أكد الأحد مدير الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية بوزارة التجارة حوسين بوبطينة أن مصالح الوزارة شرعت في عملية مراقبة واسعة لكل الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر ومراقبة حركة تحويلات الأموال إلى الخارج معترفا بوجود تجاوزات خطيرة من طرف عدد من الشركات الأجنبية في الجزائر * الحكومة شرعت في تحقيقات حول التحويلات المالية غير القانونية لهذه الشركات * * باعتراف وزارة التجارة بوجود هذه التجاوزات، يؤكد تلميحات رئيس الجمهورية في الخطاب الذي ألقاه أمام رؤساء المجالس الشعبية البلدية، عندما انتقد عمل بعض الشركات الأجنبية التي تقوم بتحويلات مالية معتبرة للخارج عوض استثمارها بالجزائر. وكانت مصادر من بنك الجزائر قد أشارت إلى وجود تجاوزات في هذا الإطار، حيث أرسلت تقارير إلى وزارة المالية تشير فيها إلى قيام عدد من المستثمرين بحركة تحويلات مالية هامة ومخالفة قانون الصرف وحركة رؤوس الأموال من والى الخارج، وهي تجاوزات تشبه إلى حد كبير تلك المسجلة في قضية الخليفة. * وفي إطار مراقبة صارمة لهذه الشركات، تحركت الحكومة من خلال وزارة التجارة، حيث تم استدعاء أغلب محققي الضرائب وكذا الإطارات السامية للمديرية العامة للضرائب، دعتهم إلى استئناف نشاطهم لمباشرة عملية مراقبة واسعة لكل الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، ومراقبة حركة تحويلات الأموال إلى الخارج، وهو ما أشارت إليه "الشروق" في عدد أمس الأول. * وتأتي العملية بعد تعيين خبراء لإجراء مسح دقيق للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي سجلت على مستوى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار بالجزائر، بهدف إعادة النظر في التسهيلات والامتيازات الممنوحة في إطار الاستثمار، فيما ستقوم وزارة التجارة عن طريق المديرية العامة للضرائب بتحقيقات دقيقة في الحسابات تخص مدى احترام هذه الشركات لقواعد الاستثمار ودفعها للضرائب، بالإضافة إلى التحويلات المالية للخارج، وذلك تنفيذا للأمر الصادر عن رئيس الجمهورية، الذي انتقد أيضا بشدة سلوك المستثمرين الأجانب الذين استعملوا التسهيلات الممنوحة من طرف الحكومة لتحويل مبالغ ضخمة إلى الخارج. * وكشف بعدها وزير الصناعة وترقية الاستثمارات، عبد الحميد طمار، أن الجزائر تلقت نوايا استثمار أجنبية مباشرة بلغت 13.53 مليار دولار بين أعوام 2001 و2007، بلغت حصة المستثمرين العرب منها 60 %، وهو مستوى أقل من الفوائد والأرباح التي حولتها الشركات الأجنبية نحو الخارج خلال الفترة نفسها، في وقت ان الاستثمارات العربية على مدار سبع سنوات وصلت إلى 8.18 مليارات دولار أمريكي مقارنة مع 5.4 مليارات دولار من نوايا الاستثمار غير العربية. * ويأتي تحرك السلطات العمومية في هذا الإطار بعد أن قررت الحكومة امتلاك الحصة الأكبر في أي مشروع استثماري تنجزه مع شريك أجنبي حفاظا على المصلحة الوطنية، وهو القرار الذي كشف عنه رئيس الحكومة أحمد أويحيى مؤخرا. وقد جاء في البيان الصادر عن الجهاز التنفيذي أنه "فيما يتعلق بمشاريع الاستثمار التي تتم بمساهمة رؤوس أموال أجنبية، فقد أبلغت الحكومة فعلا مختلف الإدارات المعنية (الجزائرية) بأن الجزائر تعتزم في المستقبل امتلاك أغلبية رأس المال فيها، وذلك بما يتوافق مع وسائلها ومصالحها الوطنية، وبما يتطابق والأعراف الدولية التي لا تحظر مثل هذا الخيار". * وفي المقابل، نفت الحكومة تجميد المشاريع الاستثمارية الحالية، وقالت في بيانها إنها "في مجال الاستثمار لم تقرر أي تجميد للمشاريع أو للمفاوضات الجارية، ولم توجه أية تعليمة في هذا الاتجاه إلى أي كان من مصالح الدولة". * * 22.2 مليار دولار أمريكي حولت إلى الخارج بين 2001 و2007 * * أشار تقرير أصدره في الآونة الأخيرة بنك الجزائر، أن الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر حوّلت 22.2 مليار دولار أمريكي إلى الخارج منذ العام 2001 وحتى العام 2007. * وذكر البنك أن هذه الشركات حولت ما بين 2005 و2007 ما يعادل 15.7 مليار دولار، مقابل 6.5 مليارات دولار بين 2001 و2004، وذلك في إطار تحويل فوائد الشركات الأجنبية التي تنشط في الجزائر في مختلف القطاعات، ومنها قطاع المحروقات والخدمات المختلفة والعقار والبناء والأشغال العامة وتجارة السيارات والأدوية والمنتجات الزراعية والأغذية. * وقال البنك إن هذه الشركات حققت أرباحا بلغت 5.6 مليارات دولار في العام 2006 مقابل 5.1 مليار دولار عام 2005، وهي الأرباح التي تراجعت إلى 4.7 مليارات دولار في العام 2007 بعد فرض الحكومة الضريبة على الأرباح الاستثنائية على الشركات النفطية الأجنبية جراء تعديل قانون المحروقات.