جاهدت البنوك المركزية في مختلف أرجاء العالم لتلبية الطلب على السيولة الجمعة بعد أن أغلقت السلطات الأمريكية بنكا، وتعرضت خطة إنقاذ طرحها البيت الأبيض بقيمة 700 مليار دولار لمشاكل. * ومع تفاقم الأزمة المالية المستمرة في تدمير الثقة في السوق كثفت بنوك مركزية منها البنك المركزي الأوروبي وبنك انجلترا والبنك الوطني السويسري المركزي جهودها في محاولة تهدئة الوضع بخطة جديدة لضخ مليارات الدولارات من قروض أسبوع لأول مرة. * وفي حين تعثرت المفاوضات المتعلقة بخطة الإنقاذ الأمريكية غير المسبوقة، جاءت أنباء أن السلطات سيطرت على واشنطن ميوتيوال أكبر بنك أمريكي للمدخرات والقروض.وفي التعاملات المبكرة في لندن سجل سعر الاقتراض فيما بين البنوك بالدولار لمدة ثلاثة أشهر الحد الأقصى لنطاق تراوح بين 3.7 و4.8 بالمئة. * وقالت بنوك في سنغافورة ان أموال ليلة بالدولار ظلت تتبادل بسعر ما بين 2.5 و5 ر3 بالمئة في اسيا. * وزادت الاضطرابات بعد ان عطل الجمهوريون بالكونجرس خطة وزير الخزانة هنري بولتون لشراء الديون المعدومة من البنوك، وطرحوا بدلا من ذلك فكرة خاصة بهم تتعلق بالتأمين على الرهون العقارية مما أثار الشكوك حول خطة الانقاذ برمتها. * وفي حين تمتنع البنوك التجارية في كل مكان عن تقديم السيولة ومنح القروض ازداد تدخل البنوك المركزية لملء هذا الفراغ، وزاد من نقص السيولة في الأسواق امتناع البنوك عن تقديم أموال قصيرة الأجل قبل ان تغلق دفاترها للربع الثالث من العام الأسبوع المقبل. * وتدخلت البنوك الثلاثة الأوروبية الكبرى وهي البنك المركزي الأوروبي وبنك انجلترا والبنك الوطني السويسري بتصعيد جهودها لتخفيف ضغوط التمويل قرب نهاية هذا الربع من العام.وقال المركزي الأوروبي انه سيضخ 35 مليار دولار إضافية ووعد بنك انجلترا بضخ 30 مليار دولار زائد موارد إضافية بالاسترليني، وعرض البنك السويسري تسعة مليارات دولار. وطرح بنك استراليا المركزي أول عمليات إعادة شراء له على الإطلاق بالدولار الأمريكي وتم على الفور استيعاب 10 مليارات دولار طرحها في السوق المتعطشة للسيولة بسعر 3.165 بالمائة، وهو أعلى بكثير من أدنى سعر شراء وهو 2.35 بالمائة. * وفي كوريا الجنوبية قالت وزارة المالية أنها ستضخ عشرة مليارات دولار، أو أكثر في السوق المحلية حتى منتصف أكتوبر لتجنب نقص التمويل بالدولار. * ساركوزي: أزمات أسواق المال الأميركية وضعت نهاية للاقتصاد الرأسمالي * قال الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزى" إن حالة الاضطراب الاقتصادي التي أثارتها أزمات أسواق المال الأميركية وضعت نهاية لاقتصاد السوق الحر، في حين دافعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بقوة عن النظام الرأسمالي. * ويرى ساركوزي أن تصورا معينا عن العولمة يقترب من نهايته مع أفول رأسمالية مالية فرضت منطقها على الاقتصاد بأسره وساهمت في انحراف مساره. * وقال الرئيس الفرنسي في خطاب حول السياسة الاقتصادية لبلاده ألقاه في مدينة تولون الفرنسية، إن "فكرة القوة المطلقة للأسواق ووجوب عدم تقييدها بأي قواعد أو بأي تدخل سياسي كانت فكرة مجنونة، وفكرة أن الأسواق دائما على الحق كانت فكرة مجنونة". * وطالب بإصلاح النظام الرأسمالي العالمي بعدما كشفت الأزمة المالية الحالية عن ثغرات خطيرة في الأنشطة المصرفية العالمية، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى البدء في التفكير في سياسة نقدية جديدة. * وتوقع ساركوزي أن تؤثر فوضى الأسواق المالية في الولاياتالمتحدة على الاقتصاد الفرنسي لشهور بحكم اندماجه في الاقتصاد العالمي، لكنه وعد بألا يخسر أحد في فرنسا ودائعه المصرفية. * وقال ساركوزي إن الدولة الفرنسية ستضمن أمن واستمرارية النظام المصرفي والمالي في البلاد في حال تعرضها لخطر بسبب الأزمة المالية التي تضرب الولاياتالمتحدة. * وأضاف أن المدخرين في فرنسا لن يدفعوا ثمن أخطاء المسؤولين ومجازفة أصحاب الأسهم، لكنه يرى أن قدرة المواطنين الشرائية ستتأثر سلبا بما يحدث في الولاياتالمتحدة. * في المقابل وفي مناسبة مختلفة دافعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بقوة عن الرأسمالية، مؤكدة أنها تحافظ على تأثير إيجابي حتى لو أن الأزمة المالية كشفت عن مشاكل في النظام الراهن. * وقالت رايس في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن الرأسمالية نظام اقتصادي مسؤول عن معظم التقدم الحاصل في مختلف المجالات في العالم، لأنه يتيح للناس تحسين ظروف حياتهم، واعتبرت أنه لا يوجد أي بديل عن الرأسمالية. * الكونجرس يتفق على أسس خطة الإنقاذ المالي * اتفق الديمقراطيون والجمهوريون في الكونجرس الأميركي الخميس على أسس خطة الإنقاذ المالي التي أعدتها إدارة الرئيس جورج بوش للتغلب على الأزمة الحالية، التي عصفت بأسواق المال الأميركية وامتدت آثارها إلى الأسواق العالمية. * وقال رئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور كريستوفر دود إن مفاوضي مجلسي النواب والشيوخ "توصلوا إلى اتفاق أساسي" بشأن مجموعة مبادئ إرشادية لمشروع قانون. * وأوضح أن المبادئ تمنح وزير الخزانة هنري بولسون "السلطة والتمويل اللذين يحتاج إليهما للتحرك" مضيفا أن الكونجرس سيتحرك في غضون الأيام القليلة القادمة لإقرار مشروع القانون. * كما أشار دود إلى أنه بعد مفاوضات حاسمة بين البرلمانيين الديمقراطيين والجمهوريين سيعمد المفاوضون من كلا الجانبي إلى إحالة نص اتفاقهم على زملائهم ومسؤولي وزارة الخزانة. * وقال النائب الديمقراطي عن ولاية ماساشوستس بارني فرانك رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب إن هناك مباحثات جدية حول نقاط محددة في الخطة، "وقد توصلنا إلى نوع من الاتفاق حول معظم هذه النقاط المهمة". * كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست على موقعها الإلكتروني أن كبار الأعضاء الديمقراطيين والجمهوريين في لجنتي المصارف والخدمات المالية في مجلس النواب قالوا إنهم تمكنوا من التوصل إلى اتفاق حول العديد من المسائل التي كانت موضع خلاف بينهم حول خطة الإنقاذ المالي. * وتأمل الإدارة الأميركية بأن تؤدي الخطة التي تبلغ قيمتها 700 مليار دولار إلى إنقاذ أسواق المال الأميركية من الانهيار بسبب الأزمة المالية الحالية، التي أثارت مخاوف من انجراف الاقتصاد الأميركي إلى حالة من الكساد مشابهة للكساد الكبير الذي حدث عام 1929 عندما انهارت البورصة الأميركية. * * الجزائر ليست بعيدة عن مخاطر الأزمة المالية العالمية * * أما في الجزائر، فقد دعا محافظ بنك الجزائر محمد لقصاسي الأسبوع الماضي إلى ضرورة اتخاذ المزيد من الحذر بسبب الخسائر الجمة التي تكبدتها البنوك في الولاياتالمتحدة وأوروبا ، بينما لم يوضح ذات المتحدث الإجراءات الواجب اتخاذها في مثل هذه الأزمات العالمية و التي ألقت بظلالها على جميع الأسواق المالية الدولية، خاصة وأن المؤشرات المالية تشير إلى تسجيل المزيد من الخسائر على مستوى البنوك الأمريكية والأوروبية نتيجة تسجيل أسهم مجموعات بنكية وشركات تأمين عملاقة لخسائر غير مسبوقة. * وتشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الجزائري ليس في مأمن عن الآثار السلبية التي لحقت البنوك المركزية في مختلف أرجاء العالم خصوصا وأن ودائع الجزائر الموجود في البنوك الأمريكية تفوق 130 مليار دولار ، وهو ما يحتم على المسؤولين في العاصمة الجزائر الإسراع في وضع إستراتيجية بعيدة المدى لتجنب أثار الأزمة المالية الدولية.