في هذا الحوار الذي أجريناه عبر الهاتف مع الصحفي الجزائري والوحيد الذي رافق إحدى السفينتين اللتين تحدتا إسرائيل والعالم وكسرتا الحصار عن قطاع غزة، يصف لنا عياش دراجي، مراسل قناة الجزيرة القطرية الأجواء في قطاع غزة بعد وصول السفينتين، وكيف كان شعوره كصحفي وهو يخوض هذه المغامرة الإعلامية والإنسانية لفك الحصار عن سكان القطاع المحاصرين. * كيف تصف أجواء استقبال السفينتين في قطاع غزة؟ * * شهدت غزة بعد وصول السفينتين انتفاضة استقبال، حيث أحاط سكان القطاع بالسفينتين في مشهد مثير جدا. وقد جاءت في هذه الخطوة كبارقة أمل لسكان غزة المحاصرين منذ شهور وأعوام. وقد أخبرني عديد من الأشخاص الذين التقيت بهم عن رغبتهم في أن تأتي سفن أخرى، وتكون هناك مبادرات عربية لكسر الحصار عن قطاع غزة، فلا يعقل أن تكون هناك مبادرات غربية ويغيب العرب. * * هل هناك عرب ضمن النشطاء ال44 الذين دخلوا المياه الإقليمية لغزة؟ وما هو برنامج النشطاء خلال تواجدهم في غزة؟ * * حسب علمي الرحلة ستدوم ثلاثة أيام قابلة للتمديد، وسيقوم النشطاء الدوليون بلقاء الفعاليات السياسية الرسمية وغير الرسمية في قطاع غزة. وقد التقوا الأحد برئيس حكومة حماس إسماعيل هنية، كما شرعوا في زيارة أحياء ومناطق ومخيمات ومناطق منكوبة في القطاع. * * نعم هناك فلسطينيون وعرب، ولكن معظم النشطاء هم من جنسيات غربية. * * في رأيك، هل سيكون لهذه الخطوة تأثير على صعيد فك الحصار عن غزة؟ * * بالطبع يمكن أن ينجح هؤلاء الأشخاص في كسر الحصار ودعم سكان غزة ولو كان دعما معنويا، ويكفي أن هؤلاء الذين يحملون جنسيات مختلفة عبروا مباشرة إلى غزة رغم التهديدات الإسرائيلية، مع العلم أن إسرائيل تراجعت عن تهديداتها خوفا من استغلال المسألة إعلاميا على نحو يضر إسرائيل لا سيما أن السفينتين تقلان أربعين ناشط سلام دوليين من أوروبا وأمريكا وإسرائيل. * * * هل كنت الصحفي الوحيد ضمن الطاقم؟ * * نعم كنت الصحفي الوحيد وأنا ذهبت إلى غزة كشاهد على الحدث وليس مكسرا للحصار. ولكنني اعتز بهذه المغامرة وبكوني تتبعت الحدث وعايشته بكل تفاصيله. وقناة الجزيرة القطرية هي الوحيدة التي واكبت الحدث منذ ولادته في قبرص إلى غاية وصوله إلى قطاع غزة. ولم يكن هناك اهتمام إعلامي بهذا الحدث إلا بعدما تناولته الجزيرة بالتفصيل عبر مراسلها. * * كيف تصف لنا شعورك كصحفي جزائري وأنت تخوض هذه التجربة الإعلامية؟ * * هو شعور جميل جدا، لأنني شعرت بالتميز وأنا أشارك في صناعة حدث تاريخي في غياب الآخرين، حدث كسر الحصار عن غزة التي تتعرض لحصار دولي وإسرائيلي جائر. كجزائري شعرت بحب كبير من سكان قطاع غزة، وقد انبهرت بمدى حب الغزاويين للجزائر وللجزائريين، وربما هي روح المقاومة التي تجمعنا لأن غزة تمثل وجه المقاومة ضد الاحتلال عن الفلسطينيين ..وباختصار كانت مغامرة بمعنى الكلمة لأن الموت كان قريبا منا، حيث أن السفينتين هما عبارة عن قاربي صيد كبيرين مصنوعين من الخشب، بالإضافة إلى ذلك فإنهما كانتا تتمايلان في عرض البحر. ويضاف إلى كل هذه المخاطر أن الإسرائيليين هددوا في البداية بمنعهما من الوصول إلى المياه الإقليمية لغزة ولكم أن تتصورا ماذا يمكن أن تفعل إسرائيل .. ولكن هذه المغامرة الحقيقية سرعان ما انتهت بنجاح بعد وصولنا إلى غزة ورؤيتنا الناس وهم يستقبلوننا بكل حفاوة وترحاب. * * من خلال وجودك في غزة، كيف ترسم لنا الصورة هناك، خاصة تداعيات الحصار؟ * * لأن من رأى ليس كمن سمع، أقول لكم أن الوضع في القطاع بائس جدا، حيث غلاء المعيشة والفقر. ومثال على ذلك أن النفط بلغ 15 دولارا للتر الواحد وغير متوفر، وهناك ندرة في كل المواد الأساسية وتضييق على كل المعابر، بالإضافة إلى أن غاز البوتان المستعمل للطبخ المنزلي نادر جدا بفعل الحصار الذي له مبررات سياسية كما تعلمون. * * بصراحة كيف شعرت وأن ترى الغرب يهب لنجدة غزة بينما العرب غائبون؟ * * غابت الحروف على لسان دراج عياشي وابتلع لسانه وانقطع خط الاتصال الهاتفي مع هذا الصحفي الجزائري.