة المحاكمة الثانية، وستبقى شهاداتهم ومواجهتهم للمتهم الرئيسي الحلقة المفقودة في المحاكمة.