يشهد عدد الشركات التجارية الأجنبية المعتمدة في الجزائر ارتفاعا مستمرا، بلغ حتى سنة 2007 ، 3785 شركة، منها 1273 شركة متخصصة في الاستيراد، وتم خلال سنة 2008 لوحدها، تأسيس 392 شركة أجنبية جديدة للتصدير والاستيراد، ورغم التسهيلات التي تمنحها القوانين الجزائرية للشركات التجارية الأجنبية والمزايا، القائمة، على المساواة في الحقوق والواجبات مثلها... مثل الشركات الجزائرية، إلا أن دورها في النشاط الاقتصادي لم يكن في مستوى هذه المزايا التي انفردت الجزائر بمنحها لنشاطها، هذا النشاط حسب الخبير الاقتصادي السيد مالك سراي ، في تصريح ل "المساء" الذي تغيب فيه المشاركة الفعالة والبناءة في الديناميكية المرغوب فيها لنشاط التجارة الخارجية لبلادنا، ويشهد إعادة تنظيم وتطهير، في إطار ما يتم اعتماده من إجراءات شاملة تعني جميع المتدخلين في مجال الاستيراد، المحليين منهم والأجانب، والتي تخص، مراقبة حركة رؤوس الأموال من وإلى الجزائر، ومتابعة نشاط التصدير والاستيراد من خلال البطاقة المغناطيسية، وفتح بوابة للتجارة الخارجية، - هي الآن بصدد الإنجاز - وتخصيص بطاقية للمستوردين، بالإضافة إلى الإقرار بفتح 30 بالمائة من رأس مال الشركات التجارية الأجنبية، لصالح الشركات التجارية الوطنية المتخصصة في مجال الاستيراد. ظل نشاط الاستثمار الأجنبي في الجزائر، منذ انفتاح الجزائر على اقتصاد السوق، وتحرير التجارة الخارجية مرادفا لممارسة النشاط التجاري واستيراد السلع من البلدان الأصلية لمختلف الجنسيات العاملة في الجزائر، وجاء ذلك على حساب استحداث مشاريع منتجة وموفرة لليد العاملة والقيمة المضافة. وبقدر تأثر الاقتصاد الوطني بالأنشطة التجارية المحضة التي نبقى في غنى عنها، فإن التخصص التجاري لهذه الشركات المقيمة في الجزائر، اتجه في نشاطه إلى التركيز على الاستيراد، وهو ما زاد من حجم المشاكل التي يقف وراءها هذا الجزء من نشاط التجارة الخارجية في بلادنا ، المتميز بالعشوائية والانتقائية والفوضى لصالح لوبيات الاستيراد جزائريين كانوا أو أجانب. فنشاط الاستيراد، بشكل عام، في ظل ارتفاع عدد المستوردين الذين بلغ عددهم حسب آخر إحصاء، صادر عن المركز الوطني للسجل التجاري، لسنة 2008، حدود 25548 مستوردا، منهم 1665 أجنبيا يمثلون عبئا ماليا على خزينة الدولة، حيث تشهد الفاتورة الخاصة به ارتفاعا سنويا، إذ انتقلت من 20.44 مليار خلال 2005 إلى 21.005 مليار خلال 2006، وانتقلت هذه الفاتورة خلال 2007 إلى 27.43 مليار ثم إلى 40 مليار دولار خلال 2008 . وحسب مصالح وزارة التجارة، فإن نسبة تغطية الصادرات الجزائرية لوارداتنا، عرفت ارتفاعا ملحوظا، فاق الحد المعقول، حيث بلغ سنة 2004 نسبة 175.7 بالمائة، و226 بالمائة خلال 2005 وارتفعت إلى 254.5 بالمائة خلال 2006، والى 203 بالمائة خلال 2007 . 392 شركة أجنبية للتصدير والاستيراد خلال 2008 يصل العدد الإجمالي للتجار الأجانب المعتمدين في الجزائر حتى نهاية 2007 حدود 5069 تاجرا، منهم 1284 شخصا طبيعيا، و3785 شركة، منها 82 فرعا للشركات الأم. وتتصدر فرنسا قائمة التجار الأجانب المسيرين بنسبة 19 بالمائة، ويقدر عددهم، 719 تاجرا يليهم السوريون بنسبة 14.32 بالمائة ويمثلون 542 شخصا، ثم الصينيون بنسبة 11.57 بالمائة ويمثلون 438 شخصا، ثم المصريون بنسبة 7.37 و يمثلون 279، يليهم 255 تاجرا من تونس، و234 من تركيا، و184 من لبنان و164 من الأردن و160 تاجرا من ايطاليا، و105 تجار من فلسطين ، و160 تاجرا من ليبيا و94 تاجرا من اسبانيا و61 تاجرا من المملكة المتحدة، و42 تاجرا من بلجيكا، و41 تاجرا من المغرب، و36 تاجرا من كل من ألمانيا وكندا، و27 تاجرا من كل من الولاياتالمتحدة و الهند. وبلغ عدد الشركات الأجنبية العاملة في مجال الاستيراد بالجزائر حتى نهاية 2007 حدود 1273 شركة، وهي تمثل ما نسبته 25 بالمائة من مجموع النشاطات المعتمدة، وارتفع عدد هذه الشركات، حتى نهاية 2008، إلى 1665 شركة، وهو ما يعني تسجيل زيادة ب 392 خلال سنة واحدة فقط. ولا تأخذ معظم شركات التصدير والاستيراد الأجنبية، العاملة في الجزائر من طبيعة نشاطها في مجال التجارة الخارجية إلا الجزء الثاني من تسميتها، حيث أنها تركز بالدرجة الأولى على نشاط الاستيراد على حساب التصدير. وتأتي الشركات السورية حسب إحصاء 2007، في قائمة هذا النوع من النشاط التجاري ب 214 شركة تصدير واستيراد تليها الصين ب 192 شركة، ثم فرنسا ب 178 شركة، وتركيا ب 92 شركة، فتونس ب 88 شركة، ثم الأردن ب 77 شركة، ولبنان ب 61 شركة، وفلسطين ب 50 شركة، وإيطاليا ب 47 شركة، واسبانيا ب 34 شركة، وليبيا ب 31 شركة، ثم الهند ب 19، وبلجيكا ب 17 ، ثم ألمانيا ب 15، والمملكة المتحدة ب 14 شركة . وحسب آخر إحصاء، أعده المركز الوطني للسجل التجاري، لسنة 2008 ، فإن الشركات الأجنبية الناشطة في الجزائر، في مجال التصدير والاستيراد، تنتمي إلى 52 جنسية وأغلب مسيريها ومديريها ورؤساء مجالس إدارتها، من سوريا بنسبة 16.68 بالمائة، وتمثل 261 شركة تليها فرنسا بنسبة 14.53 بالمائة وتمثل 242 شركة، ثم الصين بنسبة 13.21 بالمائة وتمثل 220 شركة، وتركيا بنسبة 7.69 بالمائة وتمثل 128 شركة، وتونس بنسبة 7.27 بالمائة وتمثل 121 شركة ولبنان بنسبة 5.95 بالمائة وتمثل 99 شركة، وتوجد من حيث التوزيع الإقليمي، 1252 شركة بولاية الجزائر و98 شركة بوهران، و51 شركة بكل من عنابة والبليدة و31 شركة ببومرداس و25 بسطيف و21 بتيبازة. وتركز الشركات الأجنبية التي تحمل اسم شركات تصدير واستيراد ، في عملها التجاري على نشاط الاستيراد دون التصدير، وتتلخص المواد المستوردة في مواد يمكن أن تستغني عنها السوق الوطنية، ويتجلى ذلك من خلال تخصص مختلف الشركات، فالشركات الفرنسية للتصدير والاستيراد، تركز نشاطها على استيراد معدات الإعلام الآلي والمكتبي والبنكي، وتقوم شركات الاستيراد السورية، باستيراد النسيج والخيط، وتستورد الشركات الصينية، مواد التنظيف المنزلي والخردوات والألبسة والمواد الكهرومنزلية. وتتخصص، الشركات المصرية للتصدير والاستيراد، في استيراد التجهيزات والمواد المرتبطة بقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، والهاتف، والشركات التونسية، في استيراد، التجهيزات المرتبطة بالكهرباء والأجهزة الإلكترونية ومواد التجهيز وقطاع الغيار الخاصة بقطاع الفلاحة، والمعدات الخاصة بمجال الاتصالات والاتصالات اللاسلكية والهاتف. وتقوم، الشركات التركية باستيراد التجهيزات ومختلف مواد قطاع البناء والأشغال العمومية، والشركات اللبنانية، تقوم باستيراد تجهيزات الإعلام الآلي والمكتبات. وتستورد الشركات الأردنية مواد التجميل والتنظيف والألبسة بالإضافة إلى المواد شبه الصيدلانية، والشركات الإيطالية تستورد تجهيزات وعتاد ومواد قطاع البناء والأشغال العمومية، كما تستورد الشركات الفلسطينية، الأجهزة الكهرومنزلية والألبسة وقطع غيار الآلات الميكانيكية، وتتخصص الشركات الليبية في استيراد تجهيزات تخص مجال تربية الدواجن. من جانب آخر، شهدت عملية تسجيل التجار الأجانب في الجزائر، في مختلف الأنشطة، منها تجارة التجزئة، والجملة ، والخدمات ، والتصدير والاستيراد، ارتفاعا محسوسا اعتبارا من سنة 2003، وانتقل عدد الشركات الأجنبية من 2065 خلال 2003 إلى 2245 أواخر 2004، ثم إلى 2604 شركة حتى أواخر 2005 وإلى 3261 شركة في 2006 ثم إلى 3785 في 2007 . وحسب المركز الوطني للسجل التجاري ، فإن عدد الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر المسجلة في السجل التجاري والتي لم يلجا أصحابها إلى إيداع حساباتهم الاجتماعية للسنة المالية 2006 ، بلغ 2130 شركة، منها 1479 متمركزة بالعاصمة و138 بوهران و86 بعنابة و83 بالبليدة. لوبيات أجنبية صغيرة وكبيرة تتخصص في الاستيراد! يؤكد الخبير الاقتصادي، مالك سراي، في تصريح ل "المساء" أن وجود أغلبية التجار الأجانب في الجزائر، ليس مبنيا مائة بالمائة، على المشاركة الفعالة والبناءة في الديناميكية المرغوب فيها للتجارة الخارجية للجزائر، طبقا للمطالب الحقيقية للاستهلاك الاجتماعي أو في مجال الصناعات المتعددة أو في القطاع الزراعي. ورغم أن هؤلاء التجار وجدوا الأبواب مفتوحة وتوفرت لديهم كل الضمانات والتسهيلات المعمول بها على المستوى الدولي في ديناميكية أي تجارة ، إلا أن اغلبهم انطلقوا من باب الأنانية في ممارسة النشاط التجاري وتوجهوا إلى الاعتماد على الربح الكبير والسريع في المدى القصير، وهو أمر يلاحظ حسبه من خلال المنتوجات التي تدخل السوق الجزائرية والتي تقف وراءها لوبيات أجنبية صغيرة و"قوية"، منها المتخصصة في استيراد مواد التجميل، والحبوب الجافة دون مستوى الاستهلاك، والألعاب غير المؤهلة للصغار، بالإضافة إلى قطع غيار غير ملائمة من حيث المقاييس، وبعض المواد الغذائية المصبرة. وحسب الخبير سراي، فإن الفوضى المسجلة في مجال الاستيراد، يقف وراءها أيضا، المستوردون الجزائريون الذين باتوا يتعاملون في هذا المجال، على أساس الصالح الخاص والربح السريع والسهل مهما كانت ظروف الخزينة العمومية، وتم على هذا المستوى ، تسجيل محاولات واضحة، لغش مصالح المراقبة على مستوى الحدود وغش المواطن باعتباره مستهلكا للمواد التي تدخل التراب الوطني، وهو ما يستدعي، لجوء الدولة إلى اتخاذ قرارات صارمة في تعديلها للإجراءات القانونية الخاصة بجانب الاستيراد، منها تصفية قوائم الاستيراد ومنع (بقوة القانون) دخول كل ما هو مضر وغير لائق للمواطن وأمنه وصحته وثقافته وشخصيته. وأكد محدثنا في هذا الإطار، وجود عمليات تخص استيراد مواد كيميائية خطيرة تستعمل في مجال الصحة الزراعية ، منع استعمالها في أوروبا منذ 1948، وقد أدى استعمالها في الجزائر، إلى وفاة عدد كبير من الفلاحين، ويتم نقل البعض الآخر من المصابين إلى فرنسا للمداواة، ويتم حسب مالك سراي تحويلهم إلى حقل تجارب، لصالح بعض الأطراف. كما كشف محدثنا، عن وجود حالات تلاعب يقف وراءها عدد من الأشخاص، يخرجون بناء على معلومات ترد إليهم، إلى عرض البحر لاعتراض طريق السفن التجارية القادمة من وراء البحار، لمنعها من الدخول إلى الميناء، والهدف من وراء ذلك، بيع نفس نوع السلع، المتواجدة بأرض الوطن والتي تكون مستوردة أو مهربة. إعادة تنظيم نشاط الاستيراد أظهرت المعطيات الخاصة بنشاط الاستيراد في الجزائر، وجود تجاوزات خطيرة امتدت إلى تهديد صحة المواطن والإخلال بالاقتصاد الوطني، واتسعت رقعة المشاكل المرتبطة بهذا النشاط إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد بشكل جنوني، انتقل من 27 مليار خلال 2007 إلى 40 مليار خلال 2008، وهذا دون الحديث عن نوعية المواد المستوردة والأطراف التي تقف وراء هذا النشاط. وتسعى السلطات العمومية، إلى إعادة تنظيم نشاط التجارة الخارجية من خلال عدد من الإجراءات العملية، وحسب مديرة الاستراتيجيات والبرامج على مستوى الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية "الجاكس" في تصريح ل"المساء" فإن الفوضى العارمة التي طبعت جانب الاستيراد في الجزائر أدت بالسلطات العمومية إلى إصدار مرسوم تنفيذي ينص على توسيع صلاحيات الوكالة إلى تأطير الاستيراد فضلا عن التصدير. وسيتم في نفس الإطار، استحداث بطاقية للمستوردين تضم جميع المعلومات الخاصة بهم، لضبط نشاطهم، وستسمح هذه البطاقية بتحديد المتدخلين في هذا الجانب من النشاط التجاري ومنع كل محاولات الغش والتحايل، كما ستتمكن السلطات المعنية بمراقبة هذا النشاط من الحصول على جميع المعلومات، ومن ثم تحليل جميع المعطيات المرتبطة بالاستيراد، ومتابعة نشاطه. و أكدت ممثلة "الجاكس"، صدور تعليمة من الوزير الأول، السيد أحمد أويحي، تخص فتح بوابة للتجارة الخارجية للمتابعة، لمراقبة مختلف المتدخلين على هذا المستوى. وتضاف جملة هذه الإجراءات إلى الإجراء الخاص بالاستعمال الإجباري للبطاقة المغناطيسية في نشاط التصدير والاستيراد والتوزيع، الذي دخل حيز التنفيذ، اعتبارا من العاشر جانفي الماضي ، والذي يعني، التسيير المركزي لمختلف المتعاملين، من طرف مصالح الجباية، ومراقبة حركة رؤوس الأموال من وإلى الجزائر، ومتابعة الخاضعين للضريبة في الزمان والمكان، وتوفير المعلومات الخاصة بنشاط الاستيراد في الوقت المحدد لتمكين المصالح المعنية من تحديد هويتهم بسرعة والتأكد من طبيعة نشاطهم الفعلي. من جانب آخر، يتم حاليا على مستوى مصالح التجارة، العمل على صياغة النص القانوني الخاص بفتح ما نسبته 30 بالمائة من رأس مال الشركات التجارية الأجنبية المتخصصة في الاستيراد لصالح الشركات الجزائرية، وحسب مصدر منفصل، فإن هذا الإجراء المعمول به في عدد كبير من الدول، يهدف أساسا إلى حماية الاقتصاد الوطني من النشاط الفوضوي للاستيراد.