تمر مختلف مناطق الوطن منذ أيام بأجواء حارة غير عادية سحبت البساط عن فصل الربيع الذي يبدو أنه سيغادر قبل موعده للإعلان عن فصل الصيف الذي قلص فترة سابقه محولا الأجواء إلى تلك المسجلة شهري جويلية وأوت أيام الذروة لاسيما وأن درجات الحرارة المسجلة اليوم فاقت معدلها الفصلي بكثير بعدما ارتفعت عن 40 درجة مئوية أرجعتها مصالح الأرصاد الجوية إلى تمركز ضغط جوي مرتفع تزامن وصعود تيارات جنوبية لتعيد للأذهان تزامنها وفترات الزلازل التي ينفيها المختصون على اعتبار أن تحرك الأرض لا علاقة له بالتغييرات المناخية. الأجواء المناخية "غير العادية" التي تجتاح الوطن هذه الأيام ستستمر إلى غاية اليوم، حيث يسجل تشكيل رعود منعزلة بالمرتفعات العليا انطلاقا من بعد الزوال إلى غاية السهرة على أن تشهد الأجواء تغييرات انطلاقا من غد الثلاثاء بانخفاض تدريجي لدرجات الحرارة تتراوح ما بين 22 إلى 25 درجة مئوية بالمدن الساحلية وما بين 27 إلى 32 درجة بالمناطق الداخلية، باستثناء المناطق الشرقية حيث تبقى الأجواء بها حارة ومغشاة لاسيما على المدن الداخلية والأوراس، أين تفوق درجات الحرارة 37 درجة يوم الثلاثاء بكل من تبسة ڤالمة وسوق اهراس، كما تبقى أجواء حارة بالجنوب تتراوح الحرارة بها ما بين 32 و40 درجة تصل الذروة ب44 درجة بكل من وسط الصحراء وأقصى الجنوب. في السياق، نفى عبد الكريم يلس مدير مركز البحوث في علم الزلازل، الفلك والجيوفيزياء بأن تكون للحرارة التي تشهدها الجزائر هذه الأيام علاقة بالزلازل، معتبرا الأمر بغير العلمي والمنطقي، كون كل ما هو بباطن الأرض لا علاقة له بالمحيط الخارجي، وما يحدث من تغييرات في الطقس يعود لمرتفع جوي رافقه صعود هواء ساخن من الجنوب. وتؤكد دراسة أمريكية جديدة نشرتها مجلة Nature Climate Change ، بأن الأرض على أعتاب مرحلة جديدة من حيث معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية والذي قد يصل إلى مستوى لم يشهده العالم طيلة السنوات الألف الماضية. الدراسة التي قام بها علماء من المختبر الوطني الأمريكي للطاقة، وجدوا أنه بحلول عام 2020، فإن معدل ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم يمكن أن يعبر حاجز ال 0.45 درجة خلال عقد واحد، متفوقا بذلك على الارتفاعات التاريخية للسنوات الألف الماضية. وعلاوة على ذلك، فإذا ظل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري على وضعه الحالي، فإن معدل "الاحترار" العالمي قد يصل إلى 0.7 درجة خلال عقد واحد.
غرقوا في المستنقعات والبرك المائية والوديان الحرارة "تقتل" 6 أشخاص خلال 72 ساعة كشف عمر برناوي المكلف بالإعلام على مستوى الحماية المدنية أن مصالحهم سجلت خلال 72 ساعة الأخيرة 6 وفيات غرقا في المستنقعات والبرك المائية والمجمعات المائية، التي قال إنها تحصد أكبر نسبة من الغرقى مقارنة بالشواطئ، حيث لقي شخصان يبلغان من العمر 13 و22 سنة حتفيهما غرقا بحوض مائي بالمنطقة المسماة واحة النخيل ببلدية التويت ولاية النعامة. كما غرق شخص آخر يبلغ من العمر 24 سنة في حوض مائي ببلدية الرغادة بسطيف، وشخصين ابتلعتهما مياه المستنقعات والبرك، كانا طفلة عمرها خمس سنوات في بركة مائية بولاية المدية وطفل آخر يبلغ من العمر تسع سنوات في سد مائي بولاية بجاية. وأكد برناوي قيام مصالحهم بحملة خلال هذه الفترة لتحسيس وتوعية المواطنين وخاصة الأولياء، الذين أعاب عليهم السماح لأطفالهم بالسباحة في البرك المائية والمستنقعات والسدود، التي قال إنها بالإضافة إلى تلوثها وتضررها من الأوحال والشوائب توجد بأماكن معزولة يصعب على من يتعرض فيها لخطر الغرق التبليغ، حيث يتجاوز مدة الساعة للإبلاغ عن الحادثة، مضيفا أن فئة الأطفال تمثل النسبة الأكبر من عدد الوفيات غرقا، وأضاف المصدر ذاته أنه سيتم إطلاق حملة ثانية لنفس الهدف في النصف الثاني من شهر ماي، مؤكدا أن مصالحهم دخلت في حالة استنفار هذه الأيام موازاة مع الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة.
تلاميذ وجامعيون ضمن أوائل المتوافدين على الشواطئ افتتاح موسم الاصطياف في وهران قبل الأوان دفعت الحرارة الشديدة التي عرفتها وهران خلال اليومين الأخيرين، مراهقين وشباب وحتى عائلات إلى حمل عُدة العوم، والتوجه رأسا نحو الشواطئ، بحثا عن الأجواء الملطفة والمنعشة، وقد سجل أمس تحديدا توافد أطفال في سن التمدرس على شواطئ الجهة الشرقية لوهران، مستغلين أوقات الفراغ التي تميز مؤخرا استعمالات الزمن الدراسي بالنسبة لأقسام غير معنية بالامتحانات النهائية. على غير العادة، فقد غصت أمس، وأيضا خلال نهاية الأسبوع الماضي، معظم شواطئ وهران بقوافل من المصطافين، منهم من جاءها رغبة في الاستمتاع باستغلال دراجاتهم المائية لأطول مدة ممكنة، لاعتقادهم أن الفترة الحالية يقل فيها ارتياد السواحل بقصد السباحة من قبل المصطافين، إلى جانب أن الافتتاح الرسمي لموسم الاصطياف لم يتم الإعلان الرسمي عنه، وهو ما يعني بالنسبة إليهم أيضا أن إجراءات الحراسة لم يحن موعد دخولها حيز التنفيذ، فيما كان الغرض من توجه آخرين للبحر، السباحة، والفرار من حرارة الجو الأخيرة التي قاربت درجاتها مقياس فصل الصيف.. ويبقى اللافت للانتباه، حسبما وقفت عليه الشروق استغلال طلبة جامعيين وأيضا تلاميذ مدارس فرصة عدم الدراسة ليوم الأحد الماضي لأسباب مختلفة، ليقرروا التوجه إلى الشواطئ، كما يسجل أن محلات بيع لوازم الاصطياف الكائنة بالقرب من مساحات شاطئية بناحية شرق وهران، قد حفزتها الحرارة الشديدة التي عرفتها خلال الفترة الأخيرة على العودة إلى نشاطها الموسمي، والشروع في عرض سلعها.
رغم تزامنها مع أيام العمل والدراسة شواطئ العاصمة تستقبل الهاربين من الحرارة عرفت أمس، شواطئ الساحل الجزائري إقبالا ملحوظا لبعض العائلات التي أعلنت بذلك بداية موسم الاصطياف قبل أوانه، ورغم أن الأحد يوم عمل ودراسة، إلا أن ذلك لم يمنع الكثير من الجزائريين التوافد على الشواطئ في ظل الارتفاع المفاجئ لدرجات الحرارة مع بداية ماي والتي بلغت 31 درجة مئوية. في جولة استطلاعية قادت "الشروق" إلى بعض شواطئ الساحل الغربي للعاصمة، رصدنا التهافت الملحوظ لفئة الشباب والذين نصبوا المظلات الشمسية ورموا بأجسادهم وسط مياه البحر هروبا من الحرارة غير موسمية. وقد فضلت العائلات التي هربت للبحر أمس من الحرارة المرتفعة، اللجوء لبعض الشواطئ الآمنة والمحروسة، كشاطئ سيدي فرج، وشاطئي الرمال الذهبية ومازفران بزرالدة، وشاطئ الصابلات بحسين داي، وهذا حسب الكثير ممن تحدثنا إليهم، تخوفا من أي اعتداء أو إزعاجات غير مرتقبة لقلة المصطافين، ولأنهم كانوا على علم أن وجودهم على شواطئ البحر ليس في وقته وأن الحالة طارئة. سجلت حالة التوافد على البحر حالة استثنائية وسابقة لأوانها، ولكن حسب بعض أعوان الأمن في المركب السياحي مازافران بزرالدة، حسب لها منذ أسبوع حيث هيئ الشاطئ لاستقبال المصطافين. وتقربت "الشروق"، من أربع نسوة من عائلة واحدة كن مبللات رفقة أطفال دون سن التمدرس حيث خرجن للتو من البحر، لتناول وجبة الفطور، حيث أكدن عدم شعورهن بالبرد. وفي هذا الإطار أكد رئيس بلدية حسين داي، محمد سدراتي في اتصال مع "الشروق"، أن شاطئ الصابلات مهيأ منذ الآن لاستقبال المصطافين، حيث تكلفت مؤسسة خاصة تدعى "اوبلا" بتوفير كل متطلبات المتوافدين عليه. كما حذر رئيس عمادة الأطباء، محمد بركاني بقات، بصفته مختصة في الأمراض التنفسية، من السباحة مع بداية ماي، لأن درجات الحرارة تنخفض مع المساء مما قد يسبب الإصابة بالزكام.
ولاية أكبر سدّ في الجزائر لا تمتلك مسبحا صغيرا نافورات "عاصمة الثقافة" تتحوّل إلى مسابح عمومية افتتحت ولاية سطيف، زوال أول أمس عدّاد مآسي الموت غرقا، في التجمعات المائية، وكان الضحية شاب في الثالثة والعشرين من العمر سافر من بلدية اولاد صابر حيث يقطن رفقة صديقين له، لأجل السباحة في تجمع مائي بمنطقة الرقادة، ولكن الطمي الموجود في المجمع المائي، والذي تكدّس منذ ربع قرن ابتلعه، وبرغم محاولة صديقيه ومجموعة من الشباب كانوا أيضا يمارسون السباحة في هذا المكان الخطير إلا أن الشاب لفظ أنفاسه. والغريب أن سطيف تعد سنويا أكثر من عشر قتلى في السدود والبرك في فصل الصيف ولا توجد حواجز أو حراس يمنعون الكارثة، في ولاية بها مسبحان أولمبيان في العلمة وعاصمة الولاية، أما في قسنطينة فقد تحولت النافورات التي أنجزت وتلك المُرمّمة التي أبانت وجها ساحرا للمدينة بعد افتتاح تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، إلى فضيحة حقيقية، بعد أن تحوّلت كلها إلى مسابح تقدم صورة سيئة للجزائر أمام أنظار زائريها، خاصة النافورة الموجودة في حي زواغي القريب من مطار قسنطينة الدولي، وتلك الموجودة في حي الدقسي قبالة مقر الولاية. .. وحتى النافورة الموجودة في قلب المدينة قرب المكان الذي ثبت فيه تمثال الشيخ بن باديس صارت مكانا لتبريد الأجساد وأيضا لالتقاط الصور داخلها، بعد أن أزيح تمثال بن باديس عن مكانه، مع الإشارة إلى أن ولاية قسنطينة، التي قارب تعداد سكانها المليون وربع مليون نسمة، لا تمتلك مسبحا واحدا سواء أولمبيا أو صغيرا، منذ أن أضاع المسبح الطبيعي الشهير سيدي مسيد ماءه، وفشل مشروع مسبح أولمبي جديد، اتضح أن به خطأ هندسيا جسيمت، أما في ولاية ميلة التي تمتلك أكبر سد يضم حاليا مليار متر مكعب من الماء وهو سد بني هارون، فمازال أبناؤها يسبحون على حافة السد وفي البرك ويموت سنويا قرابة العشرين فردا، في غياب مسبح أو حوض صغير.