إني في حزن شديد، لا يعلم به إلا رب الخلائق.. كيف لا والجزائر تهوي في واد لا قرار له... وما زاد الطين بلة، أن الجميع يكيد لها، حتى أهلها يكيدون لها.. فلقد استشرى الفساد في جميع القطاعات دون استثناء.. في التربية والتعليم، في الأسرة والثقافة، في العمل والتوظيف، في البناء والتعمير والأملاك العمومية. الأستاذ جمال.. ألا يوجد من ينهى عن المنكر ويصلح ما أفسده المفسدون عمدا بالفعل قبل القول!!! لأن القول والهدرة "بلاش".. لقد كان في ثمود قوم صالح عليه الصلاة والسلام، تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون وكانوا منيعين في قومهم لا يصلهم إليهم أحد مهما فعل.. أيعقل أن يكون كل قومنا يفسدون في الأرض ولا يصلحون!!! أرجو أن أجد عندك إجابة تشفي غليل الألم على هذا البلد الذي لا نظير له في العالمين... مع فائق تمنياتي بالشكر والعرفان... مواطن مخلص ..أنت فعلا مواطن ومخلص، لقد صدقتك القول، بأن الفساد عمّ واستشرى، ويكاد يتحوّل والعياذ بالله، إلى مهنة للبيع والشراء، لكن رغم هذه المصيبة، يجب علينا ألا نستقيل معنويا ونفسيا ونرمي المنشفة! المطلوب ثورة في الذهنيات والعقليات الفاسدة، فهذا سبب رئيسي في انتشار الفساد والمفسدين، فكل فاسد يردّد: "أنا مفسد إذن أنا موجود"، وهذه النظرية الإجرامية والمرضية، صنعها واقع مرّ ومؤلم! المصيبة يا مواطن، أن المجتمع أنتج "مفسدين" عن طريق الرعاية والتشجيع والاحترام، فكم من سارق ومفسد يتعامل معه الأصدقاء والجيران وأبناء العمومة- إلا من رحم ربّي- على أنه "شاطر" وبطل ونجم يستحق كلّ العرفان والتقدير! الطامة الكبرى، أيها المخلص، أن الذي لا يمارس الفساد، أصبح في نظر هؤلاء "جايح" و"ما يعرفش صوالحو"، خاصة إذا كان في منصب معين، أو رزقه الله بمسؤولية أو حقيبة أو مال! إبرام الصفقات المشبوهة والرشوة والنصب والاحتيال والخداع، هو في نظر مرضى النفوس والطمّاعين والفاشلين والمحتالين، إبداع واختراع ومعجزة يُعطيها الله لمن شاء (..)، ولذلك يردّدون: "اللهم لا حسد"! هذه هي النتيجة المرّة لمنطق و"في الفساد عاند ولا تحسد"، فقد غزا الفساد العقول والقلوب والجيوب، من باب "إذا عمّت خفت"، لكن المصيبة عمّت ولم تخفّ، مقابل خزينة تجفّ ومفسدين يتعاطون الهفّ ويضربون الشعب بالكفّ.. فيا أيها المواطن قف!