أجواء غير عادية عاشها، أمس، المقر الوطني لحزب جبهة القوى الاشتراكية ال"أفافاس"، في انتظار وصول جثمان زعيمه التاريخي الراحل حسين آيت أحمد، حيث اصطفت جموع المواطنين والمتعاطفين على أبواب مقر الحزب، وفي ساحته وعلى طول شارع سويداني بوجمعة المؤدية إلى المقر وعلى أبوابه وفي ساحته. كل الأمر كانت تشير إلى أن أمرا غير عادي يحدث في مقر حزب الأفافاس، حيث تواجد أفراد الشرطة منذ الساعات الأولى، ونصبت الحواجز الحديدية على حافتي شارع سويداني بوجمعة المحاذية لمقر الأفافاس، وعمدت مصالح بلدة المرادية إلى توفير كراس للموطنين للجلوس على طول الرصيف. ولجأت شرطة المرور إلى غلق شارع سويداني بوجمعة في وجه حركة المرور من تقاطع "لاكولون" باتجاه مبنى التلفزيون، وأبقت على السير في اتجاه واحد، وتم تحويل مرحة المرور عبر بلدية المرادية، فيما تم تجنيد العديد من أفراد الشرطة للسيطرة، وتنظيم حركة المرور. واصطفت حافلات تم تجنيدها لنقل المعزين إلى المطار. وكما جرت عليه العادة منذ أن بلغ نبأ وفاة الزعيم التاريخي، حسين آيت أحمد، تم إطلاق آيت من الذكر الحكيم في مبنى المقر الوطني، وتم تنظيم الحركة بالداخل بواسطة الحواجز المعدنية للشرطة، كما وجد ممثلو وسائل الإعلام صعوبات في الحصول على شارات التغطية الخاصة بهم، حيث سمح فقط بدخول المصورين، خصوصا في ظل الحضور المكثف لممثلي وسائل الإعلام وخاصة القنوات التلفزيونية، ونظرا للحشد الشعبي الكبير الذي توافد على المقر الوطني للحزب.
حافلات وسيارات من مختلف الولايات وصعوبات في ركن المركبات وخلال تواجدنا بعين المكان توافدت عديد الحافلات من شتى أنحاء الوطن، والتي جلبت جموع المعزين من المناضلين والمتعاطفين، وشوهدت حافلات بترقيم ولايات تيزي وزو وبجاية وغرداية وعين الدفلى، فيما وجد المواطنون الذين قدموا من مختلف الولايات صعوبات في ركن سياراتهم، بعد أن امتلأت كافة الشوارع والطرقات القريبة من المقر. ورصدنا، منذ صبيحة أمس، حضورا محتشما للشخصيات الرسمية والسياسية، حيث حل بالمقر عن حزب الأفلان الوزير الأسبق جمال ولد عباس والصادق بوقطاية، ثم حل القيادي عبد الرحمن بلعيط، وحل لاحقا المنشق عن الأرسيدي علي براهيمي وعلي بن واري وآخرون. وأقام المنظمون خيمة صغيرة في ساحة المقر الوطني للأفافاس، وضعت تحتها طاولة لتحتضن جثمان الفقيد، تحسبا لإلقاء النظرة الخيرة عليه من طرف المواطنين والمناضلين، وتم إحاطتها بالحواجز المعدنية للشركة من أجل الإبقاء على التنظيم خلال إلقاء النظرة الأخيرة، خصوصا أن باب المقر عرف نوعا من التزاحم للوصول إلى سجل التعازي. وبمرور الوقت، تزايدت أعداد الحشد الشعبي الذي استمرت في التوافد على المقر الوطني للأفافاس، خصوصا بعد الساعة الثالثة زوالا وقرب وصول جثمان الراحل إلى أرض الوطن، ولم يخل حديث المناضلين والمتعاطفين والمواطنين على حد سواء من استذكار مناقب الرجل، ومواقفه التي ثبت عليها لسنين طويلة.
فوضى عند مدخل المقر والسبب زهية بن عروس في حدود الساعة الثالثة والنصف عمت الفوضى مدخل المقر الوطني، بعد أن سمح للسيناتور زهية بن عروس بالدخول فيما منع مواطنون عاديون من الدخول، وهو ما تسبب في حدوث فوضى وتزاحم عند مدخل المقر. وامتد الحشد بسبب الفوضى إلى الطريق، وأثر على السير العادي لحركة المرور، وسط محاولات المنظمين السيطرة على الوضع، ووصل الأمر إلى استعمال مكبر الصوت ومخاطبة الحضور بالعربية والأمازيغية والفرنسية في محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها، فيما لجأ المناضلون والموطنون لتكوين سلسلة بشرية بوضع اليد في اليد تفاديا لانزلاق الأمور. واستدعت الفوضى التي حدثت على مدخل المقر استدعاء قوات الشرطة للمزيد من التعزيزات بغية الحفاظ على النظام، حيث تم تكوين سلسة بشرية مزدوجة من أعوان الشرطة على حافتي شارع سويداني بوجمعة المحاذي للمقر، ما أعاد الأمور إلى نصابها.
هدوء قبل وصول الجثمان خيم هدوء غريب على مقر الأفافاس وشارع سويداني بوجمعة لحظات قبل وصول جثمان الراحل حسين آيت أحمد، خصوصا بعد أن تلقى الحضور اتصالات من المطار تفيد بقرب وصول الموكب الجنائزي، خصوصا بعد أن سمع هدير محركات المروحية التي حلقت في الأجواء، والذي كان إيذانا بوصول جثمان الفقيد. وخلال هذه اللحظات، شوهد رفيق الدا الحسين المجاهد لخضر بورقعة، وهو يهم بدخول مقر الحزب، حيث بدا التأثر والحزن واضحين على محيا "عمي" لخضر" الذي دخل مقر الحزب دون أن يلتفت يمينا ولا شمالا. وبدا الفضول واضحا على العائلات المقيمة على حافة شارع سويداني بوجمعة، حيث التفت العائلات في النوافذ والأسطح لمتابعة الأجواء، والتقاط الصور والفيديوهات.
وصول الجثمان وإطلاق الزغاريد والأغاني المعارضة في حدود الخامسة مساء، وصل الموكب الجنائزي عبر تقاطع لاكولون قادما من الطريق السريع للمطار، حيث تقدمته الدرجات النارية للدرك الوطني وسيارات رباعية لفرق البحث والتدخل التابعة للشرطة، وعدة حافلات فيما كان جثمان فقيد الجزائر على متن سيارة إسعاف للحماية المدنية. وبمجرد وصول الموكب حتى تعالت الزغاريد من النسوة داخل المقر، فيما شرع المناضلون والمتعاطفون في التصفيق، قبل أن يشرعوا في ترديد عبارات الله اكبر.
وشرع مناضلون من الأفافاس ومتعاطفين ومشيعين في ترديد الأغاني، مباشرة بعد إخراج نعش الراحل من سيارة الإسعاف للحماية المدنية، ورددوا أغاني على شاكلة "أس آزكا الحسين يلا يلا أسا أزكا الأفافاس يلا يلا"، ولم تخل الأغاني من تلك المعارضة التي لطالما كانت شعار للحزب، على غرار "سي الحسين ما زالنا معارضين سي الحسين"، و"جزائر حرة ديمقراطية".