صعب جدا أن يمضي المرء حياته كلّها مقعد على كرسي متحرك ليس لسبب سوى لأنه حرم قطرتين شافيتين من لقاح التطعيم ضد الشلل في صغره، وبدل أن يتنطط ويمرح تجده يتألم ويتجرع مرارة حرمان لا ناقة له ولا جمل فيه. إلى وقت قريب جدا كنا نعتقد أن مرض الشلل سيصبح من الأمراض المندثرة التي أكل الزمان عليها وشرب لكن ثورات "الربيع العربي" غيرت أطراف المعادلة وجددت مخاوف انتشار المرض بشكل رهيب نظرا لهشاشة تلك الدول وانتقال الخطر إلى دول الجوار. في الجزائر أبدى بعض المختصين تخوفهم من انتقال عدوى المرض، سيما مع تدفق اللاجئين الذين يقصدون الجزائر للإقامة أو يعبرونها وتواجه دولهم حروبا جعلتها تتجاهل الكثير من حملات التلقيح ضد المرض. وفي هذا الشأن استطاعت بلادنا رغم التهديدات الأمنية والصحية المحيطة بها أن تضمن سلامة أطفالها من الشلل منذ سنة 1995 ، حيث لم تسجل أية حالة خلال السنة الجارية 2015، حسب ما أكده للشروق أونلاين المدير الطبي لشركة "سانوفي باستور" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تامر بيهليفن على هامش مجريات المؤتمر الدولي لمكافحة شلل الأطفال "لا لشلل الأطفال" الذي احتضنته لبنان منذ أيام وشاركت فيه نحو 27 دولة من مختلف أنحاء العالم. وأثنى ممثل سانوفي على الدور الايجابي والسياسة الجيدة التي تنتهجها الجزائر في مجال التلقيح وتوفير الرعاية الصحية لأطفالها في هذا المجال، وأضاف المتحدث أنه في الوقت الحالي لا يوجد أي تهديد من عودة المرض إلى البلاد غير أن الحذر يبقى مطلوبا فحالة واحدة بإمكانها إحداث عدوى قاتلة تهدد حياة كل سكان العالم. وتوفر الجزائر تغطية بنسبة 95 بالمائة وتبقى نسبة ضئيلة جدا تتركز اغلبها في مناطق جد منعزلة في جنوب البلاد وشرقها، ويضيف ممثل سانوفي أن التقديرات الدولية تشير إلى أن الدول عندما تلقح 80 بالمائة من سكانها يكون البلد محميا. لأول مرة إفريقيا خالية من الشلل.. تفاؤل حذر ولأول مرة في تاريخها تعلن قارة إفريقيا منطقة خالية من الشلل، بعد التخلص من آخر بؤرة للوباء بها وهي نيجيريا التي لم تسجل لأول مرّة أية حالة للشلل بين أطفالها وهي التي كانت تشكل تهديدا كبيرا للمنطقة بكاملها، وهكذا يجد العالم نفسه في مرحلة الهدوء الحذر، إذ يتوجب عليه الحفاظ على هذا المكسب الهام في ظل الرهانات الكبيرة التي تمليها أوضاع المنطقة. حيث لا تزال 37 حالة تهدد العالم بعودة الشلل تنحصر في دولتي باكستان وأفغانستان، ويؤكد المختصون انهم لن يتوقفوا عن التلقيح حتى عند بلوغ 0 حالة. تحذيرات من تسجيل 200 ألف إصابة جديدة إذا لم يستأصل المرض تشير توقعات الخبراء والمختصين إلى أن الفشل في استئصال شلل الأطفال من معاقله الأخيرة يمكن أن يؤدي إلى تسجيل مائتي ألف إصابة جديدة سنوياً في غضون عشر سنوات، وفي معظم البلدان، توسّعت الجهود العالمية لتتيح للقدرات المحلية إمكانية معالجة سائر الأمراض المعدية من خلال بناء نظام مراقبة صحية ونظام تحصين فعّال. ويلاقي ما يتراوح بين 5% و10% من المصابين بالشلل حتفهم بسبب توقّف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها كما يشكّل الأطفال دون الخمس سنوات الفئة الأكثر عرضة للإصابة بمرض شلل الأطفال، وتؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال. تراجعت حالات الإصابة بشلل الأطفال بنسبة 99% منذ العام 1988، فبعد أن تم تسجيل حوالي ثلاثمائة وخمسين ألف حالة يومها، تراجع عدد الإصابات إلى 354 حالة في العام 2014. "سانوفي باستور".. الرفيق الدائم لإستئصال شلل الأطفال تعتبر شركة "سانوفي باستور" التي تعتبر المصنّع الأكبر في العالم للقاح شلل الأطفال، والشريك الدائم في برنامج الاستئصال الذي انطلق في العام 1988 الرائدة في مجال اللقاح الفموي (OPV) والمعطّل (IPV)، شريكة في المبادرة العالمية لإستئصال شلل الأطفال طوال عشرين عاماً، فقد أمّنت الشركة أكثر من خمسة مليارات جرعة من لقاح شلل الأطفال الفموي (OPV) لمنظمة اليونيسف في العقدين الماضيين. وفي العام 1982، سجلت "سانوفي باستور" أول لقاح معطّل (IPV) معزّز الفاعلية ضد شلل الأطفال الذي يتم توزيعه الآن عالمياً بصفته اللقاح الوحيد الكافي ضد فيروس شلل الأطفال، إضافة إلى استعماله بمعية لقاحات أخرى للأطفال بهدف تعزيز مناعتهم ضدّ أمراض أخرى بجرعة واحدة فقط. في شهر مارس من العام 2014، أعلنت منظمة اليونيسف عزمها شراء كميات كبيرة من لقاح شلل الأطفال المعطّل (IPV) من شركة "سانوفي باستور" وتوفيرها حسب احتياجات كل بلد وخططه التحصينية، لأكثر من 120 دولة تستخدم لقاح شلل الأطفال الفموي (OPV) فقط كإجراء روتيني. ولدعم اعتماد لقاح شلل الأطفال المعطّل (IPV) بشكلٍ سريع وتوسيع انتشاره، طوّرت "سانوفي باستور" بالتعاون مع "مؤسسة بيل وميليندا غيتس" آلية لدعم السعر الموحّد تتضمن مساهمة مالية من المؤسستين. وبفضل هذه الآلية، أتيحت الفرصة لشركة "سانوفي باستور" تقديم اللقاح المعطّل (IPV) بأدنى كلفة ممكنة لثلاثة وسبعين من أفقر بلدان العالم، كما ستعمل منظمة التحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI) على توفير اللقاح المعطّل (IPV) لإدراجه على جداول التحصين الوطني الروتينية في هذه الدول.