محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيرامان للشروق: أبعدت من منصبي فور شروعي في معاقبة بنك الخليفة
نشر في الشروق اليومي يوم 02 - 03 - 2007

يتعرض عبد الوهاب كيرمان، المحافظ السابق لبنك الجزائر، في هذا الحوار بالتفصيل لعلاقته بقضية الخليفة، كما أكد أنه لم يختر المنفى الإرادي، وأنه وعائلته ضحية تعسف سياسي الغرض منه تحويله إلى كبش فداء في قضية الخليفة، واتهم غرفة الاتهام والمحكمة العليا بتنظيم محاكمة‮ المدانون‮ فيها‮ معروفين‮ مسبقا،‮ بينما‮ الهدف‮ هو‮ حماية‮ المستفيدين‮ الفعليين‮ في‮ عملية‮ الاحتيال‮. وقال كيرمان إنه كان وراء عمليات التفتيش ببنك الخليفة وأنه استدعى عبد المؤمن ونبّهه بالخروقات الموجودة على مستوى البنك الذي كان يتوسع بسرعة فائقة، وأضاف أنه أبعد عن البنك المركزي غداة الشروع في الإجراءات الانضباطية، ما يوضح المسؤوليات بكل بساطة.
بدأت‮ محاكمة‮ بنك‮ الخليفة،‮ إلا‮ أنك‮ قررت‮ عدم‮ الاستجابة‮ للاستدعاء‮ واخترت‮ المنفى‮ الإرادي،‮ فهل‮ أنت‮ اليوم،‮ مرتاح‮ الضمير؟‮
أذكركم بأنني لم أختر المنفى الإرادي عندما عيّنني الرئيس بوضياف، في 1992، من بين الستين عضوا الذين أرادهم "من أصحاب الكفاءة والنزاهة" لإنشاء المجلس الوطني الاستشاري. وقد اغتيل أربعة أعضاء من هذا المجلس في هجومات مستهدفة. ولم أختر المنفى الإرادي عندما طلب مني رئيس الحكومة بلعيد عبد السلام إثر اغتيال الرئيس بوضياف - وهي الحادثة التي أصيب فيها شقيقي عبد النور - أن أقبل بإدارة البنك المركزي لجزائر كانت قاب قوسين أو أدنى من التوقف عن تسديد الدفوعات. أمّا الآن، أنا مجبر على اختيار‮ المنفى‮ الإرادي،‮ بسبب‮ نظام‮ سياسي‮ يستغل‮ القضاء‮ للنيل‮ مني‮ ويهاجم،‮ من‮ أجل‮ ذلك،‮ شقيقي‮ وابنته‮.‬ أريد‮ أن‮ أذكّر‮ أيضا،‮ بأن‮ شقيقي‮ عبد‮ النور‮ عندما‮ كان‮ مديرا‮ عاما‮ لسونلغاز‮ كان‮ ضحية‮ مناورة‮ رهيبة‮ في‮ 1981 أدخلته‮ السجن‮ لمدة‮ ثمانية‮ شهور‮ قبل‮ الإفراج‮ عليه‮ مع‮ انتفاء‮ وجه‮ الدعوى‮.‬ ورغم‮ اقتناعنا،‮ منذ‮ اتهامنا‮ في‮ سبتمبر‮ 2004،‮ بأننا‮ ضحايا‮ تعسف‮ سياسي،‮ فقد‮ قبلنا‮ المشاركة‮ في‮ مرحلة‮ التحقيق‮ من‮ بدايتها‮ إلى‮ نهايتها‮ ووفرنا‮ لعدالتنا‮ كل‮ التوضيحات‮ والتبريرات‮ في‮ سبيل‮ الوصول‮ إلى‮ الحقيقة‮. وبعد الاطلاع على قرار الإحالة الذي أصدرته غرفة الاتهام في جويلية 2006، والذي كان يتضمن اتهامات باطلة، وبعد رفض المحكمة العليا لطعوننا - وهو انتهاك لحقوقنا كمواطنين - كان واضحا أنهم كانوا يريدون أن يجعلوا منا كباش فداء في القضية. وما كان سيحصل بعد ذلك، كان واضحا ألا وهو اقتيادي إلى السجن عشية المحاكمة. إنها مسرحية أعطونا فيها دور الشريك في الجريمة مع إدانة مبيتة منذ البداية، فلماذا أقبل المشاركة في مسرحية كهذه وأنا الذي تفانيت في خدمة بلدي طوال حياتي؟ أما فيما يتعلق بسؤالكم حول ما إذا كنت مرتاح الضمير، فكما قلت للقاضي في جلسة الاستماع الأولى، نعم، أنا مرتاح الضمير. لعل هذا السؤال من المفروض أن يوجه إلى أولئك الذين يستغلون العدالة منذ بداية هذه القضية ويتلاعبون بمجريات التحقيق، فغرفة الاتهام والمحكمة العليا‮ نجحتا‮ بجدارة‮ في‮ تنظيم‮ محاكمة،‮ المدانون‮ فيها‮ معرفون‮ مسبقا،‮ والهدف‮ هو‮ حماية‮ المسؤولين‮ الحقيقيين‮ وكذا‮ المستفيدين‮ الفعليين‮ من‮ عملية‮ الاحتيال‮.‬
‬أنت‮ اليوم،‮ محل‮ لوم‮ على‮ تحيّزك‮ في‮ إجراء‮ منح‮ الاعتماد‮ لبنك‮ الخليفة،‮ فهل‮ لك‮ أن‮ تعيد،‮ بطريقة‮ وجيزة،‮ ذكر‮ مراحل‮ عملية‮ الاعتماد،‮ وما‮ هي‮ النقاط‮ التي‮ استلزمت‮ تدخلك؟
هذا خطأ واضح، من وجه هذا اللوم، فهل له أن يحدد، بالضبط، علاقتي بالموضوع؟ إنهم ينسبون إلي أمورا من دون أن يعطوا أدنى توضيح أو تبرير. هكذا تنقلب الأمور، بحيث أصبحت أنا المطالب بإعطاء الدليل على اتهام لا أساس له من الصحة. هذه هي المراحل التي يجري عليها اعتماد البنوك: في المرحلة الأولى، يتصل أصحاب مشروع إنشاء البنك بمديرية الضبط البنكي (المديرية العامة للقرض) التي توضح لهم الشروط اللازمة وتكون مخاطبهم طيلة العملية. وقد بدأت هذه الخطوة بالنسبة لبنك الخليفة في صيف 1997، وعندما تقرر المديرية بأن الملف مكتمل ويمكن تقديمه، تعطى للأمين العام لمجلس النقد والقرض (وهي مؤسسة تابعة للدولة، يُعيّن أعضاءَها رئيس الجمهورية ويرأسها محافظ البنك دون صوت سائد) فيعلم الأمين العام المحافظ بأن مشروع إنشاء البنك جاهز للحصول على اعتماد المجلس. تأتي المرحلة الثانية، فيعطي المحافظ موافقته لإدراج الملف في جدول أعمال المجلس المقبل، ثم يستدعي الأمين العام مجلس النقد والقرض ويرسل إلى الأعضاء السبعة بطاقة فنية عن المشروع تعدّها مديرية الضبط البنكي. عندئذ، تأتي المرحلة الثالثة مع اجتماع المجلس، فيقوم أعضاؤه‮ بمداولة‮ تنتهي‮ باتخاذ‮ القرار‮ المناسب‮ بشأن‮ الاعتماد‮. هكذا‮ تم‮ اتخاذ‮ القرار‮ في‮ ما‮ يخص‮ بنك‮ الخليفة‮ بتاريخ‮ 25‮ مارس‮ 1998‮.‬ أحد‮ المحاميين‮ كان‮ قد‮ صرح‮ بأن‮ اعتماد‮ بنك‮ الخليفة‮ مُنح‮ في‮ شهرين،‮ هذا‮ غير‮ صحيح‮. عملية‮ اعتماد‮ بنك‮ الخليفة‮ تطلبت‮ أحد‮ عشر‮ شهرا،‮ وهي‮ تقريبا‮ المدة‮ نفسها‮ بالنسبة‮ إلى‮ كافة‮ البنوك‮.‬
كيف‮ تفسرون‮ أن‮ وثيقة‮ اعتماد‮ بنك‮ الخليفة‮ التي‮ نُشرت‮ في‮ الجريدة‮ الرسمية،‮ لم‮ تتضمن‮ اسم‮ عبد‮ المؤمن‮ خليفة‮ كرئيس‮ مدير‮ عام؟‮
ارجعوا إلى إعلان اعتماد "يونيون بنك" الذي نُشر في الجريدة الرسمية رقم 45 المؤرخة في 20 أوت 1995، فإنه لم يتضمن اسم مسيّرها. كما أن الإعلان عن اعتماد البنك الوطني الجزائري الصادر في الجريدة الرسمية رقم 62 المؤرخة في 22 أكتوبر 1995 لم يتضمن هو الآخر اسم مسيّرها‮. ونفس‮ الشيء‮ بالنسبة‮ ل‮ "‬سيتي‮ بنك‮" الذي‮ نشر‮ إعلان‮ اعتماده‮ في‮ الجريدة‮ الرسمية‮ رقم‮ 35‮ الصادر‮ في‮ 27‮ ماي‮ 1998‮. أين‮ يكمن‮ الخطأ‮ ؟‮ من‮ قرر‮ ضرورة‮ ذكر‮ اسم‮ المسير‮ في‮ مثل‮ هذا‮ الإعلان‮ ؟‮ ومع‮ ذلك،‮ فهل‮ يعقل‮ أن‮ ينسب‮ إلى‮ محافظ‮ البنك‮ مسؤولية‮ مراقبة‮ عمليات‮ إعلان‮ الاعتماد؟‮ لا‮ غرابة‮ في‮ الأمر‮ مادام‮ أن‮ عائلة‮ كيرمان‮ استهدفت‮ لأغراض‮ سياسية،‮ حيث‮ وجهت‮ لها‮ اتهامات‮ لا‮ أساس‮ لها‮ من‮ طرف‮ كل‮ من‮ النيابة‮ وغرفة‮ الاتهام‮ والآن‮ رئيسة‮ المحكمة‮ على‮ الخصوص‮.‬
ذهبت‮ بعض‮ أجهزة‮ الإعلام‮ في‮ معالجتها‮ للقضية‮ إلى‮ حد‮ القول‮ إن‮ بنك‮ الجزائر،‮ تحت‮ رئاستك،‮ حدد‮ نسب‮ فوائد‮ ضئيلة‮ جدا‮ بشكل‮ يدعم‮ أعمال‮ بنك‮ الخليفة،‮ فما‮ تعليقكم‮ على‮ ذلك؟
هذا كله هراء، فبنك الجزائر لا يحدد أي نسبة فوائد، لأن ذلك من مهام مجلس النقد والقرض. هو الذي يضبط ما يسمى ب "taux de réescompte" الذي يخص النسبة التي تقترض على أساسها البنوك لدى البنك المركزي. أما البنوك، فهي حرة في تحديد ما يسمى ب "taux créditeur" الذي تتعامل به مع المدخرين وكذلك ما يسمى ب "taux débiteur" وهو الذي تتعامل به مع المقترضين. لا دخل، إذاً، للبنك المركزي في هذه العملية، وما عليكم إلا قراءة تعليمة مجلس النقد والقرض رقم 94-13 الصادرة بتاريخ 02 جوان 1994. إذا ركزنا الحديث على النسبة الأولى "taux de réescompte"، فإن الحكومات المتعاقبة حاولت غالبا أن تقرض نسبا ضعيفة، معتقدة أن القرار يشجع الاستثمار، غير أن المجلس المشار إليه لم يستجب لتلك الضغوط. ترون،‮ إذاً،‮ أن‮ من‮ تحدث‮ عن‮ هذا‮ الموضوع‮ لم‮ يكن‮ على‮ دراية‮ كاملة،‮ إلا‮ أن‮ رئيسة‮ المحكمة‮ تركت‮ الأمور‮ تجري‮ على‮ هذا‮ المنوال‮.
* كم‮ من‮ مرة‮ التقيت‮ عبد‮ المؤمن‮ خليفة‮ سواء‮ في‮ إطار‮ رسمي‮ أو‮ بصفة‮ شخصية؟‮ في‮ أية‮ ظروف‮ وبأية‮ أهداف؟‮ هل‮ حقا‮ تربطكم‮ صلة‮ قرابة‮ بوالدة‮ عبد‮ المؤمن‮ خليفة؟
قبل قرن حدث أن تزوجت بمدينة بجاية قريبة أحد أولاد عمّ والدي من جدّ والدة عبد المؤمن خليفة، يا لها من قرابة! ما أود تأكيده، في الحقيقة، هو أنني لا أعرف لا والدة عبد المؤمن خليفة ولا والده ولا أحدا من أفراد عائلته. وأضيف أن "الوالدة" الوحيدة التي استقبلتها في‮ مكتبي،‮ خلال‮ ترأسي‮ بنك‮ الجزائر،‮ كانت‮ والدة‮ مسؤول‮ فرقة‮ الحماية‮ المقربة‮ التي‮ وضعتها‮ الدولة‮ تحت‮ تصرفي،‮ ذلك‮ المسؤول‮ الذي‮ اغتيل‮ بالقرب‮ من‮ مستودع‮ سيارات‮ بنك‮ الجزائر‮.‬ لنعد إلى عبد المؤمن خليفة، فلم التقه أبدا في إطار شخصي غير رسمي، ولم أتحدث أبدا معه هاتفيا. التقيته ثلاث مرات في ظروف جد رسمية وبحضور شهود، كما أكدته لقاضي التحقيق في 6 سبتمبر 2004، وكانت المرة الأولى - صيف 1998 - في مكتبي بحضور مساعديّ في إطار المقابلة التقليدية التي أخصصها لكل مسيري البنوك بعد حصولهم على الاعتماد الذي يمنحه مجلس النقد والقرض. أما المرة الثانية - جوان 2000 - فكانت المقابلة أيضا، في مكتبي بحضور الأمين العام لمجلس النقد والقرض، وكنت استدعيت عبد المؤمن خليفة لأحيطه علما بالاحتياطات التحفظية التي تقررت بشأن بنكه ولتوجيه تحذير رسمي إثر الملاحظات الناجمة عن عمليات التفتيش الأولى. أما المرة الثالثة التي التقيته فيها، فكانت في أوائل 2002، حينما كنت وزيرا، إذ جاء ليلقي التحية عليّ وعلى سفير فرنسا ونحن نغادر قصر الأمم الذي نظم فيه رئيس الجمهورية وجبة‮ عشاء‮ عقب‮ مباراة‮ كرة‮ القدم‮ التي‮ جمعت‮ بين‮ الفريق‮ الوطني‮ وأولمبيك‮ مارسيليا،‮ وهو‮ الحدث‮ الرياضي‮ الذي‮ موّله‮ بنك‮ الخليفة‮.‬ أتحدى‮ أيا‮ كان‮ أن‮ يقدم‮ دليلا‮ واحدا‮ يثبت‮ أنني‮ التقيت‮ عبد‮ المؤمن‮ خليفة‮ أو‮ تكلمت‮ معه‮ في‮ غير‮ هذه‮ المرات‮ الثلاث‮.‬
‬منذ‮ متى،‮ بالضبط،‮ بدأتم‮ تلاحظون‮ انحرافا‮ في‮ عملية‮ سير‮ بنك‮ الخليفة؟‮ وما‮ هي‮ التدابير‮ التي‮ اتخذتموها‮ في‮ الحين؟
لقد فرضت إجراء تفتيش ميداني على البنوك المعتمدة حديثا، لاسيما في السنة الأولى من نشأتها. وعلى هذا الأساس، حررت المفتشية العامة لبنك الجزائر تقريرا أوليا بخصوص بنك الخليفة في جوان 1999. وطبقا لإجراءات التفتيش، بُلغ هذا التقرير الأول إلى بنك الخليفة للتكفل بالملاحظات الواردة فيه. وقد بادرت المفتشية العامة لبنك الجزائر بعملية تفتيش ثان في السداسي الأول من سنة 2000 للتحقق من تكفل بنك الخليفة بالملاحظات المذكورة في التقرير الأول لسنة 1999. هذا التقرير الثاني أظهر خللا في السير العادي للبنك، فقررت استدعاء عبد المؤمن خليفة مصحوبا بالمدير العام لبنكه وأبلغتهما بوجوب التحكم في تسيير بنك بدأ يتوسع بسرعة فائقة. دعوتهما أيضا، إلى تحرير رأس مال البنك بسرعة وبصفة كلية حتى وإن كان القانون التجاري يمنحهما مهلة ثلاث سنوات. كما أعلمتهما أنه لن يسمح لبنك الخليفة بتسجيل وكالات جديدة،‮ ماداما‮ لم‮ يلتزما‮ بمطالب‮ تقرير‮ المفتشية‮.‬ وخلال السداسي الثاني من 2000، أمرت بعمليتين تخص مراقبة بنك الخليفة للتأكد من أن هذا الأخير قد استجاب للملاحظات الواردة في التقارير السابقة والتحذيرات التي وجهتها إليه خلال استدعاء مسؤوليه في جوان 2000. وفي‮ هذه‮ الأثناء،‮ رفض‮ مجلس‮ النقد‮ والقرض‮ في‮ أكتوبر‮ 2000‮ طلب‮ فتح‮ فرع‮ لبنك‮ الخليفة‮ في‮ باريس‮. يجب‮ ذكر‮ برنامج‮ التفتيش‮ الذي‮ تبنته‮ اللجنة‮ البنكية،‮ بحيث‮ سطرت‮ برنامج‮ مراقبة‮ ميدانية‮ وجلسات‮ عمل‮ لدراسة‮ تقارير‮ محافظي‮ الحسابات‮ مع‮ إدراج‮ تنسيق‮ بين‮ الأمينين‮ العامين‮ للجنة‮ البنكية‮ ومجلس‮ النقد‮ والقرض‮.‬ هذا كله يدل على أن وضعية بنك الخليفة كانت تحت المجهر والتدابير القانونية قد اتخذت مع كل الإجراءات التحفظية، والحاصل هو أن الأمور أفلتت من قبضة المراقبة المفروضة والكل يعلم أن وضعية البنك ازدادت سوءا بعد مغادرتي منصب محافظ البنك المركزي.
نفى‮ بعض‮ أعضاء‮ لجنة‮ البنك،‮ وحتى‮ بعض‮ مساعديك‮ السابقين،‮ علمهم‮ بنتائج‮ عمليات‮ التفتيش‮ التي‮ قلتم‮ إنكم‮ أمرتم‮ بها‮ وكذبوا‮ مشاركتهم‮ فيها،‮ فهل‮ لكم‮ أن‮ توضحوا‮ الأمر؟
قبل‮ الإجابة‮ عن‮ هذا‮ السؤال،‮ أغتنم‮ هذه‮ الفرصة‮ لأحيي‮ زملائي‮ السابقين‮ في‮ البنك‮ المركزي‮ وفي‮ اللجنة‮ البنكية‮ مجددا‮ لهم‮ علامات‮ التقدير‮ والمحبة‮. أما‮ الأحداث،‮ فقد‮ جرت‮ كالآتي‮:‬
- من‮ بين‮ عمليات‮ التفتيش‮ العشر‮ التي‮ استهدفت‮ بنك‮ الخليفة،‮ ستة‮ منها‮ أنا‮ الذي‮ أمرت‮ بها‮ والسادسة‮ منها‮ هي‮ التي‮ كانت‮ محل‮ التقرير‮ الذي‮ أرسل،‮ في‮ ديسمبر‮ 2001،‮ إلى‮ وزير‮ المالية‮.‬
- كل تقارير التفتيش وجهتها بأمر من المفتشية العامة لبنك الجزائر إلى اللجنة البنكية، كما تؤكده شهادة المدير العام للتفتيش الذي بعث بالتقارير إلى الأمين العام للجنة البنكية التي استلمت منه فعلا تلك التقارير.
للتذكير، فإن العمل داخل اللجنة البنكية يفرض على الأعضاء الأربعة أن يقوموا لمدة سداسي كامل بدور المنسق حتى يطلع كل واحد منهم على كل مجريات القضايا المطروحة في جدول أعمال اللجنة، بالإضافة إلى هذا، فإن اللجنة البنكية تعمل بمبدأ التراكم، أي أنه لو حصل عدم اطلاع عضو في اللجنة على تقرير ما، فلا بد وأن يجد في التقرير الثاني كل المخالفات المسجلة في التقرير السابق مادام لم يتم تصحيحها، علاوة على هذا، كلفت الأمين العالم للجنة البنكية بتحرير تقرير شامل يلخص فيه كل المخالفات التي تم رصدها بخصوص عشرة بنوك، من بينها بنك الخليفة. وقد عرض هذا التقرير على أعضاء اللجنة البنكية بتاريخ 3 ماي 2001 ترقبا للجلسة المبرمجة ما بين 9 و31 ماي 2001، تلك الجلسة التي أمرت فيها بمبادرة إجراءات انضباطية ضد بنك الخليفة. هذا التقرير المؤرخ في 3 ماي 2001 تحت رقم 69-2001 لماذا لم تشر إليه رئيسة‮ محكمة‮ البليدة؟
ما‮ يلفت‮ الانتباه‮ حقيقة‮ هو‮ أنني‮ أبعدت‮ من‮ منصب‮ محافظ‮ البنك‮ المركزي‮ غداة‮ الشروع‮ في‮ هذه‮ الإجراءات‮ الانضباطية،‮ مما‮ يوضح‮ المسؤوليات‮ بكل‮ بساطة‮.‬
هناك‮ من‮ لامك‮ أيضا،‮ على‮ أنك‮ كنت‮ أكثر‮ تشددا‮ مع‮ "‬يونيون‮ بنك‮"‬،‮ مقارنة‮ ببنك‮ الخليفة،‮ رغم‮ أن‮ كليهما‮ يمثل‮ القطاع‮ الخاص،‮ فهل‮ لهذا‮ القول‮ أساس‮ من‮ الصحة؟
لقد عوقب البنك التجاري والصناعي الجزائري، وهو خاص، فهل كنا أكثر تشددا معه؟ "مونا بنك" تم اعتماده في الفترة نفسها التي اعتُمد فيها بنك الخليفة وقد تم تفتيشها مرات قليلة ولم نسجل فيها مخالفات، فهل كنا أقل تشددا حيال "مونا بنك"؟ فالخاصية التي تمتع بها "يونيون بنك" هي أنه كان أول بنك خاص وبنك الجزائر اتخذ حياله نوع العقوبة الذي يتبعه مع البنوك العمومية، وهو إجراء تحفظي عن طريقة العقوبة بقرار إداري. "يونيون بنك"، خلافا للبنوك الخاصة، رفع طعنا لدى مجلس الدولة الذي ألغى العقوبة. هل هذا‮ يعني‮ أن‮ مجلس‮ الدولة‮ منحاز؟‮ الواقع‮ أن‮ في‮ ذلك‮ الظرف‮ كان‮ القانون‮ لا‮ يسمح‮ للبنك‮ المركزي‮ بتسليط‮ عقوبة‮ أخرى‮ غير‮ تلك‮ التي‮ ينص‮ عليها‮ قانون‮ النقد‮ والقرض‮ والتي‮ تمر‮ حتما‮ عبر‮ الإجراء‮ الانضباطي‮.‬
كيف‮ كانت‮ وضعية‮ بنك‮ الخليفة‮ عند‮ مغادرتكم‮ بنك‮ الجزائر؟‮
لم تكن وضعية بنك الخليفة بالخطيرة آنذاك، فلا يجب أن نخطئ، فنقرأ وقائع مسجلة في 2000 بمعطيات 2007. هناك أشياء لم تكن ملحوظة آنذاك ولم تظهر إلا فيما بعد. يجب التذكير بأنه حتى وإن بدأ هذا البنك في التوسع بنوع من السرعة، إلا أن الوضعية في جوان 2001 لم تمثل سوى‮ ثلث‮ ما‮ وصل‮ إليه‮ نهاية‮ 2002،‮ عشية‮ تصفيته‮.‬ قد أشرت سابقا إلى الإجراءات التي اتخذتها بمعية مجلس النقد والقرض واللجنة البنكية وكانت هذه الإجراءات، في الحقيقة، تبدو لنا عادية لأن الأمور الاستثنائية التي كان من شأنها أن تلفت الانتباه مباشرة قد حدثت بعد مغادرتي البنك المركزي.
عندما كنتم وزيرا منتدبا مكلفا بالهيكلة المالية، كانت لكم وصاية على الخزينة العمومية، فهل يعقل ألا تخضع حركة الأموال الخاصة بإيداعات الهيئات العمومية وصندوق الضمان الاجتماعي في بنك الخليفة لحذر الإدارة المالية؟
عندما‮ كنت‮ وزيرا‮ منتدبا،‮ كريم‮ جودي‮ هو‮ من‮ كان‮ مديرا‮ عاما‮ للخزينة‮ ولن‮ أضيف‮ شيئا‮ على‮ التوضيحات‮ التي‮ ذكرها‮ هو‮ شخصيا‮ عندما‮ أجاب‮ عن‮ أسئلة‮ المحكمة‮.‬
وهل‮ كان‮ لكم،‮ بصفتكم‮ وزيرا،‮ أن‮ عالجتم‮ بطريقة‮ أو‮ بأخرى‮ شؤونا‮ تتعلق‮ ببنك‮ الخليفة؟
بصفتي وزيرا مكلفا بالهيكلة المالية حدث أن اتخذت موقفا من مسائل تخص بنك الخليفة. المناسبة الأولى كانت عشية زيارة وفد اقتصادي جزائري إلى فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية عقب زيارة الرئيس بوتفليقة لذلك البلد في جويلية 2001، انعقد مجلس وزاري مشترك في 10 سبتمبر 2001 للنظر في التحضيرات المتعلقة بتلك الزيارة وكانت وزارة التجارة هي المشرفة عليها. وقد فوجئت وأنا أسمع وزير التجارة، السيد تمّار آنذاك، يخبر المجلس أن شركة خليفة للطيران هي من ستتولى الجانب اللوجستي للزيارة وأن بنك الخليفة هو وحده الذي سيمثل قطاع البنوك ضمن الوفد. وقد أعربت عن استيائي آنذاك بصراحة، معللا أن وفدا رسميا عليه أن يلجأ إلى الشركة الوطنية للخطوط الجوية الجزائرية، كما اقترحت بأن ينضم إلى الوفد بنك عمومي وقد وقع الاختيار على القرض الشعبي الجزائري. وفي مارس 2002، عرض الديوان الوطني لتسويق الخمور على المجمع المكلف بتسيير مساهمات الدولة (الذي يتكون من ممثلين عن رئيس الحكومة، وزير المساهمات والوزير المنتدب للخزينة) مشروع إنشاء شركة مختلطة لاستغلال الكروم في معسكر. وكان أصحاب الأسهم المفترضين شركة فرنسية لزراعة الكروم، الممثل جيرار دوبارديو G. Depardieu، الديوان الوطني لتسويق الخمور ومجمع الخليفة. وقد طلبتُ من ممثل وزارتي أن يشترط تقديم القانون الأساسي لكل من الشركة الفرنسية ومجمع الخليفة. وبما أن هذه المجمع كان اسما فقط دون وجود قانوني، توقف المشروع برغم‮ الأهمية‮ التي‮ أولتها‮ له‮ وزارة‮ المساهمات‮.‬ أضيف، للإعلام، وقد فاجأني الخبر أنه تقرر أثناء السداسي الثاني من 2002 مشروع تحويل 70 % من أسهم رأسمال الخطوط الجوية الجزائرية لفائدة شركة طيران الخليفة، ذلك المشروع الذي أعده السيد تمار بصفته وزيرا للمساهمات، والحمد لله أن المشروع لم ير النور.
صحيح‮ أنكم‮ أعربتم،‮ في‮ 1998،‮ عن‮ عدم‮ رغبتكم‮ في‮ تجديد‮ عهدتكم‮ على‮ رأس‮ بنك‮ الجزائر؟‮ في‮ أي‮ ظروف‮ كان،‮ إذاً،‮ هذا‮ التجديد؟
أوكلت لي مهام بنك الجزائر في جويلية 1992 في فترة كانت فيها الجزائر على حافة اختناق مالي. فكانت قيمة الاحتياطات الرسمية للبلاد حوالي 1.5 مليار دولار، في حين كانت خدمة الدين السنوية تُقدر ب 9 مليار دولار. ومنذ 1992 وإلى غاية 1998 استطعت، لصالح الحكومات المتعاقبة،‮ إجراء‮ مفاوضات‮ للحصول‮ على‮ أربع‮ سنوات‮ من‮ البرامج‮ مع‮ صندوق‮ النقد‮ الدولي‮ ولإعادة‮ تقسيط‮ 15‮ مليار‮ دولار‮ من‮ الديون‮ الخارجية،‮ أي‮ ما‮ يعادل‮ نصف‮ مديونيتنا‮ الخارجية‮.‬ وفي 1998 وصلت الاحتياطي إلى 7 مليار دولار وخدمة الدين إلى 5 مليار دولار، كما استقرت نسبة الصرف وبدأ التضخيم ونسبة الفوائد في الانخفاض والنمو الاقتصادي في الانتعاش مع أن سعر البترول لم يتجاوز آنذاك 19 دولارا على أكثر تقدير. وعند انتهاء عهدتي في جويلية 1998، اعتبرت مهمتي مكتملة، فأبلغت الرئاسة برغبتي في التحول إلى قطاع آخر وسلمت الملفات الحساسة إلى النائب الأول للمحافظ المخول قانونيا التكفل بالأمور الجارية. وكنت على علم أن رئيس الحكومة آنذاك قد عرض أسماء أخرى لخلافتي، لم تشمل اسمي طبعا. عشية انتهاء مهامي، أخبرت بقرار بتجديد عهدتي. لم أُبد أي تردد، لأنني كنت معجبا، حقا، بشجاعة الرئيس اليمين زروال وإخلاصه للأمة، وقد قدرت كثيرا العمل تحت سلطته المسؤولة والواثقة أثناء ترأسي للبنك المركزي.
لقد‮ كانت‮ لكم‮ مواقف‮ متحفظة‮ من‮ إصلاح‮ قانون‮ المجمعات‮ (‬holdings‮) من‮ مراجعة‮ قانون‮ النقد‮ والقرض،‮ وكذا‮ من‮ عملية‮ خوصصة‮ مركب‮ الصناعة‮ بعنابة،‮ فهل‮ تسبب‮ لكم‮ ذلك‮ في‮ عداءات‮ داخل‮ الأوساط‮ النافذة‮ في‮ البلاد؟
عندما اختار الرئيس بوتفليقة في 1999 الطاقم الاقتصادي الجديد الذي كان ينوي الاستناد إليه والذي كان يشمل كلا من السادة تمار، خليل وبن اشنهو، سخرت خبرتي الشخصية لهؤلاء المسؤولين الجدد الذين كانوا في حاجة ماسة إليها، باعتبار أن أغلبيتهم، تقريبا، قضوا حياتهم العملية‮ كلها‮ في‮ الخارج‮. وكما‮ كنت‮ أفعل‮ مع‮ الحكومات‮ المتعاقبة‮ التي‮ تعاملت‮ معها،‮ فقد‮ كنت‮ أعبر‮ صراحة‮ عن‮ أرائي‮ وأبدي‮ اعتراضاتي،‮ لكن‮ لا‮ يكون‮ ذلك‮ إلا‮ في‮ جلسات‮ العمل‮ وفي‮ إطار‮ رسمي‮.‬ في ما يخص إصلاح المجمعات العمومية، صرحت، شفويا وكتابيا، باعتراضي على المشروع، معتبرا أن العملية ستتسبب في ضياع وقت كنا في أمس الحاجة إليه وكنت، شخصيا، أرى أن أحسن سبيل هو ترك المجال للتجربة السابقة كي تثمر نتائجها، حتى وإن بقيت النصوص دائما ناقصة. إلا أنني سرعان ما أدركت بداية محاولة النيل من حرية تفكيري ومن استقلالية البنك المركزي. وفي جويلية 1999، عبر الرئيس بوتفليقة، في حوار خص به "فينانشال تايمز" نقلته جريدة المجاهد، عن معارضته لمفهوم العهدة التي يمنحها القانون للمحافظ، وهي عهدة تتضمنها كل التشريعات عبر العالم المتطور باعتبارها حصانة تضمن استقلالية البنوك المركزية. اندهشت للأهمية التي منحت آنذاك لهذه المسألة. وفي الحقيقة، ما كان علي أن أندهش، حيث كنت أعرف المستشارين الذين غذوا هذه الحساسية، وأنا مقتنع تماما بأنهم هم أنفسهم من خططوا ونظموا لاستهدافي عندما‮ اندلعت‮ قضية‮ الخليفة‮.‬ ولما كان مفهوم العهدة مرفوضا علنا ومرارا من طرف الطاقم الاقتصادي المحيط برئيس الجمهورية، فإني أبلغت هذا الأخير، بتاريخ 26 أوت 2000 برغبتي في الاستقالة، إلا أن هذه الاستقالة رفضت ولم أكشف عنها قبل اليوم. نعم، كانت لي تحفظات بالنسبة لخوصصة المركب الصناعي لعنابة وكذلك قانون المحروقات. في ما يخص خوصصة مركب عنابة لفائدة المستثمر الهندي ISPAT، حرصت على أن تحتفظ الشركة الوطنية ب 30 % من الرأسمال عوض 20 %. وكنت على خلاف في الموضوع مع موقف وزير المساهمات. في ما يخص قانون المحروقات، وبقطع النظر عن جوهر المشروع الذي لم أوافق عليه، فلقد كان يتضمن تدبيرا خطيرا جدا يقضي بعدم اشتراط عودة عائدات صادرات المحروقات إلى الوطن، إن يقظة بعض المسؤولين والموظفين هي التي فرضت سحب هذا التدبير. تسألونني إن كانت لدي عداءات داخل الأوساط النافذة في الحكم، ما عليكم إلا مطالعة الجرائد لتجدوا تصريحات المسؤولين الذين يتهمونني صراحة، ودون أي إثبات، على سبيل المثال نعم السيد عبد اللطيف بن أشنهو لم يمتنع من أن يتهمني علنا بالتواطؤ مع بنك الخليفة، فيحل محل القاضي‮ دون‮ أي‮ حرج‮.‬
كيف‮ تفسرون‮ اتهامكم‮ في‮ قضية‮ بنك‮ الخليفة؟‮ هل‮ تظنون‮ أنكم‮ ضحية‮ مؤامرة‮ أم‮ ضحية‮ خلل‮ العدالة؟
في الحقيقة الغرض من هذه العملية متعدد، من جهة، اتهام مسؤول سابق لاستعماله ككبش فداء قصد محاولة للتستر عن المتسببين الحقيقيين في القضية. ومن جهة أخرى، معاقبة عائلة كيرامان التي لم تظهر للسلطة الولاء الذي تحب. الكل‮ يعلم‮ أنني‮ كنت‮ ضمن‮ فريق‮ الخبراء‮ الذين‮ ساعدوا‮ السيد‮ علي‮ بن‮ فليس‮ على‮ تحرير‮ مشروع‮ برنامجه‮ بصفته‮ مترشحا‮ في‮ الانتخابات‮ الرئاسية‮ الأخيرة‮. لعل‮ ذلك‮ أحرج‮ من‮ أحرج‮ وها‮ أنذا‮ أدفع‮ الثمن‮. بودي أن أعود إلى سؤالكم الأول حول المنفى، لعله في قدرة حكام اليوم أن يصدروا أحكامهم في حق عائلة كيرامان، رغم فراغ الملفات. لكن هل في قدرتهم أن يمحوا سجل خدمات العائلة في سبيل الوطن العزيز ؟ وإن استطاعوا تزييف المحاكمة، فهل بإمكانهم أن يزيفوا التاريخ؟
هل‮ تعتبرون‮ جميع‮ القضاة‮ الجزائريين‮ فاسدين؟
كلا! نكنّ كل الاحترام والتقدير لأسرة القضاء ولنا من بينهم أصدقاء أعزاء ما فتئوا يعربون لنا عن مؤازرتهم، بل وعن سخطهم لما آلت إليه حال العدالة في بلادنا. سيكون من الجحود ألا نعترف بحسن معاملة قاضي التحقيق لنا بمحكمة الشراقة ولطفه والاحترام الذي أبداه حيالنا، وقد أشارت هيئة الدفاع أنه رفض الخوض في التحقيق مع إجراء مواجهات بين المتهمين على وجه الخصوص ولعله لم يكن مقتنعا بدوره حتى وإن كان هو الذي أمضى قرار الإحالة، لا شك بإيعاز من الوصاية.
حاوره‮: أ.أسامة
ترجمة: إيمان بن محمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.