صورية ترفع هامة الجزائر والعرب في بكين لم يدم انتظار الجزائريين طويلا ليشاهدوا اسم البلد مدونا في لائحة البلدان المتوجة، حيث كان اليوم الثالث من ألعاب بكين شاهدا ومشهودا على ما قطعته المصارعة الجزائرية صورية حداد على نفسها، وتوجت الجيدو الجزائرية بأول ميدالية أولمبية في هذه الالعاب. * لم يكن يهم لون الميدالية، بقدر ما كان التتويج في حد ذاته، خاصة بعد خيبة ألعاب اثينا التي لم تجن منها الجزائر لا ذهبا ولا فضة ولا برونزا ولا غير ذلك سوى النكسات. * ومثلما كان متوقعا صعدت ابنة القصر إلى أعلى الهرم، وأعادت إلى الاذهان مشهد بطولة العالم بالقاهرة حينما عادت بالبرونز فكانت أول ميدالية للجيدو النسوي الجزائري في المحفل العالمي. * وتعد ميدالية صورية حداد (24 عاما) أول ميدالية للجزائر والعرب في أولمبياد بكين أحدثت القطيعة مع النتائج السلبية لبعض الرياضيين، ونصبت الجيدو كأحد قلاع الرياضة الجزائرية في السنوات الأخيرة. * * ابنة مدينة القصر صورية..عشقت التحدي فصنعت المعجزات * أن يتزاوج الجنس الناعم مع صلابة رياضة قتالية فإن ذلك يراه بعض الناس نادر الحدوث، لكن مع المصارعة الجزائرية صورية حداد.. هو الأمر الواقع. * ابنة مدينة القصر ببجاية ومن أسرة متواضعة، هو اختصار لإحدى "فحلات" الجزائر. بدأت ممارسة رياضة الجيدو وهي في العاشرة من عمرها ليزداد عودها اشتعالا مع مر السنون. * تقول صورية عن بداياتها مع الجيدو في حديثها للشروق بأنها مجرد هواية عشقتها مع الطفولة، كانت مجرد هواية تستمتع بها فأصبحت رياضية نخبة. * لم تكفها تتويجاتها المحلية فبسطت سيطرتها عربيا وبعدها متوسطيا ثم إفريقيا، ليأتي الحلم العالمي، هي تلك البنت التي تفتخر بها بجاية وكل الجزائر وصاحبة أفضل إنجاز للجيدو النسوي الجزائري. * كانت ابنة القبائل ترغب في مواصلة الدراسة.. وحاولت جاهدة لدخول معهد الرياضة لكن لم تتح لها الفرصة. * صعدت قمة المجد، وهي في 21 من عمرها بالقاهرة حينما حلت ثالثة في بطولة العالم لوزن 48 كغ، لكنها بعد سنتين فقدت اللقب بعد تحولها الى وزن 52 كغ، تحول دفع بالاتحادية لتضحي بصاحبة هذا الاختصاص سليمة سواكري، لكن ذلك لم يكن عبثا فأمس السواكري كانت خامسة أولمبيا واليوم الجزائر تملك بطلة ثالثة في الاولمبياد. * قبل عام فقط أعلنت صورية وضع حد لمشوارها الرياضي لأنها لم تجد الرعاية من وزارة الشباب والرياضة لكن السلطات تداركت الامر قبل فوات الاوان لتعود صورية الى الساحة الرياضية بعد ان أوشك حلمها كبطلة أولمبية يغتال في المهد. * الخجل الذي يسيطر على محياها وقصر القامة يتحولان الى نقطة قوة على البساط، والطموح لديها ليس له حدود فبين الامس واليوم صورية بلغت الافاق وتسعى لأن تكون بطلة اولمبية في لندن 2012 . * * صورية حداد للشروق: "صورة الجزائر لم تفارقني منذ البداية وأهدي الميدالية لكل أبناء بلدي" * * مباشرة بعد تسلمها الميدالية الذهبية توجهت البطلة صورية حداد تجاه موفد الشروق وأدلت بالتصريحات التالية. * * - كيف هو شعورك بهذا التتويج؟ * الفرحة التي تغمرني لم تسعن، انه أسعد أيامي، لقد عشت وضعا عصيبا قبيل انطلاق الدورة وأثناءها، كنت أشعر بأني سأصل إلى أعلى السلم لكن بقيت مترددة، والآن أنا أعيش أسعد اللحظات. * * - ما الأمر الذي كنت تفكرين فيه؟ * كانت بمخيلتي كثير من الصور والامور، لكن الصورة التي كانت لا تفارقني هي الشعب الجزائري الذي يتابعني وينتظر مني ميدالية، وصورة كل أفراد عائلتي، ولذلك فإني اهدي هذه الميدالية لكل جزائري أينما كان. * * - كنت أقرب للوصول إلى النهائي لولا خسارتك أمام المنافسة الصينية. كيف حصل ذلك؟ * لا أدري بالضبط ما الذي حدث بالضبط، مباراة نصف النهائي كانت صعبة للغاية، خاصة واني اعرف هذه المنافسة وسبق لي وان واجهتها، في الحقيقة من الصعب ان تتفوق على المنافس وهو يلعب وسط جماهيره. * * - راضية بالميدالية البرونزية؟ * بالطبع إنها الميدالية الاولمبية الأولى لي وللجزائر وهذا رائع وهي الاولى للجيدو النسوي الافريقي، أرجو ان لا تنتهي الامور عند هذا الحد. * * - وفيما تفكرين في المستقبل؟ * الآن سيصبح هدفي التتويج بميدالية ذهبية أولمبية، أمامي كثير من المواعيد وصورية حداد لن تنتهي هنا، سأعمل بجد وسأفرح الشعب الجزائري في كل مناسبة. * * 24 ساعة كاملة مع البطلة الاولمبية: تدريبات خفيفة ..قيلولة..أرق وأكل خفيف * ليلة صعبة جدا وطويلة عاشتها المصارعة صورية حداد قبل دخولها المنافسة، ضغط رهيب وتركيز أكبر هكذا وصفت صاحبة البرونزية اليوم الذي سبق دخولها المنافسة، لكن هناك أمور خفية لم تكشفها بطلة القصر رواها للشروق مقربوها. * يقول حميد شعلال مدرب صورية والمنتخب النسوي للجيدو أن يعرف لاعبته جيدا، فمنذ أربع سنوات وأنا أشرف عليها لذلك عرفت جيدا كيف أتعامل معها. * "جرت العادة على أن تكون المصارعة صورية حداد هادئة ورزينة فهي تثق كثيرا في نفسها، ولها ذلك لأنها متميزة وتعمل بتفان وإخلاص"، هكذا يقول مدرب المنتخب، لكن الغريب في الأمر هو أن صورية بدأت ترتبك مع مرور الوقت فهي كانت تخشى الخروج مبكرا من المنافسة. * ويضيف عبد الحميد شعلال أن صورية عملت بجد كبير أثناء تربص كوريا الجنوبية قبيل الألعاب وأظهرت حماسة كبيرة، وأثناء حلولهم ببكين قام بتكثيف البرنامج التدريبي في الأيام العشرة الأولى مع تخفيفه تدريجيا، فكانت حصة يوم السبت خفيفة جدا. * ومع بداية تاريخ المنافسة بدأ الضغط يشتد على المصارعة، ويقول مدربها إن الضغط كان كبيرا على صورية بعد أن وضعها الاختصاصيون كمرشحة للظفر بإحدى الميداليات، فحاولنا ان نبعدها عن هذه الأجواء. * اما صورية فتقول عن تلك الليلة بأنها أحست بأرق شديد بعد أن حاولت النوم مبكرا، لكن ما فتئت أن استسلمت للنوم. * صبيحة يوم المنافسة، كان على صورية ان تنهض باكرا للخضوع لعملية الوزن، ويقول المدرب "سارت الأمور بشكل جيد، كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحا لأن عملية الوزن تبدأ على الساعة السابعة". * كان التركيز شديدا طيلة الصبيحة، قبل ان تدخل المنافسة في منتصف النهار، البداية كانت مع بطلة لوكسمبورغ وتفوقت عليها بسهولة، ثم السينغالية، وبعدها الكورية، هنا أصبح حلم التتويج يلوح في الأفق، كانت الساعة تشير إلى الثانية زوالا بالتوقيت المحلي حينها توجهت المصارعة رفقة مدربها لتناول "وجبة خفيفة" وبعدها لجأت للقيلولة لاسترجاع الأنفاس قبل أن تعود للمنافسة في حدود السادسة، لتصطدم بالبطلة الاولمبية الصينية لكن العزيمة والصبر كانا في الموعد فجاء التتويج على حساب الكازاخستانية. * * مشوار صاحبة البرونزية في الاولمبياد * بدأت المصارعة صورية حداد المنافسة بقوة، فواجهت في الدور الاول ماري مولر من اللوكسمبورغ وتفوقت عليها منذ البداية وزاري يوكو وكوكا ثم عادت وسجلت وزاري قبل ان تنهي المنافسة قبل الوقت الرسمي من خلال عملية تثبيت ناجحة في منتصف الجولة. * ومن الصدف واجهت صورية حداد المصارعة السينغالية والتي التقتها في عديد من المنافسات، فكانت المنازلة صعبة للغاية خاصة وان المنافسة تستعمل الجانب الايسر في الهجوم وتفوقت عليها بيوكو مقابل كوكا. * في الدور ربع النهائي التقت بالكورية كيم كينغوك وظهر التفوق جليا للمصارعة الجزائرية التي أنهتها بضربتي وازاري، كوكا ويوكو. * وفي الدور نصف النهائي التقت المصارعة الصينية، وسجلت صورية حداد يوكو لكن الحكام لم يمنحوها ذلك، قبل ان تخادعها المصارعة الصينية من خلال عكس الهجوم ومسك باليد لتطيحها بالعلامة الكاملة (ايبون). * في المنازلة الترتيبية، بدا وكأن صورية حداد لم تتأثر بالإقصاء وقدمت أداء خارقا وسيطرت على خالييفا شولبان وسجلت عدة نقاط وضعتها في المركز الثالث أولمبيا. * * أصداء بعد الانتصار * * براف بكى بحرقة * شوهد رئيس اللجنة الاولمبية الجزائرية مصطفى بيراف يبكي بحرقة بعد فوز صورية حداد بالميدالية البرونزية. بيراف الذي تأثر الى حد انه لم يستطع دخول غرف تغيير الملابس، قبل ان يهنئ البطلة ويخرج منها باكيا حيث لم يستطع الحديث ابتهاجا بهذا الفوز. * * مريجة مطلوب من الصحافة * كان رئيس الاتحادية الجزائرية للجيدو مطلوبا بكثرة من طرف الصحافة الجزائرية والاجنبية لأخذ انطباعاته، مريجة قال بأنه سعيد جدا لأن يكون الجيدو متوجا للجزائر. * * بين حداد والمدرب أحمد موسى * مباشرة بعد انتهاء المباراة الترتيبية وإعلان فوز صورية حداد توجهت البطلة الجزائرية تجاه مدرب منتخب الذكور احمد موسى. حداد عبرت بطريقة لبقة عن تتويجها لأن موسى كان له الفضل كذلك في بروزها مثلما كان الحال مع مدربها عبد الحميد شعلال. * * سرقة ميدالية حداد * تابع المدرب السابق للمنتخب الوطني للجيدو سيدات بوهدو جل مباريات صورية حداد وفرح كثيرا بعد تتويجها، قبل أن يداعب حداد حيث أخفى الميدالية البرونزية وهو ما أدهش حداد التي ظنت أنها سرقت منها قبل ان يعيدها لها بطريقة ساخرة. * * الصين على وقع العواصف الرعدية * من قبيل الصدف ان فوز صورية حداد تزامن مع انقلاب تام في الجو، حيث تحولت الحرارة الشديدة والرطوبة إلى أمطار غزيرة تهاطلت على العاصمة الصينية، وكذلك لعواصف رعدية. للاشارة فإن شهر أوت يشهد عادة حرارة عالية جدا وعواصف رعدية عادة ما تخلف وراءها كوارث. * * اليوم الثالث من الاولمبياد * برونزية حداد تحجب بقية الاخفاقات * كان اليوم الثالث بالنسبة للرياضيين الجزائريين حصادا مثمرا، بعد ان توجت صورية حداد بالبرونز، وفي رياضة الجيدو دائما توقف مشوار منير بن عمادي في حدود الدور الثاني لوزن 66 كغ، بعد ان تفوق بجدارة في الدور الاول عن الاسترالي ستيفن براون بالعلامة الكاملة، لكن المشوار توقف في الدور الثاني أمام الاوزبكي شاريبوف بعد انذار من الحكام، وهي خسارة لم يهضمها المصارع ولا المدرب الوطني وسجل جدل كبير حول قرار الحكام. * وفي السباحة احتل مبارك محرز المركز الرابع في سباق 200م سباحة حرة وخرج من المنافسة في سباق تفوق فيه سباح سنغافوري. * وفي التجديف بدا جليا الفارق في المستوى حيث حل الثنائي محمد رياض قاريدي وكمال ايت دواد في المركز الخامس والأخير.