حالة طوارئ قصوى أعلنتها العائلات الفقيرة وحتى المتوسطة تحضيرا للدخول الاجتماعي القادم الذي ارتبط بشهر رمضان الكريم وبالدخول المدرسي... بحث مكثف عن مداخيل »حلال« لمجابهة التكاليف الكبيرة يشارك فيها حتى الأطفال والمراهقون والفتيات القصر والكهول والشيوخ والنساء... إنها حالة استنفار عائلي. * مع كل موسم اصطياف وارتفاع درجة الحرارة، يصطف أطفال وشباب وكهول عبر الطرق الوطنية هدفهم بيع حبات الذرة أو (الجبار) مشوية على الجمر ب 25دج الى 50دج حسب الحجم * هذه الثمار، وحسب حديث الباعة من كل الأعمار، تشترى من أصحاب المزارع ب 30 الى 40 دج للكلغ وتشوى تحت أعين الزبائن من عشاق متعة التذوق، وقد راجت هذه الظاهرة منذ سنوات الفقر الأخيرة حيث تحولت الى مصدر للبطالين والفقراء... جمار حارقة وأيدي سوداء متعبة والمهم مدخول يفك الأزمة كما قال علي ذو الأربعين عاما وأب ل 3 بنات متمدرسات »اليوم شواء الذرة وغدا بيع السمك وبعدها الله يجيب« * وليس بعيدا عن بائعي الذرة المشوية على الجمر ... جمر آخر وحرقة أخرى، أطفال وشباب من ولايات عين الدفلى، الشلف وتيبازة وقرى القبائل، امتهنوا تنقية حبات »الهندي« أو (كرموس نصارى) وبيعها للمارة ب 5دج، »أصابعي تعودت على الأشواك« مثلما قال محمد من الداموس وهو يقشر حبات الهندي »هذا الصندوق اشتريته من عين الدفلى ب 600دج الحبة المقشرة ب 5دج والحمد لله«، وأضاف »منذ 4 سنوات وخلال الصيف أقشر الهندي وأبيعه بالقليعة وأحقق مدخولا للدخول المدرسي وحتى لرمضان هل ننتظر الصدقة من الآخرين«... بلقاسم، جيلالي وقدور كلهم وعلى عربات خشبية محملة بصناديق وبسكين صغير يسترزقون من حبات الهندي أو كرموس النصارى لم ينتظروا منحة »التمدرس« لأنها لا تفعل شيئا ولم يتنظروا قفة رمضان بل فكروا وعملوا واستنفروا، تحضيرا لدخول اجتماعي سيكون قاسيا مع ارتفاع أسعار العديد من المواد... * أما النساء فالأمر بالنسبة إليهن سيان.. البحث عن مصدر رزق حلال لمساعدة الأزواج والأبناء على »الوقوف«، فالعجوز زهراء 80 سنة لم يقعدها التقدم في اللسن عن العمل من أجل مساعدة زوجها المقعد حيث تخبز »الكسرة« وتحمص أكياس الذرة وتبيعها في عدة نقاط، المهم تحقيق مدخول. أما السيدة أم الخير من الدواودة فتعودت منذ سنوات وخلال أشهر الصيف على تحضير صناديق الخبز من نوع المطلوع لتنقلها ابنتها (الزهرة) ذات 13 سنة لتبيعها على حافة الطريق الوطني رقم 11 ليس بعيدا عن مسكنها، وتمكن هذه الطريقة من تحقيق مداخيل لا بأس بها لتمدرس الأبناء وصوم رمضان في أجواء كريمة كما قالت الخبازة أم الخير »هكذا يسموني في الحي وهو أمر يشرفني لأن العمل الشريف أحسن من الحرام«، قالتها والعرق يتصبب من جبينها وهي تشعل »الكانون« من بقايا أخشاب وقصب. * ليس بعيدا عن البائعة »الزهرة«، التقينا الطفل النشيط »بدر الدين« الذي لم يتجاوز 10سنوات، كان يعبر شاطئ فلوريد ذهابا وإيابا يحمل برقبته صندوقا مليئا ب "المحاجب" الحارة كما كان يعلن عنها بصوته المبحوح الطفولي، اعترف الطفل وبلغة بائع محترف أنه يبيع أكثر من 60 "محجوبة" باليوم كما أضاف »أصبحت بعد 6 سنوات من البيع بشواطئ الدواودة معروفا ويحبّني الزبائن وتصل مداخيلي الصافية 1 مليون سنتيم أقدمها لأمي للدخول المدرسي وحتى لشراء ملابس لأخواتي للعيد«، قالها وبراءة الأطفال ترتسم على عينيه!! * كل شيء تحول خلال موسم الصيف الى مصدر رزق ومدخول للفقراء، والمحظوظون هم من تقع مساكنهم بجوار البحر، حيث تتحول الى قبلة للمستأجرين من كل جهات الوطن وحتى الزماڤرة... فطابق فيلا ومهما كان بسيطا ب 6 ملايين سنتيم والغرفة الواحدة ب 10 آلاف دج والمسكن الصغير ب 35 ألف دج ولا يهم المؤجر إن كان عائلة أو عزابا أو فتيات المهم المدخول وبعدها السمعة الطيبة. وقد أكد أحمد من منطقة البلج بشنوة بتيبازة بأن الرزق الوحيد للسكان هو تأجير مساكنهم والاكتفاء بغرفة واحدة أو اللجوء للأقارب، لجمع قسط من المال لا يتجاوز 8 ملايين سنتيم »عولة السنة« كما سماها بالنظر لغياب أي مصدر رزق أو مرفق بالجهة. سكان الشريط الساحلي وكل المدن الساحلية أرغمتهم الظروف المادية على تأجير مساكنهم وجمع المال تحضيرا للدخول الاجتماعي.