من حقّ، بل من واجب، كلّ أستاذ وإطار ومسؤول نزيه وشريف، أن يشرع في شنق نفسه بشلاغم آخر عفيف وكفء، وهو يسمع ويرى أن أساتذة وعمداء جامعات، تورطوا أو تواطؤوا في تنفيذ "سرقات" علمية وأدبية.. فروحي يا جزائر.. روحي بالسلامة! ماذا بوسعنا أن ننتظر في ظلّ هذا الرقم الموجع والمخيف والخطير؟.. عمليات السرقة والسطو والنصب والاحتيال، تجتاح أيضا العقول والأفكار والمسابقات والأبحاث العلمية والأكاديمية، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.. اللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منّا وبنا. سمعنا كثيرا وتألمنا مع المتألّمين، لتلك "الشهادات الشرفية والفخرية"، التي فرّخت دكاترة وفلاسفة ومنظرين، لم تجن من عندهم الجزائر سوى غلّة الفشل والعجز و"الهفّ" والإفلاس! الاحتجاجات التي تجتاح منذ مدة بعض الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس العليا، بسبب "السرقات العلمية"، تكشف المستور وتدقّ ناقوس الخطر، وتنذر بما هو قادم من تداعيات ستكون وخيمة وبآثار مدوية وفضائحية مستقبلا! تصوّروا يا جماعة الخير، ما الذي يُمكن أن يُفيدنا به أستاذ مزيف، أو باحث مزوّر، أو دكتور افتراضي، سوى الضحالة والبؤس والقحط.. ولو أن المصيبة توقفت عنده فقط، وكانت فعلا فرديا ومعزولا، لكانت بأقلّ الأضرار، لكن الطامة الكبرى أن أعراض الوباء انتشرت وزحفت! لم تعد فضائح "الفساد" والنهب والسرقة مختزلة في قضايا الخليفة والطريق السيار وسوناطراك، وغيرها من الملفات التي "أفرغت" الخزينة العمومية وضربت سمعة الدولة وأسالت لعاب الأجانب، وإنّما المهازل بدأت تنكشف في مواقع من المفروض أنها قلاع آمنة ومحصّنة! عندما تتعرّض الجامعة والمدرسة لرياح "الأفسدة"، فمن الطبيعي أن "يُفسد" أو "يفسد" المجتمع، بعد استهداف شرائحه، بالتدريج والتقسيط، وعلى مراحل مختلفة ومتباينة في المكان والزمان! إن الإطار الذي يُوظف بشهادة وهمية، والباحث الذي يُكرّم على بحث مسروق، ورجل الأعمال الذي يُسمّن ثورته بالصفقات المشبوهة، والوزير والمدير والمير الذي يغرف و"يعلف".. هذه المشاهد المأساوية لا يُمكنها أبدا أن تنتهي بخير، مثلما لن تخدم لا البلاد والعباد! للأسف، وإنه لمن العيب والعار، أن يصل الأمر إلى هذا الحدّ من منطق "اسرق حتى تغرق"، من طرف "سرّاقين" في السياسة والتجارة والاستثمار والمجالس المنتخبة والجامعات والشركات الكبرى.. أفلا تاب وتوقف هؤلاء وأولئك و"خافوا ربّي"؟