عندما يقف المرء أمام قامة عالية مثل العلامة المجاهد الشيخ يوسف القرضاوي لا يملك الا أن يدعو الله تعالى بأن يهبه مزيدا من اللياقة وحسن الادب لأن العلماء ورثة الانبياء، وإن قلة الادب في حضرتهم ليست الا تعبيرا عن سوء خلق وفساد جبلة، ومع هذا كله فإننا ونحن نراقب ما أثارته ردود الشيخ القرضاوي على بعض علماء الشيعة من مواقف وتصريحات، اننا ازاء ذلك نرى أهمية الاقتراب من هذه المسألة لالقاء ضوء على أحد زواياها. * لعله من الصعب على واحد مثلي تتلمذ على كتب الشيخ يوسف (الحل الاسلامي والحلول المستوردة) و(الحلال والحرام) و(النكبة) وعشرات الكتب القيمة التي تكشف عن بصيرة وتمكن من فهم الدين وتجاوز لمرحلة التخلف والجمود وانفتاح على العصر والانسان..لعله من الصعب ان أقول إنني أختلف مع الشيخ القرضاوي في تناول الموضوع على صفحات الجرائد لأن المسألة أخطر من كونها مسألة علمية ..انها مسألة تمس وجود الأمة ومستقبلها وهي مساحة مناسبة لكل الطفيليين والعابثين وكل الحشرات والجواسيس لاستغلالها لتعميق الشرخ في الأمة. * ان الاعتدال والاحساس بمسؤولية وحدة الامة والدفاع عن كرامتها وعن فلسطين كان هو الخيط الناظم لأفكار العلامة الشيخ يوسف القرضاوي في كل كتبه..وهو واجه جيلا من الشباب المتنطع في مصر وخارجها وألح عليهم بضرورة العودة الى روح الدين وشرعه، فقامت عليه قيامتهم ورموه بتهم ليس أكثرها العمل لصالح الانظمة (الكافرة)، وكان هو والعالم الرباني المرحوم الشيخ محمد الغزالي عرضة لمجموعات من السلفيين يرمونهم بأبشع الصفات.. * المشكلة لدى كثير من الشيعة انهم لم يخرجوا بعد من روح الفرقة التي تشرنقت حول أفكارهم..فقد يكون مفهوما انه في مراحل معينة من التاريخ الاسلامي ضرورة الحفاظ على المذهب بجملة مسلكيات وطقوس ومستلزمات مذهبية معينة..(أقول مفهوما ولا أقول مقبولا) ولكن من غير المفهوم ولا المقبول ان يبقوا أسارى تلك المراحل فيقومون بتصرفات يخجل المرء منها ويستاء المسلم لها..فإن الشطط والغلو في تناول الصحابة وكأنهم اعداء شخصيون لكل من الشيعة مسألة مقرفة حقا وهي ليست علمية وليست مقبولة، كما ان تناولهم المفرط لتقديس آل بيت رسول الله يفقد المحبة دلالاتها ورسالتها ويجعلها دربا محنطا ليس له الا الترديد..كما ان أذية النفس بالاحتجاج على مقتل الحسين دون سواه من المسلمين الكبار عملية مرفوضة في حس الانسان ووجدان المسلم وهي بلا مسوغ شرعي انما كانت فقط بمسوغ مذهبي للحفاظ على الفرقة وعواطفها. * هذا كله صحيح أيها العلامة المجاهد الشيخ يوسف القرضاوي لكن أسمح لي ان المطلوب منك التسامي والترفع وترك خوض الخائضين فأنت للأمة كلها سنيها وشيعيها عالمها ومتعلمها عربها وعجمها ..انها فتنة لا يربح منها الا أمريكا.. فحذار!!