"كل الطرق تؤدي إلى روما"..هو مثل فرنسي يؤكد مدى تعلق الفرنسيين بروما التاريخ وروما الفاتيكان وروما الحضارة والجمال والعصرنة، وكل الطرق الفرنسية ظلت على مدى التاريخ تؤدي إلى روما... * ولكنها في قضية الاعتراف بجرائمها الاستعمارية ترفض سلوك الطريق المؤدي إلى روما، حيث اعترف برليسكوني بجرائم الاستعمار الإيطالي في ليبيا واعتذر عن بشاعتها، وتعهدت إيطاليا بتعويض ليبيا بما لا يقل عن خمسة ملايير دولار من أجل فتح صفحة جديدة بين البلدين... * هل كانت إيطاليا مسؤولة باعترافها بجرائم أسلافها؟ أم أن أداء ليبيا هو الذي جرّ إيطاليا إلى الاعتراف؟ وهل كانت فرنسا متعجرفة عندما اعتبرت فترتها الاستعمارية بالحضارة؟ أم أننا نحن الذين عجزنا عن افتكام اعتراف ربما بعضنا لا يريده أصلا؟ * الأكيد أننا نتحمل المسؤولية لأن التواجد الإيطالي في ليبيا كان أوجز زمنا من التواجد الفرنسي في الجزائر، ونتحمل المسؤولية لأن الفاتورة التي دفعتها الجزائر، بشرا وثروات وهوية، لم تدفعها كل دول المعمور مجتمعة. وللأسف، نجد بعض حاملي الشهادات العليا ومتسلقي المناصب السامية ومالكي بطاقة المجاهد يصطفون أمام القنصليات لتسول التأشيرة، ومنهم من يتقاضى منحاً من فرنسا وبعضهم لا همّ له سوى الحصول على السكنات الاجتماعية وقطع الأرض وتضخيم المرتبات والمنح وإسقاط الضريبة عن السيارات الجديدة، وهو التهافت الذي قابله تهافت اقتصادي وسياسي وثقافي من كل أطياف المجتمع الذي يوحي أننا لم ندفع فرنسا للاعتراف بجرائمها بالطريقة التي تجعل فرنسا تسلك الطريق المؤدي إلى روما. * هل يمكن أن ننتظر اعتذارا من فرنسا ونحن مازلنا نعلك لغتها ونجتر ثقافتها؟ وهل يمكن أن ننتظر اعتذارا والسفر والهجرة إلى فرنسا مازال غاية بعض أبنائنا وبناتنا وحتى آبائنا وأمهاتنا؟ وهل يمكن أن ننتظر اعتذارا من فرنسا وبعضنا مازال يرضع حليبها ويقرأ إنجيلها ويموت في كفنها؟... عندما نجيب على هذه التساؤلات سنعرف لماذا كل الطرق الفرنسية تؤدي إلى روما إلا طريق الاعتراف بجرائم الحرب التي دفع ثمنها الأبرياء على مدار قرن وثلث قرن من النار والدم. *