بعد أن شرب الحمار: قهوة بالحليب وكرواصان، كان قد أبدى إعجابا وأيّما إعجاب بجمال الجزائر ونظافة الجزائر بقوله: * على فكره. الجزائر حلوة أوي... حلوة جدا جدا... ومافيهاش وساخة... وناسها حلوين أوي أوي... ياسلام على جزاير وعلى الحلوين بتاع الجزاير... * قالها معلقا على مرور مجموعة من الأوانس الأنيقات وقد أظهر اللباس مفاتنهن وجمال أحسادهن، وكن يتهامسن ويتضاحكن باستغراب لوجود شيخ مع حماره في المقهى... فاقترب مني وهمس في أذني: * ماعندكوش نساء تخينات أوي أوي زي النسا عندنا في مصر؟؟ فقلت له يظهر أنك تعيش قصة غرام... فأنكر وقال: * عشان الحرمة (المرأة) عندنا في مصر لما تمشي، يترجرج اللحم والشحم من كل جوانبها... بص البنات دول بص... ماشاء الله... رشاقة وخفة وجمال... ياسلام... وظل يتابع حركاتهن وسيرهن حتى اختفين وسط المارة... فأوقفته معلقا على ملاحظته وقلت له: * إذا كنت فتنت بهؤلاء البنات العاديات... فكيف سيكون حالك عندما آخذك إلى بلاد الجمال الطبيعي الأخَّاذ؟؟ والحسن البشري الفتَّان؟؟ في بلاد القبائل... إذن! في هذه الحال يجب أن آخذ لك المهدئات العصبية.... فرح الحمار وعلت محياه نشوة وقال: * وإيمته نروحوا ان شاء الله؟؟ دي الوأت والاّ بكره؟؟ فقلت له: لاتقلق... سوف تذهب لبلاد الجمال الطبيعي والبشري... وسوف تتعرف على حمار خالتي تحلوانت... وتنزل عليه ضيفا لعدة أيام... فقاطعني وقال: * والحمار ده... بيتكلم عربي والا (أمامازيغي) زي مابتقول؟؟ وحمار خالتك (تحولانت) ديه... عربي والا محلي؟؟ وإزاي نتفاهم معاه؟؟ * صعب على الحمار نطق كلمتي (أمازيغي وتحلوانت)... فصححت له النطق، وقلت له: عندنا مثل يقول: كي يزيد نسموه بوزيد... فقال بسرعة: إيه معنى المثل دا؟؟ * شرحت له معنى المثل وطلبت منه أن لا يستبق الأحداث، وطمأنته أنه سوف لايكون لحمار الحكيم أي مشكل مع حمار خالتي تحلوانت لأنهما من أصل واحد... وأن كل واحد تأقلم مع الجو المحيط به... تعلق حمار الحكيم بالحديث على بني جنسه، وأراد أن نتفق من الآن على موعد لزيارة بلاد القبائل ليتعرف على حمار خالتي تحلوانت... فسألته: هل تريد التعرف على هذا الحمار بالذات؟؟ أم أي حمار جزائري... أجاب بشيء من الغموض: يعني... زي ما انت عايز... فاقترحت عليه زيارة فئة من الحمير موظفة عند الدولة، ومسجلة لدى الوظيف العمومي، والضمان الاجتماعي، ولها وظيفة محددة، ورواتب شهرية من بلدية القصبة، وهي قريبة من هنا... تعلق الحمار بكلامي أكثر، وأراد أن ينهض مباشرة للتعرف على هذه الفئة من بني جنسه... سألته ماذا تريد بالضبط معرفته عن هذه الأحمرة؟؟ * قال المهم أن أطمئن على أنها في وضع يليق بها... فسألته إن لم يكن عضوا، سريا، في إحدى المنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الحيوان؟؟ وفي هذه الحال يجب أن تدخل الجزائر بصفة رسمية، وأن تكون حاملا جوازا، وأن تكون في مهمة رسمية... * كما أنني أخبرته أن بلدية القصبة لاتؤمن بوجود حمار فيلسوف مثقف... وبمجرد دخوله حدود البلدية فهو معرض للقبض عليه، ونزع بردعته المصرية... ومباشرة شواري على ظهره... ومن الغد طالع هابط في أزقة القصبة، ويكون موظفا رسميا في مؤسسة (نت كوم) لنظافة المدينة ونقل القمامات... وجم الحمار، وفقد الحماس للتعرف على حمير القصبة، وفضل الانتظار لزيارة بلاد القبائل، والتعرف على حمار خالتي تحلوانت.