انطلقت أمس، في حدود الساعة الثامنة صباحا، عملية الترحيل والقضاء على أول منطقة تضم قرابة 1000 بيت قصديري، من خلال إعادة إسكان قرابة 430 عائلة، مثلما كشف عنه الوالي في ندوته الصحفية كخطوة أولى، وسط تجنيد المئات من عناصر الدرك وعدد من الإطارات يتقدمهم واليان منتدبان لتسييرها. الساعة كانت الخامسة صباحا حين وصلنا إلى حي الرملي. العشرات من العائلات لم تنم الليل كاملا لانتظار هذه "اللحظة التاريخية"، حسب وصفهم.. عائلات بين الخوف من الإقصاء وفرحة تسبق أمل الحصول على مسكن لائق يضع حدا للمعاناة التي لازمتهم طيلة عقود من الزمن. ... كل الظروف كانت مواتية لمباشرة عملية إعادة إسكان حي قصديري وصف ب "الأكبر" من نوعه بالجزائر، كونه يضم قرابة 4500 عائلة، حسب الإحصائيات الرسمية لسنة 2013، وعدد أكبر من العائلات على الواقع.. تعزيزات أمنية مكونة من العشرات من أفراد الدرك المدربين على التدخل السريع، مدعمين بكافة الوسائل، خوفا من وقوع احتجاجات من طرف المقصين، الذين بلغ عددهم المئات، من خلال إجراء مقارنة بين الأرقام التي قدمها الواقع وتصريحات المسؤولين حول عدد العائلات القابعة في المنطقة "ج" بالعشرات. كل الأمور كانت مهيأة، شاحنات، أعوان الحماية المدنية وآخرون كلفوا برفع الأثاث المنزلي وإداريون لتسليم ورقة الطريق للتوجه صوب الحي السكني الموجود بمنطقة سيدي حماد ببلدية مفتاح بالبليدة.. الكل كان يترقب إعطاء إشارة الانطلاق، التي كان من المنتظر أن تتم في حدود الساعة السادسة، غير أن الأمر أجل إلى غاية الثامنة صباحا لأسباب تقنية بسبب الظلام الدامس الذي ميز المنطقة.
هذه "الخطة" التي اعتمدتها السلطات لترحيل حي الرملي عندما وصلت الساعة السابعة صباحا أعطيت أوامر لعناصر الدرك التي كانت مرابضة بمقرات الشركات الموجودة بمحاذاة الحي بجانب الطريق المؤدي إلى بلدية براقي، حيث تقدموا صوب الحي لفسح الطريق أمام الشاحنات ومركبات نقل البضائع والعمال بغرض الانطلاق في عملية رفع الأثاث. بعدها، انطلقت العملية، حيث تم رفع الأمتعة ثم التنقل نحو مركز مهندس المناجم للحصول على ورقة الطريق الذي كان مؤمّنا من قبل عناصر الدرك الوطني ومنعوا أي شخص من الدخول، خاصة وسائل الإعلام.. وفي ذات المركز، كانت تقدم وثيقتان إما ورقة الطريق للحائزين على السكنات، أو وثيقة إيداع الطعن وملف آخر للمقصين في محاولة ل"امتصاص" غضبهم إلى حين.. وفي ذات المنطقة، سجلنا حالات احتجاج ومشادة كلامية بين المقصين وعناصر الدرك الذين أجبروا العائلات المقصاة على النزول من الحافلات التي خصصتها مصالح الولاية لنقل العائلات. فيما أجبرت العائلات المقصاة على مغادرة المكان والتوجه نحو الملعب البلدي بالسمار لإيداع طعونها، أين ركنت العشرات من الشاحنات قرب الطرق وبداخل الملعب إلى غاية الفصل في مصير المقصين. ولمواجهة أي محاولة لاقتحام السكنات أو عودة العائلات المقصاة التي عدت بالمئات، عمدت السلطات المعنية إلى تقديم قصاصة مدون بها أسماء العائلات والرقم التسلسلي للمركبة التي تحوي أغراضها، يشترط تقديمها بالمركز للحصول على "ورقة الطريق". وهي "حيلة" اهتدت إليها السلطات المعنية لتتجنب أي محاولة من طرف قاطني الحي استلام هذه الوثيقة من عدمه قبل خروج المركبة حتى لا يمكثوا في أكواخهم في حالة إدراكهم قرار إقصائهم من العملية. كما أتبعت عملية إخلاء السكنات بقطع الكهرباء والماء وتهديم البيوت القصديرية قبل مسح المنطقة بالجرافات بشكل نهائي. قال إن أغلب المرافق العمومية جاهزة لاستقبال المرحلين والي العاصمة: أبواب الطعون مفتوحة للمقصين ولا داعي للبلبلة والشوشرة قال والي الجزائر، عبد القادر زوخ، إن أبواب إيداع الطعون مفتوحة أمام المقصين، الذين لم تشملهم قوائم الترحيل بحي "الرملي"، مؤكدا أن "كل من له الحق في إعادة إسكانه سيتم التكفل به". وأضاف زوخ أنه "لا داعي للبلبلة والشوشرة.. سنرحل قرابة 3 آلاف عائلة من حي الرملي". وأكد الوالي، عبد القادر زوخ، في ندوة صحفية عقدها أمس بالحي السكني الجديد 3500 مسكن ببلدية مفتاح بالعاصمة، خلال زيارة تفقدية قادته بمناسبة الشروع في عملية ترحيل سكان حي الرملي، أنه يجب التفريق بين المقصين وبين غير المستحقين، الذين قد استفادوا من سكنات سابقا أو يملكون مسكنا في جهة أخرى. وهؤلاء، حسب زوخ، سيطردون من الرملي، وعليهم أن يعودوا من حيث أتوا. وأوضح المسؤول الأول بولاية الجزائر، أن اللجنة المكلفة بالطعون ستدرس كل الملفات التي ستودع على مستواها بالتدقيق، وسيتم إنصاف كل من له الحق في ذلك، مضيفا في ذات السياق أنه "لا داعي للبلبلة والشوشرة. سنرحل قرابة 3 آلاف عائلة من حي الرملي". وبالنظر إلى عزلة الموقع السكني الجديد عن مدينة بلدية مفتاح، كشف زوخ أنه وبالتنسيق مع ولاية البليدة تم التعاقد مع إحدى المؤسسات الخاصة لتوفير خط نقل يربط الموقع بالعاصمة، قصد تمكين المرحلين الجدد من التنقل إلى العاصمة وقضاء انشغالاتهم اليومية. ومن جهته، أوضح والي البليدة، خلال تدخله، أن أغلب المرافق العمومية والصحية التي يتوفر عليها الموقع السكني الجديد جاهزة، مضيفا أنه توجد ثلاث مدراس ابتدائية يمكنها أن تستقبل التلاميذ بدءا من الأحد المقبل، كما يتوفر الموقع على متوسطتين وثانوية، وكذا مركز بريد ومستوصف وملحق بلدي. 2000 شاحنة و150 حافلة.. وآلاف الأعوان لإنجاح لترحيل عائلات حي الرملي سخرت ولاية الجزائر وسائل مادية وبشرية هائلة من أجل ضمان السير الحسن لأكبر عمليات ترحيل شهدتها الجزائر منذ الاستقلال، وفي أكبر حي فوضوي بالعاصمة، حي الرملي بالسمار. وهي العملية التي ستتواصل على مدى 15 يوما، حسب تصريح مسؤولين بولاية الجزائر. وفي هذا الإطار، فقد تم تخصيص آلاف العمال الشاغرين في مؤسسات النظافة لولاية الجزائر، على غرار "إكسترانات" و"ناتكوم" اللتين تولت كل واحدة منهما تسخير ألف عون للمشاركة في عملية الترحيل، دون احتساب المؤسسات الأخرى، التي ساهمت في العملية أيضا إلى غاية انتهائها. وذلك وفق برنامج يتناسب مع عدد العائلات المرحلة، التي بلغ عددها 3 آلاف، تقطن بحي الرملي، حيث تم تخصيص فرق تعمل الأولى من الساعة 5 صباحا إلى غاية 3 زولا لتتولى الفرق الأخرى عملية الترحيل المسائية إلى غاية منتصف الليل. وحسب المعلومات المتوفرة لدى "الشروق"، فإن مديرية النقل سخرت ألفي شاحنة و150 حافلة لضمان نقل المواطنين وأغراضهم إلى سكناتهم الجديدة بمفتاح ولاية البليدة في ظروف حسنة.
كشف عن استرجاع 30 مسكنا.. لومي ل"الشروق": الشروع في تحقيقات واسعة لكشف المزورين ومتابعة 1500 مستفيد متحايل قضائيا ستشرع لجان مختصة في تحقيقات وتحريات واسعة تشارك فيها هيئات أمنية ومؤسسات عمومية، للكشف عن المستفيدين المتحايلين وأصحاب الملفات المزورة، على أن يتم طرد كل من ثبت في حقه ذلك، في وقت سيتم متابعة نحو 1500 عائلة من حي "الرملي" قضائيا لمحاولة تحايلها على القانون وإيداعها ملفات مزورة. وكشف مدير السكن، إسماعيل لومي، في تصريح ل"الشروق"، على هامش الزيارة التي قادت والي العاصمة، عبد القادر زوخ، إلى الموقع السكني الجديد 3500 مسكن ببلدية مفتاح ولاية البليدة، أمس، عن شروع اللجان المختصة في تحقيقات معمقة ستمس كل المستفيدين من الترحيل بأكبر حي قصديري بالعاصمة "الرملي". ومن يثبت، يقول لومي، أنه تحايل على القانون وكان قد استفاد من مسكن في وقت سابق في جهة ما أو ليس له الحق في الاستفادة من مسكن سيكون مصيره الطرد لا محالة. وفي نفس السياق، أضاف لومي أن التحقيقات السابقة التي أجرتها اللجان المذكورة، قد أفضت إلى استرجاع 30 مسكنا بالعاصمة، كان أصحابها قد تحايلوا على القانون واستفادوا من سكنات ليسوا في حاجة إليها. وهو نفس الأمر الذي ستقوم به اللجان المكلفة بالتحقيق مع المرحلين الجدد من حي "الرملي" أو أحياء قصديرية أخرى، قصد تمكين العائلات المستحقة فعلا من الاستفادة بسكنات على أن يتم طرد كل من تحايل بطريقة أو بأخرى. ومن جهة أخرى، رفض لومي، خلال رده على أسئلة الصحفيين بخصوص نحو 1500 عائلة مقصاة من الترحيل بأكبر حي قصديري بالعاصمة، أن يصف من لم تشملهم قائمة "الرحلة" بالمقصين، مؤكدا قوله في هذا السياق أن "هناك ما بين 1400 أو 1500 ملف أثبتت عملية التصفية أنه قد تحايل أصحابها وليس لهم الحق في الاستفادة من سكنات"، لذلك، يواصل لومي، لا يمكن أن نعتبر هؤلاء مقصين وإنما ملفاتهم غير مقبولة. وأوضح ذات المسؤول أن أصحاب الملفات المزورة سيخضعون للإجراءات المعروفة وستطالهم متابعات قضائية، إلى ذلك أوضح ذات المسؤول أن التحريات ستتواصل حتى بعد عملية الترحيل مع المستفيدين.
فتح مكتب للطعون وركن شاحنات العائلات المقصاة بملعب السمار وجهت أمس عشرات المركبات نحو الملعب البلدي بالسمار، أين تم تنصيب مكاتب لإيداع الطعون خاصة بالعائلات المقصاة من عملية الترحيل، كخطة هدفت السلطات الولائية لاعتمادهم قصد وضع المواطنين في أفضل الظروف، حسبما كشف عنه مسؤولون محليون، من جهتهم ارتأى مقصون آخرون لركن المركبات على جوانب الطرق القريبة من الحي، إلى غاية النظر في القرارات المتخذة في حقهم. كواليس الترحيل: استنفرت عملية الترحيل الخاصة بالرملي، جميع المسؤولين الولائيين على غرار المدراء التنفيذيين والإطارات الولائية من مفتشين ومستشارين للوالي، وولاة منتدبين لتأطير العملية التي جرت تحت إشراف واليين منتدبين، وهما الوالي المنتدب لباب الوادي والوالي المنتدب لبئرمراد رايس اللذان توليا الإشراف العام نظرا لحساسية العملية. أغلقت مصالح الدرك الوطني الطريق الرابط بين السمار وبراقي لفسح المجال لتنفيذ العملية وتجنبا لأي فوضى قد تحدث، أو ازدحام مروري، بسبب العدد الهائل من الشاحنات التي خصصت لهذه العملية، كما فرضت ذات القوات طوقا أمنيا على مركز المراقبة التابعة لمديرية المناجم، أين يتم سحب ورقة الطريق. لم يتمكن ممثلو وسائل الإعلام من بلوغ مركز المناجم، أين يتم تسليم ورقة الطريق، دون ذكر الأسباب، حيث وضع طوق أمني لتنظيم العملية. لوحظ استعانة سكان حي الرملي بالقطط والكلاب بهدف القضاء على كل أنواع الحيوانات الضارة ومواجهتها حفاظا على حياتهم وأبنائهم، لاسيما وأن المنطقة معروفة بالانتشار الرهيب لها. * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *