شيّع، مؤخرا، سكان منطقة بوخراط من بلدية الحوضين الواقعة في أقصى شرق ولاية المدية، ثاني ضحايا الضباع المفترسة، التي داهم أحدها فناء بيته فجر يوم مضى من أيام العشر الأوائل من الشهر الجاري. وبحسب أهل الضحية وجيرانه، فإن "ع.ع" البالغ من العمر 57 سنة، تفاجأ فجرا بحركة غريبة وغير معهودة بفناء بيته الواقع قريبا من المنطقة الغابية التي تحيط به، حيث خرج الرجل مذعورا يتفقد ما يجري فإذا بحيوان مفترس يهاجمه وينال منه عضا عنيفا من أجزاء متفرقة من جسده، كان من بينها رأسه ووجهه، وبعد تدخل جيرانه وأهله تم انتشاله من أنياب هذا الحيوان الذي لم يعهد الأهالي صورته ولا شكله، قبل أن يتبينوا فيما بعد بأنه نوع من الضباع يعرف باسم "الضبع المخطط" الذي عرف انتشارا كبيرا بالمناطق الجبلية لولاية المدية في السنوات الأخيرة، ولم تسعف الضحية الحقن التي حقن بها ولا الأدوية التي تناولها، ليلفظ أنفاسه الأخيرة تحت العناية المركزة بمستشفى القطار بالعاصمة. وتعتبر هذه الحادثة الثانية بعد تلك التي أودت بحياة كهل من سكان منطقة بني عطلي التي تقع على أطراف مدينة المدية منذ قرابة العام، بعد أن تسرب سرب من الضباع من جبال تمزقيدة المجاورة إلى إسطبل حيواناته إثر تدخله لإنقاذها، وعمقت حادثة الحوضين مخاوف الفلاحين وسكان المناطق الريفية بالمدية الذين أصبحوا يحصون خسائر بالجملة في صفوف أغنامهم ومواشيهم، بعد أن تعبث بها قطعان الضباع، على غرار ما حدث بالجهة الجنوبية لعين بوسيف منذ أشهر مضت، أين استفاق عدد من الموالين هناك على مشهد بقايا عشرات المواشي التي وقعت فريسة للضباع في زرائبها، فضلا عن عديد الحالات التي يفقد فيها الموالون والمربون حميرا وشياها لهم تقع تحت أنياب هذا النوع المفترس من الحيوانات، والغريب أن إجراءات الدفن الخاصة بالضباع وكذا إجبارية التبليغ الإجباري المصحوبة بمحاضر رسمية عن قتل أي ضبع قد جعلت كثيرا من الفلاحين يحجمون عن قتلها أو المساهمة في القضاء عليها، خصوصا بعد أن علم هؤلاء الفلاحون أن مكروبات خطيرة تختزنها جثثها، وأن المشعوذين وبارونات التهريب يسعون للظفر بجثث هذه الضباع بأي ثمن لاستعمالها في أنشطتهم الممنوعة. "الشروق" وقصد الاستفسار عن مصدر العودة الواسعة لهذا النوع من الحيوانات اتصلت بمختصين في الشأن الغابي والبيئي، وأكدوا لها أن الضباع من الحيوانات التي عرفت إلى غاية بداية الألفية الثانية انقراضا بالشمال الجزائري، قبل أن يساهم تقييد وتراجع الصيد الغابي في الماضي القريب في عودتها بشكل ملفت، قادمة من جبال تونس والمغرب، مؤكدين في هذا الصدد على إمكانية عودة حيوانات أخرى أكثر افتراسا من الضباع، مشددين إلى أهمية الدور الجماعي المشترك لتطويق مخاطرها والحد منها.